أسماء الحسيني (القاهرة- الخرطوم)
ثار لغط وجدل واسع أمس في السودان حول إصرار الحركة الشعبية لتحرير السودان جناح عبد العزيز الحلو على مطلب علمانية الدولة، ومطالبتها بخيار حق تقرير المصير في المناطق التي تتواجد بها في ولايتى النيل الأزرق وجنوب كردفان إذا أصرت الحكومة الانتقالية في السودان على القوانين الحالية.
وكانت الحركة قد أعلنت في ختام الجولة الأولى من المفاوضات في جوبا عاصمة جنوب السودان أن تحقيق السلام في السودان ممكن بشرط أن تكون هناك إرادة سياسية حقيقية، وأن تكون الحكومة الانتقالية لديها ولاية حقيقية لتمكينها من معالجة الأسباب الأساسية للمشكلة واتخاذ قرار تاريخي لإنهاء الحرب في السودان مرة واحدة وإلى الأبد.
وأكد جاك محمود، المتحدث الرسمي باسم الحركة ووفدها المفاوض، إصرار الحركة على مواصلة التفاوض من أجل وضع نهاية للحرب في السودان وتحقيق سلام عادل وشامل ومستدام. وشدد في الوقت ذاته على إصرار الحركة على العلمانية والفصل بين الدين والدولة بوصفها مبدأ لتأسيس الديمقراطية بالسودان، مشيراً إلى أن تقرير المصير سيظل حقاً إذا أصرت الحكومة الانتقالية على الحفاظ على القوانين.
وقد تباينت ردود الأفعال حيال خيارات حركة الحلو، حيث قال ياسر عرمان، الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان جناح مالك عقار، لـ«الاتحاد» إن شعار تقرير المصير حق ديمقراطي، لكن حق تقرير المصير الإثني والجغرافي لن يخدم قضايا الهامش، بقدر ما يخدمها النضال من أجل سودان موحد وديمقراطي قائم على المواطنة بلا تمييز، وهو جزء من النضال من أجل وحدة أفريقيا.
وقال الناشط السوداني محمد عثمان الفاضلابي لـ«الاتحاد» إن خيارات حركة الحلو منطقية، ويجب دعم وقبول مطلب الدولة العلمانية حتى لا يتفكك السودان، ويتم حفظه من التشظي والانقسام.
وقال الناشط السوداني محمود طاهر إنه يجب الاعتراف بالتنوع والتعدد في الدولة السودانية، ومخاطبة جذور المشكلات وقبول الآخر، والحل سيكون في السودان الجديد المبني على العدالة.
ويرى البعض أنه لا يجوز فرض الرأي، وأن هذا الأمر يجب أن يترك للمؤتمر الدستوري المزمع عقده، حتى تأخذ القرارات صفة الإجماع، فيما يرى سياسيون وناشطون أن هذا الأمر ابتزاز يسير بأجزاء من السودان نحو الانفصال.
وفي هذه الأثناء، قالت مصادر مطلعة بالحركة الشعبية جناح مالك عقار لـ«الاتحاد» أن الحركة انخرطت في تشكيل عدد من اللجان الخاصة بالتحضير للجولة الثانية من المفاوضات، كما شكلت عدداً من اللجان التنظيمية الأخرى.
وكشفت مصادر بحركة العدل والمساواة لـ«الاتحاد» عن أن الحركات المسلحة بدارفور طلبت العودة للمفاوضات بعد 45 يوماً وليس شهراً كما هو مقرر، نظراً لوجود عدد كبير من الحركات في المسار الخاص بدارفور، وهو ما يحتاج إلى فترة زمنية أطول لتوحيدها وتكوين وفد مشترك، والاتفاق على موقف تفاوضي واحد.
وفي الخرطوم، أعلن كل من الاتحاد الأوروبي وبرنامج الغذاء العالمي أمس دعمهما للحكومة الانتقالية وللمناطق المتأثرة بالحرب والنزاعات في السودان.
وقال فان دن دوول، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في السودان، إن الاتحاد سيدعم الحكومة الانتقالية، وسيقدم الدعم في مجال المساعدات الإنسانية للمناطق المتأثرة بالحرب والنزاعات، وذلك خلال لقائه مع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، الذي امتدح موقف الاتحاد الأوروبي الداعم لإنجاح الفترة الانتقالية، مؤكداً حرص السودان على الانفتاح على العالم الخارجي، والعودة للأسرة الدولية بالكامل.
ومن جانبه تعهد ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، بدعم الحكومة الانتقالية والشعب السوداني. وقال بيزلي بعد لقائه رئيس الوزراء السوداني إن هذا «فجر جديد للسودان»، البلد الذي يمكن أن يؤثر إيجابياً على مستقبل المنطقة بأسرها. وأضاف أن برنامج الغذاء العالمي على استعداد تام لدعم الحكومة والشعب السوداني في هذه اللحظة التاريخية.
وفي غضون ذلك، أعلنت السلطة القضائية في السودان أمس فتح الباب لعودة القضاة الذين تم فصلهم تعسفياً خلال عهد الرئيس السوداني المعزول عمر البشير. ودعت السلطة القضائية في بيان نشر أمس في الصحف السودانية القضاة الراغبين في إعادة خدمتهم إلى تقديم طلباتهم للمكتب التنفيذي في فترة لا تتجاوز شهراً من تاريخ الإعلان، واستثنى القرار القضاة الذين أحيلوا للتقاعد لبلوغهم سن المعاش الإجباري.
ومن ناحية أخرى، أعلنت السلطات السودانية عزمها افتتاح معبر حدودي جديد مع دولة جنوب السودان، وذلك في منطقة الميرم التي تقع في ولاية غرب كردفان.