إبراهيم الملا (الشارقة)
بالتزامن مع عام «زايد»، واستكمالاً لأهداف وتطلعات عام «القراءة»، أصدر الكاتب والإعلامي الإماراتي وليد المرزوقي كتابه الجديد بعنوان: «التفوق الإماراتي.. من البدايات الصعبة إلى الإنجازات العظيمة»، في 160 صفحة، رصد فيها المرزوقي الإنجازات المتسارعة على المستويات الاقتصادية والعلمية والثقافية كافة في الإمارات، إنجازات صنعت للدولة ثقلاً عالمياً وتأثيراً ملحوظاً من خلال تبنّي آليات القوة الناعمة وصناعة الوعي المستقبلي، وتجسيد الرؤية المستنيرة التي اعتمدتها القيادة الرشيدة بالدولة، وتفاعلت معها الشريحة الاجتماعية بفئاتها، خصوصاً تلك المعنية بالمحتوى التعليمي والثقافي الذي يعتبر أساس بناء الإنسان ونهضة الشعوب وتطورها.
وحول منهجية الكتاب ودوافع تأليفه، تحدث وليد المرزوقي لـ «الاتحاد»، مشيراً بداية إلى أن العمل على الكتاب استغرق جهداً استقصائياً امتد لعامين من البحث والدراسة التفصيلية حول مكامن وبواعث التفوق الإماراتي خليجياً وعربياً ودولياً، والكتاب، كما أوضح، هو إصداره الثاني بعد كتابه الأول بعنوان: «نعم نستطيع» الذي تناول قصة كفاح وتألق 21 شخصية معروفة في المجتمع، مضيفاً أن مؤلفه الجديد يقدم شواهد ومقارنات بين الماضي والحاضر، ويسرد قصة نجاح دولة الإمارات، وسر تحولها من دولة بسيطة إلى قوة صاعدة، مستندة في ذلك إلى التعليم المتقدم، والبناء الثقافي المتطور، والتخطيط المستنير كأسس ممهدة لهذا النجاح.
وقال المرزوقي، إن تركيز الكتاب على المنظومة التعليمية جاء بسبب استقطاب الدولة لآلاف الطلبة من مختلف دول العالم، بعد أن كانت الإمارات في الستينيات والسبعينيات ترسل البعثات الدراسية للخارج بسبب قلة الجامعات وندرة التخصصات المطلوبة، ولكن هذا التحول الجديد، كما أشار، جعل من الإمارات وجهة جاذبة للدراسة الأكاديمية والتخصصية داخلياً وخارجياً، حيث باتت المدن الجامعية الضخمة في الإمارات التي يزيد عددها على مائة جامعة ومعهد وأكاديمية أشبه بمنارات مضيئة تنشر الوعي والثقافة، وتؤكد أن الرهان على مخرجات التعليم المتميز هو الرهان الرابح في سباق الدول الباحثة عن مستقبل سعيد لشعوبها.
ونوّه المرزوقي إلى أن فكرة تأليف الكتاب نبعت من خلال قراءاته المعمقة حول تجارب الشعوب الأخرى، وقصة صعودها، وتجاوزها لمراحل صعبة في تاريخها قبل أن تحتل مكانة متقدمة وبارزة على الخارطة العالمية مثل اليابان وكوريا وماليزيا وسنغافورة، وألمانيا.
وأضاف أن كتاب «التفوق الإماراتي» رصد ملامح النهضة الحضارية في الدولة، ومسيرة هذه النهضة من خلال منهج خاص اعتمده في الكتاب، وهو التدرج التاريخي والنمط الإحصائي والتحليل الواقعي ووضع المقارنات الزمنية وتعزيزها بصور توثيقية تتيح للباحثين والمهتمين معلومات وافية في هذا السياق.
وأردف المرزوقي قائلاً: «تم التركيز في الكتاب على نموذج الاتحاد، لأنه نموذج فريد من نوعه في المنطقة، وساهم في صنع مساحة من التنوع في التجارب والرؤى والنقد الإيجابي وصولاً للمرحلة الحالية التي نعيشها وسط بيئة حافلة بالتناغم والتعايش والانسجام»، ووصفها بالبيئة المشجعة على الابتكار والإبداع، وضرب أمثلة بذلك مثل اهتمام الإمارات بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وبالطاقة النووية للأغراض السلمية، وبالسياحة الثقافية والترفيهية التي استقطبت 18 مليون سائح في الأعوام القليلة الفائتة، وكذلك إطلاق حزمة من المشاريع الجريئة، وتعميم أساليب الإدارة الحديثة، مع الحفاظ على الهوية الوطنية كأرضية قوية تستند إليها هذه الإنجازات وتقدمها للعالم بمحتوى أصيل ومتفرّد.
وشدّد المرزوقي على نقطة إيجابية ملحوظة أوردها في الكتاب، وهي أن الإمارات لم تعد تعتمد على الثروة النفطية فقط بل على الثروة البشرية وعلى الصناعات الإماراتية الصاعدة والشركات الوطنية التي بدأت بسيطة ثم قفزت بخطوات عملاقة لتصل منتجاتها إلى الأسواق العالمية، موضحاً أن الأفكار الإيجابية هي ثمرة الإدارة الصحيحة، لأن هناك دولاً تمتلك ثروات طائلة لكنها لم تتقدم والسبب يرجع إلى إدارتها السيئة.
وعبّر المرزوقي عن رغبته في إدراج الكتاب ضمن المناهج الدراسية في جامعات الدولة حتى يتسنى للطلبة التعرف إلى هذه التجربة الاستثنائية التي تجاوزت بها الدولة الكثير من الحواجز المعيقة، مختتماً حديثه بالقول: «إن هدفي من هذا الكتاب هو تقديم اسم الإمارات كنموذج ناجح في العالم العربي، فنحن العرب تعبنا من الطرح السلبي الذي يقول إن العرب أمة لا تنهض، فهذه دولة الإمارات، دولة عربية استطاعت خلال فترة وجيزة أن تتفوق في المؤشرات العالمية للتطور والسعادة، وتحولت إلى معجزة وسط الصحراء، وأصبحت قوة دولية فاعلة ومؤثرة».