معتز الشامي (دبي)
تواصلت ردود الأفعال الإدارية على ما طرحته «الاتحاد» خلال اليومين الماضيين، ويتعلق بسلوكيات اللاعبين المحترفين، مع المنتخبات الوطنية، بعد تكرار تحويل عدد منهم إلى لجنة الانضباط، لأسباب تتعلق بسوء السلوك، وعدم الالتزام بالتعليمات الإدارية، سواء في المنتخب الأول أو الأولمبي أو الشباب.
وكشف الرصد الرقمي الذي قدمته «الاتحاد»، عن وجود مشكلات في السلوكيات تضرب المراحل السنية بالأندية، ويتعرض بسببها لاعبون صغار تحت سن الـ14 أو الـ15 سنة، لعقوبات الإيقاف التي تصل في بعض الأحيان لأكثر من 4 مباريات، بل تخطت حجز 10 مباريات إيقافاً لبعض الناشئين الذين ارتكبوا تصرفات سلوكية مرفوضة خلال المباريات، ومنها التعدي بالضرب على الحكم.
وهذا الأمر يدق ناقوس الخطر أمام كل إداري بأنديتنا، سواء المحترفة في الهواة، بضرورة الاهتمام بالجوانب السلوكية والنفسية والإعداد السليم للاعبين، لاسيما في سن صغيرة، حيث بات الخطر الذي يهدد مستقبل كرة الإمارات، قادماً من المراحل السنية بالأندية، والتي تقدم لاعبين غير قادرين على الانضباط بمعسكرات المنتخبات الوطنية، بدايةً من معسكر الشباب وانتهاءً بمعسكر المنتخب الوطني الأول.
وكان من ضمن النقاط التي عرضتها «الاتحاد» في عدد الأمس، في قوائم العقوبات الداخلية التي تطبق في الأندية المحترفة، عدم تفعيل البند الخامس والذي يقول: «كل عقوبة مالية تصدر بحق اللاعب من أي جهة رياضية بخصوص ممارسات غير لائقة أثناء اللعب ولا تتواجد في اللائحة»، وتكون العقوبة الداخلية بالنادي مثل العقوبة المفروضة من خارج النادي.
وكشفت آراء إدارية أن هذا البند يعتبر «غير مفعل» في أغلب الأندية، بحسب شخصيات إدارية استطلعت «الاتحاد» رأيها.
مطر الصهباني: لا يشترط معاقبة النادي للاعب المخطئ مع المنتخب
أكد مطر الصهباني المشرف السابق على فريق العين، أنه ليس شرطاً أن يعاقب النادي اللاعب الدولي، إذا أخطأ في معسكر المنتخب في الكثير من الأحيان، وقال: «في بعض الحالات كنا نوقع عقوبة على أي لاعب يرتكب فعلا مرفوضا في معسكرات المنتخب، لكن ليس في كل الحالات، نعم هناك عقوبات داخلية في النادي، وأنا أتحدث عن نادي العين، حيث توجد لائحة داخلية لمعاقبة أي لاعب يخرج عن الالتزام وروح الانضباط، سواء في معسكر النادي أو المنتخب، لكن بالتبعية أنا لا أتدخل في شؤون المنتخب، وفي الكثير من الوقائع لا أعرف بتفاصيلها كنادٍ حتى أعاقب اللاعب، وبالتالي هناك عقوبات قد يتعرض لها اللاعب بالمنتخب وتكون داخلية، وهنا لا يتدخل النادي فيها ولا يوقع عقوبات على اللاعبين، لكن إذا ارتكب اللاعب مشكلة ضخمة وتحولت لقضية رأي عام كما حدث من بعض اللاعبين، فأعتقد أن الأندية يجب أن تعاقب اللاعبين مالياً أيضاً».
وتابع: «إداريو المنتخب الوطني هم من أفضل الإداريين وأكثر خبرة، وإسماعيل راشد من الإداريين أصحاب الشخصية والخلق القويم ولديهم المقدرة على ضبط المنتخب، وكذلك الدكتور حسن سهيل مشرف المنتخب، وأعتقد أنه من الخطأ تحميل الجهاز الإداري مسؤولية عدم انضباط لاعب في صفوف المنتخب خلال المعسكر، سواء المنتخب الأول أو حتى باقي منتخبات المراحل، سواء أولمبي أو شباب، لأن تلك السلوكيات يتم زرعها مبكراً ولا تجد من يقومها أو من يوجه اللاعب لعدم تكرارها أو للتغلب عليها، وتكون النتيجة تقديم لاعب غير منضبط للفرق الأولى بالأندية وللمنتخبات أيضاً».
وتحدث الصهباني عن تجربته مع العين كأحد أكبر الأندية التي تقدم لاعبين دوليين لكل المراحل السنية وللمنتخب الأول، وقال: «كنت مسؤولاً عن كافة الأمور الداخلية للفريق الأول، وخلال السنوات الماضية نعاقب اللاعب المخطئ في المنتخب، هناك عقوبات داخلية يتم توقيعها داخل النادي باللائحة الداخلية، ولكن لا نعلن عنها للصحف، لكن أيضاً إذا كانت العقوبة قوية وتستوجب قيام النادي باتخاذ إجراء فلا مانع من ذلك، فلدينا لوائح وانضباطية في العين، والدليل وجود نتائج إيجابية دائماً بالقلعة العيناوية، والفريق ينافس في كل موسم على الألقاب المحلية، ولو لم يكن هناك انضباطية بين صفوف الفريق لما تمكن من المنافسة على الألقاب ومن تقديم أداء مميز، وهذه قاعدة عامة لأي فريق يرغب أن يكون في صلب المنافسة بشكل مستمر، حيث يكون الالتزام والانضباط كلمة السر».
وأضاف: «الانضباطية تكون من الجهاز الإداري الذي لا يجامل لاعباً على حساب آخر، وأيضاً من المدرب الذي عادة ما يكون له دور في فرض الانضباط بين جميع اللاعبين».
وأكمل: «ليس في كل واقعة ومع كل لاعب يكون التعامل بالورقة والقلم وببنود العقوبات في اللائحة الداخلية، فهناك لاعب قد ينضبط ويغير سلوكه السلبي بآخر إيجابي، بمجرد جلسة كلامية بينه وبين الجهاز الإداري، أو بالتعامل الراقي، وليس بالعقوبات المالية، فالمهم هو بناء علاقات ثقة وعلاقات أخوية قوية بين الإداري واللاعبين، وهنا تكون الكلمة بينهما هي الأهم، لذلك قد لا نستخدم الخصومات والعقوبات المالية بشكل مكثف، إلا في بعض الحالات الخاصة، لكن في أغلب الأحوال، تكون العلاقة الطيبة، وبناء الثقة بين الجهاز الإداري واللاعبين مقدمة على خصم الأموال، ويكون له أثر أكبر من مجرد توقيع عقوبة مالية داخلية».
وعن تكرار السلوكيات السلبية من الدوليين، قال: «أعتقد تصرفات اللاعبين الدوليين مؤخراً تعتبر حالات فردية، وإذا كان المنتخب قد حقق الفوز على تايلاند لما تذكر أحد وجود عدم انضباط في واقعة ماجد سرور».
وأضاف الصهباني: «هناك سلوكيات تقع ولا يمكن ضبطها أبداً، فمثلا أنا كإداري لا يمكن أن أجبر لاعبا على النوم مبكراً، لأننا في نهاية الأمر بشر، وقد تكون هناك مباراة في أي دوري أوروبي مثلاً يحب اللاعب متابعتها، أو أي سبب آخر يجبر اللاعب على عدم النوم المبكر، فهذا في بعض الحالات، لا يهتم أي إداري، طالما كان اللاعب في غرفته ويغلق بابه عليه، ما يهتم به أي إداري هو أن يكون كل اللاعبين في غرفهم بالفندق، ولا يهم إذا سهروا للصباح، هناك أمور نحن نعرف أنها تقع خلال أي معسكر منها عدم النوم المبكر، وفي الكثير من الأحيان يتغاضى الإداريون عن ذلك».
وأوضح الصهباني أن الانفلات الأكبر دائماً ما يأتي من المراحل السنية، وقال: «نجد أن الانفلات يكون بدرجة أكبر من المراحل السنية، يجب فرض الانضباط في تلك المراحل التي يتم بناء شخصية اللاعب، للأسف هناك أندية كثيرة تهتم فقط بأنها تفوز وتضع اللاعبين الصغار والنشء تحت ضغوط نفسية هائلة، وهنا لا يحتمل اللاعب الموقف ويقع في مشكلات وتتم إضاعة شخصيته وثباته الانفعالي، وسابقاً حضرت بعض المباريات بالمراحل السنية، من تحت 15 سنة حتى الرديف، كل مبارياتها تجد سبا وضربا وقذفا ومشاكل وتعديات وسوء سلوك داخل الملعب، فكيف تتم السيطرة على تلك الأخلاقيات في المعسكرات أو في الأندية، إذا حضرتم تلك المباريات ستجدون الكثير من الكوارث».
وأضاف: «هذا الأمر بات يحتاج لمواجهة وأن تتعامل الأندية بقوة مع تربية النشء، لأن المشكلة كبيرة في المراحل السنية، وبالتالي عندما يصل لاعب للفريق الأول معتاداً على الانفلات وسوء السلوك فهنا نجد اللاعب المنفلت، وقد يكون يوماً من الأيام نجماً لفريقه إذا كان موهوباً، كما أنه قديماً كان الإداري والمدرب يتابع اللاعبين مع أسرهم، ويتابع سلوكياته في الدراسة، ودرجات تحصيله العلمي، والآن نحن في حاجة، إلى أن يكون هناك ربط بين النادي والأسرة والمدرسة لضمان تنشئة اللاعب نفسياً وسلوكياً وتربوياً، وبالتالي عندما يصعد للفريق الأول يكون جاهزاً نفسياً وملتزماً سلوكياً، لكن من واقع ما أراه من الفرق بالمراحل السنية، أشعر بقلق كبير على مستقبل الكرة الإماراتية في السنوات القليلة المقبلة، ومشكلات المعسكرات ستزيد مستقبلاً إذا لم تغير معظم الأندية تعاملها مع تنشئة المواهب الصغيرة».
ياسر سالم: الأندية هي المسؤول الأول !
أكد ياسر سالم، لاعب الوحدة والمنتخب الوطني السابق، والمحلل الفني بقنوات أبوظبي الرياضية، أن الأندية هي المسؤولة عن انعدام الالتزام في سلوكيات بعض لاعبيها، لا سيما الدوليين، وقال: «كيف يغيب لاعب عن نداء الوطن، ويتهرب من الانضمام للمعسكر لأسباب غير مقنعة»، أعتقد أننا نفتقد دور الإداري المربي، والموجه لسلوكيات اللاعبين».
وأكمل: «قديماً كنا نهرول للمنتخب، وكانت إدارة نادي الوحدة في الثمانينات تقوم بمكافأة اللاعبين المنضمين للمنتخب، لتشجيعهم على الالتزام في معسكرات الأبيض، وتقديم أفضل أداء ممكن في تمثيل الدولة خارجياً، أعتقد أن أنديتنا تفتقد الآن آليات تحفيز اللاعبين للانضمام للمنتخب والتألق فيه، سابقاً كنا نجد مكافأة مالية ضخمة، وأعتقد الآن أن الأندية لا تهتم أبداً بتشجيع لاعبيها للانضمام للمنتخب».
وأضاف: «في فترة انضمامنا للمنتخب، كان الاتحاد قد قام بتسريح الجيل القديم بقيادة عدنان الطلياني ورفاقه، وانضم جيلي ونحن صغار في السن، بالتأكيد بداية الفترة كانت النتائج سلبية، والجماهير كانت تضعنا تحت الضغوط، ورغم ذلك لم نهرب من تلبية نداء الوطن، كان شرفاً كبيراً بالنسبة لنا كلاعبين، لكن الذي يحدث حالياً بين لاعبي منتخباتنا الوطنية يجب ألا يمر مرور الكرام، يجب أن يجد عقوبات مغلظة حتى لا يؤثر على انضباطية اللاعبين».
ولفت سالم إلى أن بعض اللاعبين يتهربون من نداء الواجب، ويتعللون بأنهم مصابون من أجل الانضمام للنادي والاستعداد لمباريات مهمة، وعن ارتكاب 17 لاعباً لمخالفات مع المنتخبات قال: «الأمر يمكن أن نصفه بالظاهرة، خصوصاً أن من عوقب بالمنتخب الأول تعرض لعقوبات بسبب السلوك المشين وسوء السلوك، وهي تصرفات من العيب أن تصدر من لاعب دولي يلعب بصفوف المنتخب الأول».