25 سبتمبر 2010 21:10
ينمي الوعي لدى الأطفال بأهمية المال وكيفية إنفاقه من سلوكياتهم الاستهلاكية، ويعلمهم كيف يدّخرون وكيف ينفقون، وكيف يرون الأهل قدوة صالحة في الادخار أو على العكس من ذلك في حالة التبذير! ثمة عديد من الأسئلة حول تعلّم الادخار وترشيد الإنفاق يجيب عنها طارق عبد العزيز الشميري خبير الاتيكيت ومستشار في أكسفورد في هذا الموضوع:
تختلف ثقافة الاستهلاك عند الصغار من بلد لآخر وبحسب نسبة مدخول الفرد في هذا البلد، كما أن ثقافة الاستهلاك تختلف من أسرة لأخرى حسب تربية الأهل ووعيهم، وما قد يخلفه مستقبلاً على حياة الصغير في جميع المناحي.
عوامل عديدة
يشير طارق عبد العزيز الشميري إلى عدة عوامل تساعد على أن يصبح الطفل استهلاكياً أهمها: (التقليد والمحاكاة، وتأثيره بالقدوة، وبخاصة سلوك الوالدين الاستهلاكي. ومستوى الدخل- النقد، فهناك علاقة طردية بين زيادة دخل الأسرة وزيادة الاستهلاك ومساهمة وسائل الإعلام والدعاية، الإعلانات التجارية التي تحمس الأطفال. وتعليم الأب والأم للطفل، ومناقشتهما إياه أثناء اتخاذ القرارات الاستهلاكية خاصة عند اصطحابه إلى السوق. إضافة إلى العوامل النفسية كالغيرة، الشعور بالنقص، وفقدان الحنان”.
تأثر وتأثير
يسترسل الشميري مضيفاً: “الطفل بطبيعته يتأثر بالإسراف لأن كل ما يعرفه الطفل في هذه السن المبكرة هو أنه يريد أن يمتلك أشياء جديدة دون أن يعي الفرق بين ما يحتاج إليه وبين ما يرغب في اقتنائه نتيجة تأثره بالمحيط الذي حوله، وأسلوب تنشئته وتربيته كما أن الطفل دائماً ما يتأثر ويشب على التقليد، تقليد الأبوين، تقليد الإخوة والأخوات، يقول أحد الشعراء “مَنْ يشابه أباه فما ظلم” وكانت العرب تقول: “الولد سر أبيه”، و”كل فتاة بأبيها معجبة”. إن عدوى التبذير يمكن أن تنتقل من الآباء إلى الأطفال، فينمو معهم انعدام الحس بقيمة الأشياء، فلا يحافظون على ألعابهم أو دفاترهم، لأن الطفل يعرف أنه ما دام المال موجوداً، فقليل من البكاء قادر على إعطائه ما شاء. الطفل فرد في أسرة يستهلك الغذاء والملابس واللعب، ومن ثم فهو في حاجة إلى وجود قدوة استهلاكية كالوالدين، حتى أن هناك الكثير من الأطفال أصبحوا يطالبون آبائهم بتوفير بطاقة ائتمان لهم كالتي تحتفظ بها الأم والأب وأنهم يقلدون آبائهم حتى بالحركات، فهناك نمط من الآباء الذين يحبون مناقشة الأسعار مع التاجر فنجد أن الطفل أيضاً يحب تقليد هذه العادة حتى عندما يكبر”.
قدوة استهلاكية
يتحدث الشميري عن ثقافة الاستهلاك عند الطفل وعن القدوة الاستهلاكية في حياته ويقول: “إن وجود القدوة السليمة وخاصة في فترة الطفولة يساعد على سرعة التعلم وغرس العادات والاتجاهات الصحيحة نحو الاستهلاك، إضافة إلى ذلك توفير الفرصة للطفل منذ الصغر للمشاركة في عمليات الاختيار والشراء، مع تعويد الطفل على الاقتصاد والتوفير وهناك جانب آخر ومهم، بحيث ينبغي من الأهل: تدريب الطفل على مقارنة الأسعار مع المطلوب شراؤه وغيره من المنتجات، مع مقارنة الجودة عند اتخاذ القرار بالشراء، ومناقشة الطفل بالمبلغ الذي سيدفع، وهل هو مناسب مع حاجته وميزانيته الشهرية أو اليومية، ومناقشة الطفل عن الوقت الذي ستعمر فيه الحاجة أو اللعبة التي يريد شراءها، وكم نسبة الاستفادة منها، وهل هي لسعادة لحظية أم مستمرة لوقت أطول؟
إدارة المال
يسترسل الشميري معرجاً إلى موضوع مهم يتصل بإدارة الأطفال لنقودهم، يقول بداية: “الأطفال هم فلذات أكبادنا، وهم زينة حياتنا، نفرح لفرحهم ونحزن لحزنهم، هم ابتسامة حياتنا المشرقة، ونور صفحاتها المنيرة، لذا لابد أن نعتني بهم ونرعاهم وننمي مواهبهم ونصقل قدراتهم، ونعتني بثقافتهم.
بلا شك أن كل أب يتمنى أن يرى في ابنه صورة مشرقة لأب الغد، أو ذاك الشاب الطموح الناجح والمميز، لكن عقبات الواقع تقف حائلا بينه وبين ذاك، ما يؤدي إلى رمي حمل الأخطاء على المجهول وعدم التمكن من مواكبة الواقع والتأقلم معه، بل يصل الحال بالأبناء إلى أنهم عبء ثقيل على كاهل رب الأسرة أو الأب، ومن هناك أقول بأنه يجب علينا أن ندرب أطفالنا على التعامل مع المال منذ الصغر، يجب أن نشعرهم بالمسؤولية، ونخلق فيهم الثقة بالذات من خلال مشاركتهم لنا في إدارة المال، فكل رب أسرة يخصص لأبنه يومياً مصروفاً مالياً”.
يضيف الشميري: “لماذا لا نستغل هذا المصروف بطريقة أفضل، ونحاول استثماره في تنمية قدرات الطفل الإدارية، بحيث نعطي الطفل مبدئياً مصروفاً أسبوعياً لكامل الأسبوع ويطلب منه أن يدير هذا المبلغ بطريقته الخاصة شريطة ألا يحصل على غيره من المال طيلة الأسبوع، سنلاحظ في المرحلة الأولى سيصرف الطفل كامل المبلغ في أول يومين أو ثلاثة، ثم سيضطر لطلب مبلغ إضافي من الأب، عندها اعتذر منه وذكره بأنه كان عليه أن يقسم المبلغ بالتساوي على كامل الأسبوع، وأجعله يشعر بقيمة المال، عندها ستلاحظ أنه بدأ يدير هذا المصروف الأسبوعين بتقنين وتكتيك وطريقة أكثر سلاسة من قبل، وبعد هذه المرحلة انقله إلى التي تليها وهي مرحلة المصروف الشهري بدل الأسبوعي، حتى يأخذ ويتمرن عليه.
وتجده أصبح قادرا على إدارة الأموال التي معه، والتوفير منها، أما ما بعد هاتين المرحلتين فهي مرحلة منحه الثقة في شراء ملابسه الخاصة سواء كانت ملابس الأعياد أو غيرها، عندها سيشعر بأن له قرار عليه اتخاذه وأنه يجد ثقة من أهله، وهنا تنعكس الثقة بطريقة إيجابية، لأنه حينها سيحاول إثبات القدرة على شراء ما هو جيد من الملابس بطريقة أوفر، وسيكون أكثر قناعة بها، بل سيحاول مدحها لإقناع الآخرين بأن اختياره كان موفقاً، ويأتي هنا دور الأهل في التشجيع ثم التوجيه، كي لا يشعر بالإحباط، لأن هناك بعض الأهالي من يوجه ثم يشجع”.
ويردف: “نحن نقول التشجيع أسهل الطرق في التوجيه، ومن الأسباب المؤدية إلى غياب الثقافة الاستهلاكية لدى الأطفال هي الأب القدوة، فالطفل يقلد وبكل سهولة وحرفية، لذا على الأب والأم الحرص أشد الحرص في إظهار كافة أنواع السلوك الإيجابية في حضرة الأبناء، على سبيل المثال اليوم نجد طفلاً يتعامل مع الممتلكات من حوله بلا مبالاه أو مع الأموال فهذا دليل على أنه اقتدى بأب مسرف أو غير مبالٍ، وليعلم الأب أو المربي أن سلوك الأطفال أكثر مرونة وتأثراً بالمشاهدة وأسرع التقاطا وتثبيتاً من تلك المناهج التي تعلم في المدارس، وجميل أن نحكي للأطفال بعض القصص المساعدة في التوجيه، ثم عمل المسابقات التشجيعية المدعومة بالجوائز والحوافز، كي يحرص على الاتقان في الإنجاز، وتنمية مواهبه، وأن تكون هناك رقابة أسرية على كل ما يتصرف به الطفل في أمواله، ولامانع من أن يقوم الأب بعمل دفتر للحسابات يسجل به مصاريف ابنه، ويراقب من خلالها سلوكياته”.
توصيات مهمة
1- ينبغي تعويد الطفل على التوفير وتزويده بحصّالة من الزجاج.
2- ضرورة تقديم القدوة الصالحة في مجال الأنماط الاستهلاكية الرشيدة، وخاصة داخل الأسرة.
3- يحبذ مشاركة الوالدين الطفل في عمليات الشراء والتسوّق.
4- ينبغي أن تقوم وسائل الإعلام والإعلان بدور فعال في توعية الأفراد بأهمية النقود والقيمة الشرائية مساهمة في بث السلوك الاستهلاكي المتزن.
5 - توجيه برامج إعلامية لتوعية الأطفال بأهمية وكيفية ترشيد استهلاكهم، وكيفية تقليل الفاقد في الاستهلاك في جميع نواحي الحياة.
6- من المهم أن يدرك الطفل قيمة المال منذ الصغر، ويمسك بالنقود، يذهب إلى المراكز التجارية ويتسوق بنفسه، ويعلم أن يعطي وينفق منه ويساعد الآخرين.
7- التنبه من تلك الإعلانات الزائفة التي ينقاد وراءها الأطفال، بل وجهوهم إلى ضررها عند مشاهدتها.
8- الحرص على اختيار أصدقاء لأبنائكم، لأن الطفل سيتعرف اليوم على أطفال لا يقدرون المال وسيتأثر بتصرفاتهم لكثرة احتكاكه بهم، فاختيار الأصدقاء مهم جداً لأطفالنا.
9- إشراك الطفل في وضع الميزانية الأسرية، ومنحه الثقة هي أهم ما يعالج وينمي سلوك الاستهلاك ويجعل منه أكثر عقلانية وصواباً.
كتابة النواقص.. طريق الثقة بالنفس
أبوظبي (الاتحاد) - الثقة بالنفس موضوع أحاط به الكثير من المختصين وشخصوا أسبابه، وطرحوا حلولا تنفع الصغار والكبار، ومع ذلك يظل موضوعا يستحق المناقشة بطرح بعض أسبابه وخاصة في الصغر، عن هذا الموضوع يقول عبد الله العثمان، دكتور في التنمية البشرية وتطوير الذات: العقاب والشعور بالذنب، الضرب، الفضيحة، عدم تكوين صداقات، الفراق، انعدام العلاقات القوية بين الناس، الفشل الدراسي، الضغوط من الآخرين، الإعاقة الجسدية، عدم قبول الشكل، تلقي لوم الآخرين، النقد السخرية، الشجارات، التحبيط من الآخرين، نظرة الغير لك بدونية «كأن تكون من جنسية معينة، أو من عائلة معينة، أو حالة الطفل المادية تكون أقل، أو لا تكون بجمال معين، أو أن تكون من مذهب مختلف»، نقد ولوم الذات، ارتكاب الكثير من الأخطاء، الفشل في تحقيق الأهداف والتوقعات، الفشل أمام الآخرين، الحرمان وغيرها من المدمرات النفسية التي تسبب عدم الثقة بالنفس، خسارة علاقات بهجر أو تبدل الحال أو المكان، عدم الحصول على التقدير الذاتي من النفس أو الآخرين، عدم الشعور بأهميتك وأنك مهم ولك دور.
الإحساس بالدونية
ويضيف عبد الله العثمان: وإذا تعرض الطفل لأذى من أخيه الأكبر الذي يسخر منه ويضربه، أو يكون في حالة مادية معينة دون وجود أمل، الأذى من الوالدين عن طريق النقد، الرفض وعدم المدح والانتباه للإيجابيات، عدم الثقة بالابن، كثرة الخلافات، اختلاف الآراء، فرض الآباء آراءهم واختياراتهم في كل شيء، الانشغال، اعتبار الطفل صغيرا طوال حياته، مشاهدته لبعض السلوكيات السلبية كأن يكون والده سيئا أو مدخنا أو مدمنا، عدم الرضا الدائم، الرفض الدائم للطلبات وعدم وجود مبررات وأسباب ذلك، التهديد بالحرمان والطرد، فرض التدين والاستقامة على الأبناء وعدم إعطاء الفرصة لأن ينبع الإيمان من الداخل ومن اختيارهم، التربية المترددة، تقييمه بناء على دراسته، عدم دفاعهم عنه في المدرسة أو بين أقرانه، الحماية الزائدة، الصراخ...
كما عدم تحقيق الطفل لرغبات الوالدين كرغبتهم الدراسية، رغبتهم بوظيفة معينة، رغبتهم بأخلاقيات معينة، رغبتهم بتحقيق هدف كحفظ القرآن أو شخص مشهور وعدم تحقق ذلك يشعره بأنه خذلهم ويشعر بنقص الثقة بالنفس، ثم يعد الطلاق من المسببات الكبرى لفقد الثقة بالنفس.
اكتب ما تشعر به
ويطالب العثمان بطرح الكثير من الأسئلة للوقوف على هذا الشعور، فمثلا كأن يتساءل: هل تشعر بالغيرة والغضب من طفل مدلل وأنت لم تحصل على ذلك، أو من شخص غني ومرفه؟ هل تشعر بالغضب على نفسك لأنك شخص غير واثق من نفسه؟ هل تشعر بالغضب تجاه من انتقدوك بالماضي أو جرحوك؟ هل تشعر بالغضب تجاه من سبب لك عاهة أو آلام صعبة وقوية؟ هل تشعر بالغضب من القوانين المعقدة والتي ليس لها داع؟ هل تشعر بالغضب تجاه شخص كان يستطيع مساعدتك ولم يبالي؟ هل تشعر بالغضب تجاه أخطاء الماضي؟
الإحساس بالغيرة فغالبا ما نشعر بالغيرة من الشخص المقارب لنا أو مشابه لنا أو قريب منا ولا نغار ممن يبتعدون عنا في المستوى سواء أصغر أو أكبر بكثير، والغير مشاعر تخبرنا بما نريده نحن فما تغار منه يعني أنك تريده، أو تريد الإحساس الذي يولده ما يملكه الآخرون، كما ينصح العثمان بكتابة ما الذي يغار منه الطفل، هنا يجب دراسة خطة نجاح الآخرين في الوصول لما تريده أنت ويملكونه هم.
ثق في نفسك
ويضيف العثمان: اكتب ما تملكه أنت ولا يملكونه هم حتى أبسط الأشياء، اكتب كلمات تشجيعية لنفسك «أستطيع أن أحقق كل أحلامي، التركيز على هدف قوي وكبير يوصلك للنجاح والإشباع الذاتي، وقل كما حقق لي ربي مرادي من قبل سيحقق لي ما أريد في المستقبل، الدعاء بأن يبارك لهم الله فيما آتاهم وأن يرزقك مثلهم وأكثر وأفضل، الدعاء بأن لا يلهيك الحصول عليها عن الله وعن فعل الخير، الأمر يحصل لك في الوقت المناسب، انشغل بما تستطيعه وتقدر عليه، وركز على ما الذي ستفعله للوصول للنجاح المبهر؟
المصدر: أبوظبي