أبوظبي (الاتحاد)
عثر علماء الآثار في دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، على أقدم لؤلؤة في العالم في الموقع الأثري في جزيرة مروّح قبالة سواحل أبوظبي، وأطلق عليها اسم «لؤلؤة أبوظبي»، حيث تُظهر الطبقات التي تغطي اللؤلؤة بأنها تعود إلى العصر الحجري الحديث في الفترة ما بين 5800 و5600 قبل الميلاد، ويعد هذا الاكتشاف دليلاً على وجود مهنة صيد اللؤلؤ والمحار في دولة الإمارات منذ ما يقارب 8 آلاف عام، وهو أقدم دليل مكتشف على صيد اللؤلؤ في العالم.
وكان اللؤلؤ من العناصر الثمينة في العصر الحجري الحديث، وحالياً يعد من المظاهر التي تدل على الرفاهية ويُستخدم كحُليّ للزينة. وستعرض «لؤلؤة أبوظبي» التاريخية والتي لا تقدر بثمن، لأول مرة أمام الجمهور في المعرض المقبل الذي ينظمه اللوفر أبوظبي تحت عنوان «10 آلاف عام من الرفاهية».
وقال معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي: «تعد لؤلؤة أبوظبي اكتشافاً مذهلاً، ودليلاً على عراقة وقِدم أنشطتنا البحرية. كما أن اكتشاف أقدم لؤلؤة في العالم في أبوظبي يكشف أن الكثير من تاريخنا الاقتصادي والثقافي الحديث له جذور عميقة تمتد إلى فجر ما قبل التاريخ. وتعدّ جزيرة مروّح واحدة من أهم المواقع الأثرية لدينا التي نواصل جهودنا في التنقيب فيها وحمايتها للكشف عن معلومات أثرية مذهلة تخبرنا الكثير عن تاريخ أبوظبي والمنطقة وأسلوب حياة أجدادنا الأوائل».
وقبل اكتشاف «لؤلؤة أبوظبي»، كان قد تم اكتشاف أقدم لؤلؤة في دولة الإمارات في موقع يعود للعصر الحجري الحديث في أم القيوين، كما تم العثور على العديد من اللآلئ القديمة في مقبرة تعود إلى العصر نفسه بالقرب من جبل البحيص في إمارة الشارقة، إلا أن التأريخ الكربوني يُظهر أن «لؤلؤة أبوظبي» أقدم من هذين الاكتشافين.
وكشفت أحدث عمليات التنقيب في جزيرة مروّح التي نفذها خبراء الآثار في الدائرة عن المزيد من المعلومات عن أقدم قرية معروفة استوطنها الإنسان في إمارة أبوظبي قبل حوالي 8 آلاف عام والتي أظهرت أدلة جديدة تلقي الضوء على الممارسات المعمارية والفنية والتقنية المتقدمة التي استخدمها سكان أبوظبي الأوائل في فترات تاريخية مبكرة جداً ترجع إلى العصر الحجري الحديث. وتم اكتشاف موقع مروح للمرة الأولى عام 1992 أثناء مسح أثري للجزيرة، والمكوّن من بقايا انهيار هياكل صخرية عديدة لمنازل من العصر الحجري الحديث. وإلى جانب اكتشاف «لؤلؤة أبوظبي»، شملت الاكتشافات الأخرى جرّة خزفية مستوردة، وخرزاً مصنوعاً من الحجر والمحار، والأصداف البحرية، ونصال أسهم من الصوان، وعدداً كبيراً من شظايا أوانٍ فخارية مزخرفة بطلاء كثيف جميل والتي تعتبر من أقدم القطع الفنية الزخرفية المعروفة في الدولة. وستنطلق عمليات تنقيبية رئيسة جديدة في الموقع نفسه للعثور على المزيد من الاكتشافات مع بداية عام 2020.
وأشار الخبراء إلى احتمال أن يكون قد تم استخدام اللؤلؤ في عمليات التبادل التجاري مع بلاد الرافدين «العراق القديم» مقابل المنتجات الخزفية وغيرها من السلع. كما تُظهر الآثار التي تم اكتشافها في جبل البحيص بالشارقة أن اللؤلؤ كان يُستخدم أيضاً كحُليّ للزينة من قبل السكان المحليين.
يذكر أن فن صيد اللؤلؤ يتطلب معرفة عميقة بمصائد اللؤلؤ ومواقعها، فضلاً عن مهارات في الملاحة البحرية، وكان السكان القدامى في جزيرة مروّح يتوجهون لصيد اللؤلؤ بمجرد إتقانهم لهذه المهارات. وقد شكل اللؤلؤ الدعامة الأساسية لاقتصاد الإمارات لآلاف السنين، حيث يشير تاجر الجواهر غاسبارو بالبي من البندقية الذي سافر عبر المنطقة، إلى أن الجزر قبالة سواحل أبوظبي كانت مصدراً رئيساً للؤلؤ في القرن السادس عشر، حيث استمرت هذه الحرفة بالازدهار حتى ثلاثينيات القرن الماضي.
وسيتم عرض «لؤلؤة أبوظبي» المعارة من مجموعة مقتنيات متحف زايد الوطني ضمن معرض «10 آلاف عام من الرفاهية» الذي يُقام في متحف اللوفر أبوظبي من 30 أكتوبر الحالي ولغاية 18 فبراير 2020.
ويعدّ معرض «10 آلاف عام من الرفاهية» المعرض الأول من نوعه في الشرق الأوسط الذي يسلط الضوء على تاريخ الرفاهية، حيث يقدّم حوالي 350 قطعة استثنائية في مجال الموضة والمجوهرات والفنون البصرية والأثاث والتصميم ليبيّـن كيف نظرت الشعوب إلى مفهوم الرفاهية، من العصور القديمة وحتى يومنا هذا. ويُنظم متحف اللوفر أبوظبي المعرض بالتعاون مع متحف الفنون الزخرفية في باريس ومتاحف فرنسية أخرى، منها متحف اللوفر بباريس ومتحف كيه برانلي - جاك شيراك، متيحاً الفرصة للزوار لتأمّل مفهوم الرفاهية المتغيّر.