أبوظبي (الاتحاد)
أكد خبراء وإعلاميون على التكامل والتفاعل بين الإعلام الجديد والقديم، وذلك خلال الندوة التي نظمها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية أمس، وهي الخامسة والخمسون في سلسلة ندوات المركز وكانت بعنوان «دور منصات الإعلام.. بين الواقع والمأمول».
شهد الندوة عدد من المسؤولين ولفيف من الإعلاميين والكتاب ونخبة من المثقفين والمفكرين، ومجموعة من الدبلوماسيين المعتمدين لدى الدولة، بالإضافة إلى جمع غفير من المهتمين بشؤون الإعلام.
استهلت الندوة أعمالها بكلمة ترحيبية لسعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام المركز، أشار فيها إلى أن الندوة تركز على إيجاد آليات قابلة للتطبيق من أجل دعم الإعلام التقليدي، وكذلك إيجاد آليات لضبط المحتوى الرقمي وتعزيز الوعي المجتمعي، في ظل المساحة التي يقتطعها الإعلام الرقمي لنفسه في العالم اليوم، وتزايد الحاجة إلى تأهيل المجتمع للتعامل بفهم وإدراك مع التحديات الناجمة عن انتشار الإعلام الجديد.
كما أكد السويدي، في كلمته، أهمية الإعلام في هذه المرحلة وضرورة الاهتمام به وبما يشهده من تطورات، مشيراً سعادته إلى الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة الرشيدة في دولة الإمارات العربية المتحدة لمجال الإعلام، لافتاً النظر إلى قول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة «إن الإعلام ليس مجرد مهنة، ولكنه رسالة سامية، والكلمة أمانة كبرى، ومثلما يمكن أن تكون هذه الكلمة لَبِنَة صالحة في بناء التقدم والحضارة والسلام، إذا ما تم وضعها في موضعها الصحيح، فإنها يمكن أن تكون معولاً للهدم».
ثم ألقت الدكتورة درية شرف الدين، وزيرة الإعلام سابقاً، في جمهورية مصر العربية، الكلمة الرئيسة للندوة، وعبرت في بدايتها عن شكرها لسعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، على دعوتها للمشاركة في أعمال هذه الندوة، وقدمت للمركز التهنئة بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسه.
وذكرت الدكتورة درية شرف الدين، أن منصات الإعلام الجديد أصبحت تنافس بشراسة وسائل الإعلام التقليدي من صحافة وإذاعة وتلفزيون، حتى اعتقد الكثيرون أنها حتماً ستزيل المنصات التقليدية، لكن الواقع أثبت أن هذا لن يحدث، فلم تزح الإذاعة عندما ظهرت الصحافة، ولم يلغِ التلفزيون وجود الراديو أو السينما، وأكدت أنه لا وسيلة إعلامية جديدة تقضي على وسيلة إعلامية قديمة.
وعقب انتهاء الكلمة الرئيسة، عقدت جلسة ترأسها فيصل بن حريز، إعلامي ومذيع بقناة سكاي نيوز عربية، حيث عرض حمد الكعبي، رئيس تحرير صحيفة «الاتحاد»، ورقة بعنوان: «آليات دعم الإعلام التقليدي لمواكبة التطور»، ذكر فيها أن الإعلام التقليدي يثبت يوماً بعد يوم، قدرته على الصمود والاستمرار، وقال إنه برغم تغير الأدوات وتبدل الرؤى والأنماط وأساليب الطرح وطرق المعالجة، تبقى حاجة الجماهير إلى الصحيفة الورقية بشكلها المعتاد، مشيراً إلى أن انتشار الصحافة الرقمية لن يؤدي إلى اختفاء صناعة الصحافة الورقية.
وفي هذا الصدد، عرض الكعبي تجارب لبعض الصحف الدولية مثل «نيويورك تايمز» في تطوير المنتج الرقمي الورقي، وتحدث عن مسارات انتهجها الإعلام لتدعيم استدامته، من بينها زيادة الاهتمام بعناصر الإبهار البصري وتطوير إخراج الصحيفة، وتلوين الأساليب التحريرية، واهتمام الصحافة بالمؤثرين في الإنترنت وبرامج التلفزيون، والنشرات الإلكترونية التي تعرضها الصحافة المكتوبة.
وأوصى الكعبي في ختام ورقته بعدة توصيات، من بينها: ضرورة تكاتف الرقمي والورقي، كل واحد بحسب طبيعته، وأن يتجه المطبوع إلى التحليل والتفسير والمواد المتخصصة، والرقمي إلى الخبر والنقل المباشر، وتوسع الصحيفة الورقية في الصحافة الاستقصائية والتقريرية ومواد الرأي، وتحويل صفحاتها إلى ساحة لتبادل الأفكار، وأن تعيد اختراع نفسها في أنماط الطرح والإخراج والتعامل مع الصور والألوان.
كما عرض عبدالله البندر، مقدم برامج وصانع محتوى على قناة سكاي نيوز عربية، ورقة بعنوان: «نماذج ناجحة للخطاب الإعلامي»، قال فيها إن هناك فارقاً بين الخطاب الإعلامي الناجح والخطاب الإعلامي الناجح المهني، وأوضح أن الخطاب الناجح هو عبارة عن «بروباجندا» إعلامية يسهل فيها التأثير في الرأي العام، لكن هذا النجاح يكون قصير المدى، فيما الخطاب الإعلامي الناجح المهني دائماً يكون لديه مشروع إعلامي طويل المدى، ويكون عمر نجاحه طويل المدى أيضاً، وفي هذا الصدد أشار البندر إلى أن قناة الجزيرة فشلت وفقدت مصداقيتها بعد أن حققت نجاحاً عابراً.
الحارثي: الإعلام الرقمي سلاح ذو حدين وقد يكون أداة تخريب ومصدراً للشائعات والفوضى
تحدث عبدالرحمن عوض الحارثي، المدير التنفيذي لشبكة تلفزيون أبوظبي، في ورقة بعنوان «آليات ضبط المحتوى الرقمي وتعزيز الوعي المجتمعي»، فقال إن الإعلام الرقمي هو سلاح ذو حدين، فإذا أحسن استخدامه وتوجيهه، كان ركيزة تطور للمجتمع، لكن إذا أسيئ استخدامه فسيكون أداة تخريب ومصدراً للشائعات والفوضى. كما استعرض الحارثي إشكاليات المحتوى الرقمي العربي، مشيراً إلى ضعف هذا المحتوى الذي يعد أهم العوائق التي تواجه تحول المجتمعات العربية إلى مجتمعات المعرفة، حيث تسيطر اللغة الإنجليزية على محتوى الإنترنت، ومن ثم اعتبر الحارثي أنه لا بد من العمل على إعداد استراتيجية عامة لتطوير المحتوى العربي، تتضمن خطة معالجة شاملة لمشكلة قصور هذا المحتوى.
كما تحدث الحارثي عن محددات إيجابية المحتوى الرقمي، وقال إنها تتمثل في: نشر الوعي المعرفي وتقديم النماذج الإيجابية، ونبذ ثقافة الكراهية والإقصاء، وبلورة خطاب فكري وفني يقوم على التعددية الثقافية التي تحترم الخصوصيات الثقافية، وتعزيز خطاب التسامح ونشره بين الناس والدعوة إلى العمل به، وتشجيع الوسطية والاعتدال، ومحاربة التطرف والإرهاب. وأكد الحارثي ضرورة الحوار، وشرطه الأساسي الاعتراف بالآخر المختلف، الأمر الذي يعني عدم اللجوء إلى وسائل غير الحوار لتغيير قناعاته. وهذا هو المبدأ الذي يقود إلى التعايش المشترك.
«العلاقات الإماراتية-الروسية» غداً
ينظم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، محاضرته رقم (704) بعنوان «العلاقات الإماراتية-الروسية.. شراكة استراتيجية»، يلقيها سيرجي كوزنيتسوف، سفير مفوض فوق العادة لجمهورية روسيا الاتحادية لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك في الساعة السابعة والنصف من مساء غد في مقر المركز بأبوظبي.
وتسلط المحاضرة الضوء على العلاقات المتميزة التي تجمع دولة الإمارات وجمهورية روسيا الاتحادية، حيث يتمتع البلدان بعلاقات وثيقة، وقد شهدت السنوات القليلة الماضية تحولاً كبيراً في عمق هذه العلاقات.