الثلاثاء 29 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 36 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللغة العربية.. مسؤولية مشتركة بين الأسرة ومؤسسات التعليم في مختلف المراحل

اللغة العربية.. مسؤولية مشتركة بين الأسرة ومؤسسات التعليم في مختلف المراحل
29 يونيو 2013 20:23
ترتبط اللغة العربية بالوجدان وتحلق في كينونة النفس، على الرغم من أن حوارات الناس في الشوارع ، وكلامهم في البيوت وسرائرهم في المجالس تنطلق باللهجات العامية التي تتوازى مع الفصحى دون أن تتنافس معها، أو تطمح إلى أن تحل محلها، لأن العرب في كل العصور يدركون أهمية اللغة العربية ومكانتها، ولم يزل الكثير من الآباء يشدون من أزر أبنائهم، ويضبطون إيقاع لغة الضاد على ألسنتهم بطرائق مختلفة، خوفاً على لغة القرآن من أن تضيع من صدور هذه الأجيال الجديدة الغضة، التي لم تخبر الحياة، ولم تبلو بها مثل أبناء الجيل السابق، وهو ما يضع مسؤولية كبيرة على كل أب وأم في ضخ دماء العربية في عروق الأبناء، بالتوازي مع ما تقدمه المدارس والجامعات من وجبات لغوية في بعض الأحيان لا تسمن ولا تغني من جوع. (أبوظبي) - رغم الجهود الرسمية الضخمة المبذولة لوضع اللغة العربية في المكانة اللائقة بها، وتسخير امكانيات ضخمة لتحقيق هذا الهدف، إلا أن الدور الأساسي في هذا الصدد، يقع على عاتق اثنتين من أهم المؤسسات في المجتمع، هما المدرسة والأسرة. وتتكامل مهام المؤسستين بصورة كبيرة لزرع حب ومهارات اللغة العربية في نفوس الأبناء منذ الصغر .. لكن الأمر ينطوي على تحديات كبيرة ، ويحتاج إلى شروط ضرورية. طرائق ومناهج يقول الدكتور صلاح فضل عضو لجنة تحكيم برنامج «أمير الشعراء» إن اللغة العربية «لم تكف يوماً عن أن تكون لغة حياة في مستوياتها الثقافية والفكرية والإبداعية العليا لكن ما كان ينقصها ويعوق انطلاقها بسلاسة على ألسنة أطفالنا وتلاميذنا وأبنائنا هو أن نعرف كيف نعلمها لهم وندربهم عليها ونستحدث من طرائق ومناهج التعليم والتربية ما يجعل ذلك أمراً تلقائياً ميسوراً كما يحدث في كل اللغات الحية وهذه هي الإضافة الحقيقية التي طالعتنا بها مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله» وتقريرها الضافي عن تنمية الإمكانات المنهجية وترشيد الطرائق العلمية لتعليم اللغة العربية لأبنائها أولاً ولغير الناطقين بها ثانياً، أما الجانب الآخر الذي لا يزال يحتاج إلى رعاية خاصة هو استكمال المبادرات الكبرى لتغطية هذا الجانب فأحسب أنه يتعلق بالدرجة الأولى بضرورة تكييف اللغة العربية الفصحى مع التقنيات الرقمية الحديثة وتطور وسائل أدائها وتسجيلها نطقاً وكتابة في أجهزة التواصل الاجتماعي المحدثة حتى لا تتعثر دروبها ولا تنقص من حيويتها ولا تخذل الشباب خصوصاً عندما تدفعهم الحمية القومية والحماس الوطني لاستخدامها . التطورات الرقمية ويتابع الدكتور صلاح فضل «أذكر أنه منذ عامين تقريباً دعا الديوان الأميري للفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة علماء اللغة العربية في الوطن العربي وبذل المكتب الاستراتيجي جهداً خلاقاً في فرز مراكز تعليم اللغة العربية في الجامعات الأوروبية والأمريكية ، ودعا نخبة كبيرة من العلماء والمتخصصين -وكنت بينهم- سواء من أصول عربية أو غربية لعقد حلقة بحثية عن أوضاع اللغة العربية الراهنة والبحوث التي تجري عليها في مختلف المراكز لتطويعها، وتيسير عمليات الترجمة الرقمية والتصويب والكتابة ، بخاصة أن بعض الشركات العالمية امتنعت عن تمويل مثل هذه الأبحاث الخاصة باللغة لأن عائدها التسويقي لا يكافئ ولا يغطي تكلفتها المادية ،فأصبح من المتعين على الغيورين على هذه اللغة وأصحاب النخوة القومية أن يطلعوا هم بهذه المهمة ، وبعد عقد هذه الورشة وصلنا إلى توصيات محددة بتشكيل مجلس علمي أو مركز عالمي يتولى مسؤولية تطوير تقنيات اللغة العربية وتكيفها مع وسائل الاتصال الجماعي واستقر الأمر على إعطاء هذه المبادرة صيغة مؤسسية مقرها العاصمة الإماراتية أبوظبي، يتعاون فيها كبار علماء المشرق والمغرب من المهتمين بقضايا العربية، وأحسب أنه آن الأوان للإعلان عن هذا المشروع، بخاصة أنه يتقاطع مع المشروعات الأخرى التي تتبنى أن تكون الضاد لغة حياة، بل يتكامل معها ويطمح إلى أهداف استراتيجية، تتجاوز مشكلة التعليم بالتقنيات الحديثة، وفي تقديري أن بعث هذا المشروع بالمستوى الذي بدأ به يمكن أن يشكل نقلة حقيقية لمواءمة اللغة العربية مع تحديات التطورات الرقمية الحديثة». الحفاظ على الهوية ومن جهتها تقول مدير إدارة المناهج بمجلس أبوظبي للتعليم الدكتورة كريمة المزروعي «يولي مجلس أبوظبي للتعليم أهمية كبيرة لتطوير تعليم اللغة العربية وتعلّمها؛ حيث يقدم الدعم المباشر للمعلم والطالب والمدير وولي الأمر من خلال المشروعات التي لها دور فعال في تعزيز دور اللغة العربية في الحفاظ على الهوية، وتحبيبها لدى الأطفال من سن الروضة فما فوق». وتضيف مديرة المناهج: من ضمن المبادرات والأنشطة التي قدمها المجلس ، الانتقال من التعليم المتمركز على الكتاب المدرسي إلى التعليم المعتمد على المعايير الدولية للغة العربية من صف الروضة حتى الصف الثاني عشر، وكذلك تطبيق مشروع التقويم المستمر عبر النصوص «تمعن» الذي يشجع على التفكير الناقد والتفكير الإبداعي وحلّ المشكلات، ويركز على المهارات والجوانب الوظيفية للغة، ويسعى إلى توسيع ثقافة الطالب من خلال تعريفه بالمؤلفات والكتب العربية عبر نصوص من أجناس قرائية متعددة، ويعنى بالأنشطة التي تتمحور حول الطالب، ويقترح تطبيق استراتيجيات من شأنها تحفيزه على ممارسة أنشطة كتابية وقرائية تضع في الاعتبار إعداد التصاميم وبناء النماذج والأشكال وكتابة البحوث والتقارير، والقصص والرسائل وفق أسلوب منهجي وعلمي يراعي التوثيق والتنظيم، ويجدد أدوات القياس والتقويم، بما يضمن التنوع والشمول والموضوعية، ويبتعد عن الانطباع والذاتية في تقويم أعمال الطلبة، ويدخل مفهوم البحث العلمي في مناهج اللغة العربية، وينشر ثقافة البحث بين الطلبة. ويوفر المجلس أيضا دليل المعلم للنموذج المدرسي الجديد الذي يرتكز على مهارات القرن الـ 21، ونموذج الإسناد التدريجي للمسؤولية في تعليم الأطفال، وكذلك الاهتمام بتوظيف برنامج اللغة المتوازن، والتواصل والعمل الجماعي وإعداد الطالب لتحمل المسؤولية التامة في المستقبل،فضلاً عن توفير المصادر المساندة والمساعدة على تطبيق وتفعيل معايير اللغة العربية في المدارس. وتتابع الدكتورة كريمة المزورعي: تتميز هذه المصادر بالتنوع إذ تشمل القصص والكتب غير السردية، والمعاجم والموسوعات، والمصادر الإلكترونية التي من شأنها أن تساعد معلم اللغة العربية على توظيف مهارات اللغة العربية وفق النموذج المدرسي الجديد، واتبع المجلس سياسة إشراك ولي الأمر في العملية التعليمية، حيث أصدر دليل أولياء الأمور في التدريس القائم على المعايير. هذا بالإضافة إلى توفير التطوير المهني المستمر لمعلم اللغة العربية مثل برنامج المدرب اللغوي، وإطلاق العديد من المشروعات والحملات والفعاليات التي من شأنها أن تنشر الوعي بأهمية اللغة العربية مثل حملة «أبوظبي تقرأ»، ومشروع السجلات القرائية التي تقيس مدى تقدم طلبة الحلقة الأولى في مهارة القراءة والوقوف على المشكلات التي تواجههم في تعليم القراءة. ، مشاريع مستقبلية لدعم المهارات اللغوية تقول مدير إدارة المناهج بمجلس أبوظبي للتعليم الدكتورة كريمة المزروعي: إن هناك جملة من المشاريع المستقبلية التي ستسهم في دعم اللغة العربية، مثل: مشروع إعداد دليل معلم اللغة العربية في تفعيل معايير اللغة للحلقة الأولى وكذلك الحلقة الثانية وهو مشروع سيتم على عدة مراحل تبدأ بشرح معايير اللغة العربية للمعلم، مع توفير الأنشطة التعليمية المناسبة لكل معيار، ثم اختيار النصوص القرائية التي تحقق المعايير، وكذلك تدريب المعلم على التخطيط القائم على المعايير، وبرنامج التطوير المهني المستمر لمعلمي اللغة العربية والمستند على معايير اللغة العربية حيث تخصص جلسات تدريبية في كل شهر وفق المهارة اللغوية التي يتطلبها الميدان.والزيارات الميدانية للمدارس لمتابعة أثر التدريب، وتشخيص احتياجات المعلمين من التدريب والدعم، وتنظيم الملتقى السنوي لمعلمي اللغة العربية ضمن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية والذي يصادف 18 ديسمبر من كل عام. فضل مبادرات اللغة على الآباء يعترف إبراهيم المرزوقي -موظف بدائرة الماء والكهرباء في أبوظبي- بأنه علم أولاده أصول اللغة العربية كما ينبغي بشكل خاص لأن المدارس لم تفدهم في شيء. ويقول «اللغة الإنجليزية خلبت قلوب وعقول طلاب المدارس والجامعات، والذي لا يجيد التحدث بها يصبح بين زملائه مثار سخرية، وعلى الرغم من أنني أدرك جيداً أهمية هذه اللغة في هذا العصر وارتباط اتقانها بسوق العمل، وتوافر الفرص إلا أنني وجدت أن لغة العرب التي هي مصدر فخارهم وعزهم هي الأولى بأن يتقنها أولادي أولا ،ومنذ أن شب أولادي عن الطوق وأنا أعتني بهم وأعطيهم دروساً في النحو والصرف حتى استطعت أن أنمي لديهم الذائقة اللغوية وكل أولادي يحفظون والقرآن الكريم والشعر ، وهم لا ينقطعون عن القراءة ويتنافسون على من يقرأ الكتب الجديدة التي أحضرها معي بشكل أسبوعي من المكتبات». ويلفت المرزوقي إلى أن مبادرات اللغة العربية أيقظت الآباء من غفوتهم، حيث بادر الكثير من الأصدقاء للبدء في عملية ترميم هذه اللغة في نفوس أبنائه وهو ما يؤكد أن كل نم يهدف إلى بناء جسور اللغة في بلادنا سيجد صدى كبيراً من الناس. مقترح لطرح تخصص فرعي في مهارات اللغة العربية أما أستاذ اللغة العربية بجامعة الإمارات الدكتورة هدى عبد الله سالم فتبين أن قسم اللغة العربية بالجامعة يتقدم بمقترح لطرح تخصص فرعي في مهارات اللغة العربية، بالنظر إلى أن طلبة الجامعة في حاجة إلى تمكين حقيقي في اللغة العربية، يؤهلهم تأهيلا قويا متماسكا لاستخدام العربية في مواقف التواصل المختلفة التي قد يواجهونها في مواقع العمل المختلفة، فضلاً عن أن التمكن اللغوي ينعكس بقوة على شخصية المتعلم، ويرسخ ثقته بنفسه، ويحسّن أداءه ويرفع من مستوى ذكائه الاجتماعي التواصلي، مما يعدّ سببًا يلتفت إليه عند توظيف الطالب في أي مجال يتقدم إليه، وعليه فإن قسم اللغة العربية يتقدم بهذا المقترح لطرح هذا التخصص الذي يتكون من سبعة مساقات يختار الطالب ستة مساقات منها، وهي مهارات متقدمة في الاستماع والمحادثة والقراءة والكتابة والكتابة الوظيفية وتقول الدكتورة هدى عبد الله سالم :يركز هذا البرنامج على تنمية مهارات الطالب اللغوية وصقلها، بهدف رفع قدراته التواصلية باللغة العربية في المواقف المختلفة التي يحتاجها في حياته العملية، وتمكينه من تطبيق استراتيجيات متقدمة في مواقف التواصل اللغوي الشفوية والكتابية، وتدريبه على استخدام أدوات ووسائل متنوعة لرفع مستوى مهاراته اللغوية وقدرته على التلقي الذكي والتحليل والحوار والمناقشة والتواصل الناجح. وتضيف :يتوجه هذا البرنامج إلى جميع طلبة الجامعة من جميع التخصصات ويحقق فوائد عملية أساسية يحتاجها الطالب في كل مواقع العمل على اختلافها؛ إذ يحتاج الطالب إلى امتلاك مهارات متقدمة في لغته الأم في أي وظيفة وفي أي مجال من مجالات العمل فضلاً عن أن البرنامج يطبق استراتيجيات مختلفة لفهم النصوص المسموعة والمقروءة والحكم عليها،يقرأ النصوص، على اختلافها، قراءة صحيحة، مؤدية للمعنى، ومؤثرة في المتلقي، ومناسبة لطبيعة النص ومناسبته، ويستخدم تقنيات وطرقاً مختلفة، بحسب الموقف والهدف والمتلقي لإنجاح التواصل الشفوي مع الآخرين ،ويحلل النصوص المسموعة والمقروءة وما تتضمنه من مواقف ووجهات نظر وآراء، وينقدها، ويوضح نقاط القوة والضعف فيها مستنداً إلى معايير علمية وموضوعية،وينتج نصوصاً مكتوبة، بحسب الموقف والهدف والمتلقي، تتمتع بالصحة والتماسك والقدرة على الإقناع،ويوظف معرفته، ومعلوماته، وثقافته الشخصية بنجاح في مواقف التواصل المختلفة، ويستخدم استراتيجيات مختلفة للإقناع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض