أشاد الرئيسان الأميركيان السابقان الجمهوري جورج بوش الابن والديموقراطي باراك أوباما، اليوم السبت، بالسناتور الراحل جون ماكين، الذي أحبطا محاولاته للوصول إلى البيت الأبيض.
وفيما كان الملايين يتابعون مراسم الجنازة التي نقلت مباشرة على التلفزيون، نأى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنفسه مجدداً من تكريم ماكين وتوجه صباح اليوم السبت إلى ناد للغولف يملكه قرب واشنطن خلال الجنازة الوطنية في العاصمة الأميركية واشنطن.
وإذ أشاد بصديقه "الرجل الاستثنائي" والمحارب والإنسان الوطني الذي جسّد أفضل ما في الولايات المتحدة، قال أوباما إن ماكين "جعلنا رؤساء أفضل... تماماً كما جعل مجلس الشيوخ أفضل، تماماً كما جعل البلاد أفضل".
وكان أوباما بذلك يكرر المشاعر التي أبداها بوش قبله بدقائق. وبوش هو الذي هزم ماكين في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري "في معركة شرسة" في العام 2000، قبل أن يتحول التنافس بينهما صداقة دائمة.
وفيما ينتمي بوش وأوباما إلى حزبين مختلفين، جاءت رسالتهما واضحة، وهي أن السياسة يمكنها وعليها أن ترتفع لمستوى أرقى كالذي أرساه جون ماكين.
وقال أوباما إن ماكين كان محافظاً بالتأكيد "لكنه فهم جيداً أن بعض المبادئ تتجاوز السياسة وبعض القيم تتجاوز الحزب".
وأضاف أن "حياتنا العامة وخطابنا العام قد يبدوان صغيرين وتافهين".
وتابع "إنها سياسة تتظاهر بأنها شجاعة وقاسية لكنها في الحقيقة وليدة الخوف. جون (ماكين) دعانا إلى أن نكون أكبر من ذلك".
ويوارى بطل حرب فيتنام السابق، غداً الأحد، في مقبرة الأكاديمية البحرية في أنابوليس.
وحضر عشرات من أعضاء الكونجرس الجنازة، التي شاركت فيها شخصيات أميركية كبيرة مثل الرئيس الأسبق بيل كلينتون وزوجته هيلاري وزيرة الخارجية السابقة وعضو مجلس الشيوخ السابقة، وآل غور وديك تشيني اللذين شغلا منصب نائب الرئيس، ووزيري الخارجية السابقين جون كيري وهنري كيسنجر.
وحضرت كذلك ابنة الرئيس ايفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنر إضافة إلى وزير الدفاع جيم ماتيس وكبير موظفي البيت الأبيض جون كيلي.
تلقى ماكين، الذي توفي السبت الفائت عن 81 عاماً، كلمات رثاء وإشادات استثنائية وعاطفية، من بينها موافقة زملائه في الكونجرس على أن يسجّى جثمانه الجمعة في مبنى الكابيتول في واشنطن. وهي مراسم مخصصة عادة لكبار الشخصيات في تاريخ الولايات المتحدة مثل الرئيسين جون كينيدي ورونالد ريغن. وأتيح للأميركيين إلقاء النظرة الأخيرة عليه طيلة ست ساعات.
وفي كلمة غلبتها الدموع، وجهت ميغان، ابنة ماكين، تحية حارة إلى والدها في كاتدرائية واشنطن.
وقالت إن "أميركا جون ماكين لا تحتاج إلى أن نعيد لها عظمتها لأنها كانت دائما عظيمة"، في سخرية واضحة من شعار حملة ترامب.
وأضافت "نجتمع هنا لتأبين رحيل عظمة أميركية ... إنه أمر حقيقي وليس خطاباً رخيصاً من رجال لن يكونوا أبداً على مستوى التضحية التي بذلها (ماكين) طوعاً"، منتقدة "أولئك الذين عاشوا حياتهم براحة ووسط امتيازات في حين كان (ماكين) يعاني ويخدم" البلاد.
وكانت هذه التصريحات بمثابة إشارة واضحة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي تهكم عام 2015 على الخمس سنوات التي قضاها ماكين أسير حرب في فيتنام بقوله: "أنا أحب الأشخاص الذين لم يقعوا في الأسر ".
وكان ماكين أعلن، قبل وفاته، أنه لا يرغب في أن يحضر ترامب جنازته بسبب العلاقة السيئة بينهما.
وصباح اليوم السبت، نقل حرس الشرف جثمان ماكين المغطى بالعلم الأميركي من الكابيتول ووضعوه في سيارة سوداء توقفت عند النصب التذكاري لمحاربي حرب فيتنام للسماح لأرملته كيندي ماكين بوضع إكليل من الزهور لتكريم كل من قضوا في هذه الحرب.
وكان ماكين، الذي شعر بالغضب من الخطاب القومي والحمائي للرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، يدين باستمرار وبحرية لا مثيل لها داخل الحزب الجمهوري، أسلوب ترامب.