ناصر الجابري (أبوظبي)
أكد معضد حارب مغير الخييلي سفير الدولة لدى جمهورية روسيا الاتحادية، على التزام دولة الإمارات وروسيا الاتحادية المشترك وعزمهما لمكافحة التهديدات الحديثة والتقليدية مثل الإرهاب والتطرف الذي يهدد النظام العام وسلامة مجتمعاتنا الوطنية، والتعهد بمواصلة العمل معاً لمعالجة القضايا الإقليمية والعالمية الناشئة، بما في ذلك مكافحة الجريمة العابرة للحدود والقرصنة، وتعزيز التعاون في الأمن والدفاع والمساهمة في عملية نزع السلاح على الصعيدين الدولي والإقليمي.
وقال في حوار لـ«الاتحاد» بعد الزيارة الناجحة التي قام بها فخامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدولة الإمارات يوم الثلاثاء الماضي واللقاء بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة: تتمتع دولة الإمارات وروسيا بتاريخ طويل من التعاون من تكنولوجيا الفضاء إلى السياسة الإقليمية والاتفاقيات في مجال الطاقة، وذلك منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1971 «مع الاتحاد السوفييتي حينها»، واستمرت في عام 1991 بعدما اعترفت دولة الإمارات بروسيا الاتحادية، وتواصلت علاقاتنا الثنائية في الازدهار والتطور وبالتالي زادت قوة هذه الشراكة.
وأضاف: يتم تسهيل التقارب بين موسكو والإمارات من خلال المصالح الاستراتيجية المشتركة والعلاقات الاقتصادية. ففي العام الماضي ازدهرت التجارة الثنائية بين البلدين وتم تكريس المصالح المشتركة للبلدين في إعلان شراكة استراتيجية تم التوقيع عليها العام الماضي، حيث تغطي هذه الاتفاقية المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية، وقد حفزت على اتباع نهج أكثر شمولاً لتطوير العلاقات، وهو ما تجسد عبر عقد قمة «أقدر» العالمية، التي نظمتها دولة الإمارات في موسكو بحضور 11 وزيراً.
وأشار إلى أن العلاقات الثنائية الإماراتية الروسية تشهد تطوراً دائماً في شتى المجالات، منها السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والتكنولوجية، ويتلخص ذلك التعاون الثنائي في الأبعاد الاستراتيجية وخاصةً من بعد التوقيع على العديد من الاتفاقيات الثنائية. وآخرها التوقيع على الإعلان عن التعاون الاستراتيجي بين البلدين والاعفاء من التأشيرات لمواطني البلدين الصديقين. كما يعزز هذا الإعفاء من تزايد عدد السياح المسافرين بين بلدينا، ما يدعم قطاع الطيران والذي يقدر حالياً بـ61 رحلة أسبوعية بين دولة الإمارات وروسيا، وفي هذا السياق، تتطلع دولة الإمارات إلى زيادة عدد الناقلات ما بين مختلف مدن دولة الإمارات والمدن الروسية، ما سيسهم في تعزيز قطاع السياحة ما بين البلدين.
ولفت السفير معضد الخييلي إلى أنه يوجد حالياً، ما يقارب 16 ألف مواطن روسي يعيشون في دولة الإمارات ويزور الإمارات نحو مليون سائح روسي سنوياً، بينما لم يتجاوز عددهم قبل 3 أعوام 600 ألف سائح، كما بلغ عدد زوار مواطني دولة الإمارات إلى روسيا الاتحادية 4781 مواطناً خلال العام الماضي، والجدير بالذكر أنه عند دخول اتفاقية الإعفاء المتبادل لمواطني كلا البلدين حيز التنفيذ بتاريخ 17 فبراير من العام الجاري، لوحظ تزايد كبير في أعداد السائحين الإماراتيين إلى روسيا الاتحادية ليس فقط في العاصمة موسكو، بل ومدن أخرى مثل مدينتي سانت بطرسبورغ وسوتشي.
التبادل التجاري
وأشار إلى أنه من بين دول الخليج العربي تحتل دولة الإمارات المركز الأول على صعيد التبادل التجاري مع روسيا. ويعمل الجانب الروسي مع الصندوق السيادي لدولة الإمارات بشكل وثيق، وتم البدء في تنفيذ مشاريع عديدة والعمل ما زال جارياً ونشطاً لتنفيذ مشاريع مستقبلية أخرى، وسيكون هناك نمو لتداول السلع بين روسيا والإمارات بفضل المبادرات المخططة وتنفيذ مشاريع مشتركة جديدة، حيث إن الشراكة الثنائية تتطور في المحور الاقتصادي بقوة.
وبين أن دولة الإمارات تعول على تعاون قوي مع روسيا في مجال الفضاء، وهو ما كانت باكورته إرسال رائدنا الإماراتي هزاع المنصوري إلى محطة الفضاء الدولية، والذي عاد بسلام وأجرى عدداً من التجارب التي ستكون بلاشك مفيدة للعلم في بلدنا وفي العالم. وقبل مغادرته موسكو للعودة إلى أرض الوطن بعد الرحلة الناجحة التي قام بها، تقدم بعميق شكره لروسيا الاتحادية ولمركز يوري غاغارين لتأهيل رواد الفضاء، لجهودهم في تدريبه ومساعدته لأن يصبح رائد فضاء، حيث أثبتت رسالة رائد الفضاء المنصوري أن التعاون الدولي يلعب دوراً رئيساً في تحقيق نتائج جيدة. ومهمته ألهمت مواطنيه بفخر، والأمل للشباب العرب على أن يحذوا حذوه. وربما وضعت الأسس اللازمة لمزيد من التعاون المثمر بين روسيا والإمارات في مجال تكنولوجيا الفضاء وساهمت في تطوير العلوم واستكشاف الفضاء.
ترسيخ القيم الإنسانية
ولفت سفير دولة الإمارات في موسكو إلى أن روسيا تعد من الدول التي تثمن جهود الإمارات الهادفة إلى نشر التسامح بين الشعوب، لأن روسيا والإمارات في خندق واحد هدفه محاربة ومكافحة كل أوجه التطرف والإرهاب والذي يعاني منه العالم خاصة في منطقة الشرق الأوسط، وروسيا منذ التسعينيات تعرضت لهذا الخطر ووقفت ضده بحزم، والأهم من ذلك هو أن الإمارات وروسيا لهما موقف متفق وموحد حيال القضايا الوطنية وفي ظل ما نشهده من ظروف وما تمر به المنطقة وبعض دول العالم من أوضاع، لاسيما انتشار الإرهاب والتطرف الذي يختطف الدين الإسلامي وخاصة من طرف تنظيم «الإخوان المسلمين».
وحول الجهود المشتركة لتعزيز التسامح، أوضح الخييلي أنه تزامناً مع عام التسامح تم توقيع اتفاقية التعاون في ترسيخ القيم الإنسانية ونشر مبادئ الاعتدال والتسامح والانتماء للوطن واحترام القانون والحوار والثقافات الأخرى وتسهيل التفاعل بين المسلمين ومواجهة أفكار التطرف والتعصب والعدوان والعداء بين الأديان والأعراق ونبذ الأيديولوجيات التي تؤدي للإرهاب والعنف، حيث وقع الاتفاقية معالي الدكتور علي راشد النعيمي رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، وألكسندر فلاديميروفيتش جدانوف مدير صندوق دعم الثقافة الإسلامية والعلوم والتعليم، كما تم إجراء لقاءات عديدة في الشيشان وبشكوردستان وكازان مع مفتي روسيا والكاتدرائيات والكنائس في بلد المقر وتمت الاشادة بدور الإمارات في نشر قيم التسامح والاعتدال والوسطية.