شادي صلاح الدين (لندن)
أكد خبراء ومحللون سياسيون في بريطانيا أن العقوبات الأميركية المفروضة على النظام الإيراني تعتبر ضربة مباشرة لنظام الحمدين القطري وتعزيزاً لدول المقاطعة في إجراءاتها ضد دوحة التطرف والإرهاب. وأشاروا في تصريحات لـ «الاتحاد» إلى أن إيران تعاني من ارتفاع كبير في معدلات البطالة والتضخم، وستؤدي العقوبات التي أقرتها إدارة ترامب إلى تراجع كبير في تصدير النفط، وتأثير ضخم على علاقاتها الاقتصادية خاصة بالشركات الكبيرة في أوروبا والصين وروسيا، بجانب أثر سلبي على العلاقات الاقتصادية مع قطر.
وفي هذا الإطار أوضح الكاتب والمحلل السياسي في لندن رمضان الساعدي أن قطر لجأت في بداية المقاطعة نحو دولتين بشكل مباشر الأولى إيران والثانية تركيا، مشيراً إلى أن الأولى مدت لها يد العون باعتبارها أداة لخدمة الأهداف الاستعمارية التوسعية للنظام في طهران، بينما الثانية لجأت لها بالنظر إلى توحد السياسات واحتضان الجماعات المتطرفة.
وأضاف أن العقوبات على إيران تسببت في شل حركة الاقتصاد، وكبلت يد طهران في تمويل أفرعها، وخاصة حزب الله، إضافة إلى إثارة الغضب الداخلي ضد الحكومة، وهو ما أدى في مجمله إلى تقليل قدرة الإيرانيين في تقديم الدعم اللوجستي لحليفتهم قطر، التي تمر بنفس بظروف مشابهة من حيث المقاطعة العربية.
وقال إن توسيع رقعة الإضرابات والاحتجاجات المتوقعة في أعقاب العقوبات سيدفع النظام الإيراني بالتالي لاستخدام العنف والقمع، وخاصة أن معظم الإيرانيين يعلمون أن أموال إيران تذهب للحوثيين وحزب الله، مشيراً إلى أن هذه التطورات المتوقعة تحتاج إلى دعم قطري منتظر للحليف الإيراني، كما يحدث مع تركيا، وهو ما سيزيد من بشاعة الموقف القطري على الساحة الدولية، ويزيد من تكهنات توتر العلاقات الأميركية القطرية.
ومن جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي في لندن، الدكتور أسامة مهدي إن العلاقة بين إيران وقطر أصبحت علاقة طردية من الناحية السياسية، فعقوبات على طهران تعني عقوبات على قطر، والعكس صحيح، مشيراً إلى أنه كما أصبحت طهران مقاطعة دولياً، فالدوحة مقاطعة خليجياً، واصفاً العلاقة بينهما بأنها علاقة «المعزولين» الأولى دولياً والثانية إقليمياً.
وأضاف أن إعلان الإدارة الأميركية عودة العقوبات على طهران، وحث الدول الحليفة لها بأن تحذو حذوها، مع عدم انصياع نظام الحمدين لذلك، هو استمرار لرغبة قطر في السير عكس الاتجاه، مشدداً على أن تميم و«جماعته» يبالغون في تقدير حجمهم الحقيقي ووزنهم على الساحة الدولية، فالمال لا يصنع الأهمية على الساحة السياسية، قد يساعده في كثر من المواقف ولكنه لا يمكن أبدأ أن يمثل الفارق وخاصة عندما يتعلق الأمر بسياسات دولة عظمى مثل الولايات المتحدة.
وقال مهدي إنه كلما طال أمد العقوبات على النظام الإيراني كلما وضع ذلك قطر في مأزق سياسي، بالنظر إلى حاجاتها الماسة إلى حليف إقليمي وخاصة في مواجهة دول المقاطعة.
وأكد المحلل السياسي أن الضربة الاقتصادية التي وجهتها الحكومة الأميركية لتركيا مؤخراً عززت من الصعاب الإقليمية التي تواجهها قطر، فبعد عزلة إيران، ومشاكل تركيا الاقتصادية، أصبحت قطر في معزل إقليمي، فسارعت نحو دعم تركيا والإعلان عن استثمارات بلغت 15 مليار دولار في السوق التركية، وهي بذلك تحاول إنقاذ نفسها من خلال إنقاذ الدولتين الوحيدتين في العالم اللتين لا تزالان تساندان النظام الإرهابي في الدوحة.
وأضاف أن دعم الدوحة المعلن لجماعة الإخوان الإرهابية والحركات المتطرفة الأخرى، وتحديها للموقف الأميركي فيما يتعلق بالعقوبات على تركيا ودعمها لنظام طهران، وإعلان العديد من أعضاء الكونجرس انزعاجهم الشديد من السياسات القطرية في الشرق الأوسط، وفضائحهم المتوالية في الولايات المتحدة، يعجل من المواجهة الأميركية لنظام الحمدين، ووقتها سيسرع تميم إلى واشنطن لاستجداء ترامب محاولة عابثة.
وقال الباحث السياسي في الشؤون الدولية في لندن الدكتور حازم الرفاعي إن العقوبات الأميركية على طهران تعني أن قطر بدأت في فقدان حلفائها واحداً تلو الآخر، مؤكداً أن إعلان العقوبات يمثل انتصاراً لدول المقاطعة التي طالبت في أكثر من مناسبة بالحد من تجاوزات النظام الإيراني وفشل الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، وضرورة مراقبة الأنشطة الإيرانية وتعاونها مع قطر، وهو ما سمح لها بالتدخل في سوريا، والعراق، واليمن، واستمرار تجاربها الصاروخية، واستغلال المال القطري في تمويل تدخلها في دول المنطقة وتمويل أنظمة إرهابية.