أسماء الحسيني (القاهرة، الخرطوم)
أعلنت لجنة الوساطة بجنوب السودان في مفاوضات السلام السودانية، أمس، تعليق الجولة الأولى من المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة لمدة شهر، لمنح الأطراف المفاوضة وقتاً للتشاور. وقالت اللجنة في بيان، أمس، إنها سترفع الجولة الأولى من المفاوضات، إلى 21 من الشهر المقبل، وذلك لإعطاء الوقت الكافي للأطراف لتقوم بإجراء مشاوراتها اللازمة. وأضافت اللجنة التي يرأسها توت قلواك، مستشار رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، أن الأطراف السودانية استطاعت خلال جولة المباحثات الأولى التي انطلقت قبل أسبوعين بجوبا أن توقع على عدد من الوثائق المهمة.
وأوضحت اللجنة أن من بين الوثائق الموقعة، إعلان وقف العدائيات والإعلان السياسي بين الحكومة السودانية و«الجبهة الثورية»، وكذلك الاتفاق على ملفات التفاوض والقضايا السياسية والإنسانية بين الحكومة السودانية و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة عبدالعزيز الحلو.
وأكدت لجنة الوساطة أن تحقيق السلام في السودان أصبح ممكناً لإنهاء الحرب الطويلة.
ومن جانبه، أعلن المجلس السيادي السوداني، اتفاق الحكومة والحركة الشعبية -بقيادة الحلو- على تعليق التفاوض إلى موعد لاحق تحدده الوساطة، وذلك عقب تسليم الحركة ردها على الوثيقة التي قدمها وفد الحكومة بشأن خريطة الطريق للتفاوض حول الملفات والقضايا محل التفاوض.
وكان وفدا الحكومة السودانية وحركة الحلو قد عقدا جلسة مفاوضات أمس بشأن خريطة الطريق للتفاوض برئاسة الفريق شمس الدين كباشي من الجانب الحكومي، ومن جانب الحركة أمينها العام عمار آمون، وحضرها توت قلواك، رئيس لجنة الوساطة الجنوبي، واتفق الطرفان في نهاية الجلسة على رفع التفاوض بين الجانبين إلى وقت لاحق تحدده الوساطة. وأعلن محمد الفكي سليمان، عضو مجلس السيادة، المتحدث باسمه، عضو لجنة التفاوض الحكومية، أن الرغبة في التوصل للسلام متوافرة لدى الجبهة الثورية والحركة الشعبية بقيادة الحلو، وأن الطرفين يتمتعان بقدر كبير من المسؤولية، وقد قدمنا لهما الشكر على ما تحليا به من روح إيجابية.
فيما قال ياسر عرمان، نائب الأمين العام للجبهة الثورية، إن الاتفاق الذي تم توقيعه بين الجبهة الثورية والحكومة السودانية مهم، وسينقل المفاوضات إلى مرحلة جديدة، حيث قبلت الحكومة ولأول مرة أن تصل المساعدات الإنسانية من داخل وخارج السودان، الأمر الذي رفضته الحكومة الديكتاتورية السابقة لمدة زادت عن السنوات الثماني، كما أن هذا الاتفاق يعد تمهيداً للدخول في المفاوضات حول القضايا الموضوعية.
وأشار عرمان إلى أن الروح التي سادت المفاوضات كانت إيجابية وجيدة، وهنالك شراكة، وأن الاستكمال الحقيقي للثورة هو بتحقيق السلام الشامل في السودان. وأضاف: «إن السلام قضية رئيسة، وإنه لا يمكن تصفية دولة التمكين الإسلاموي من دون سلام، كما لا يمكن بناء دولة مدنية دون سلام».
وقال خبراء ومحللون سودانيون لـ«الاتحاد» إن هناك تقدماً ما يحدث في المفاوضات، لكنه يتم ببطء. وكشفت مصادر مطلعة شاركت في المفاوضات لـ«الاتحاد» عن تباين كبير بين وجهتي نظر الحكومة السودانية والحركة الشعبية جناح الحلو بشأن خريطة طريق المفاوضات. وأضافت المصادر: «إن رفع التفاوض ينبئ عن صعوبات وتعقيدات لا يستهان بها».
ومن جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي السوداني تاج السر حسين لـ«الاتحاد» إن الثورة السودانية أرست واقعاً جديداً، وغيرت مفاهيم قديمة تتلخص في أن التغيير يمكن أن يتم عبر اتباع الوسائل السلمية، وأكد إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام شامل وعادل ينتظره أهل السودان كافة رغم «المطبات» والمعوقات، إذا صدقت النوايا من جميع الأطراف.
وعلى صعيد آخر، وقع السودان وجنوب السودان، أمس، بالأحرف الأولى على خرائط ترسيم الخط الحدودي المتفق عليه بين البلدين، عقب اجتماعات عقدت في الخرطوم على مدى 10 أيام. وقال داريوس قرنق وول، رئيس اللجنة الفنية من جانب جنوب السودان، إنه تبقت نقطتان سيتم حسمهما في الاجتماع المقبل بين الطرفين في أديس أبابا. جدير بالذكر، أن عمل اللجنة المشتركة بين البلدين لترسيم الحدود مستمر منذ سبع سنوات، حيث عقدت أكثر من 120 اجتماعاً منذ عام 2005.
وفي تطور آخر، تعهد فيصل محمد صالح، وزير الإعلام والثقافة السوداني، المتحدث باسم الحكومة، بتوفير الحماية لدور النشر والجهات المشاركة في معرض الخرطوم الدولي للكتاب.
وقدم صالح اعتذاره للفريق العامل في جناح المفكر السوداني الراحل محمود محمد طه بعد تعرض الجناح لهجمات من أحد المتطرفين، ودعا صالح إلى إعلاء الحوار الفكري والسياسي وقبول الآخر، وشدد على رفض السلوك العدواني، وقال إن الفكر يقابل بالفكر والنقاش لا باللجوء إلى العنف. وأكد أن الحكومة ملتزمة بتوفير الأمن داخل وخارج المعرض، وأنها لن تتهاون في ذلك مهما كلف الأمر.