23 سبتمبر 2010 20:46
إنهم متغطرسون وغير ودودين، ويعتبرون مدينتهم مركز العالم. تلك هي الصيغة النمطية التي تستخدم في الغالب لوصف أبناء باريس. وقد استخدم أحد الفنانين الاستعراضيين الفرنسيين هذه الفكرة في تقديم عرض حقق نجاحا هائلا بأحد مسارح العاصمة الفرنسية.
فإذا كنت من الجمهور الحاضر للعرض الذي يقدمه الفنان أوليفييه جيرود بمفرده باللغة الإنجليزية، فما عليك سوى الاستعداد لاتباع تعليماته. فيقول جيرود لجمهوره خلال العرض “فلنؤدي ذلك الآن معا... ارفعوا الحاجب الأيسر، واغمضوا العين اليمنى قليلا، واملأوا الجانب الأيسر من الفم بالهواء.. والآن أخرجوا الهواء من بين الشفتين المضمومتين بشدة إلى بعضهما لإخراج الصوت “بففف، وهو ذلك الصوت الذي يستخدمه الباريسيون للتعبير عن الرفض”.
ويقول المهرج الفرنسي جيرود (32 سنة) لجمهوره الدولي “قولوا أولا أووو لا لا ثم بففف”، في الوقت الذي يستمتع فيه الناس في صخب باتباع تعليماته. وتعد هذه نسخة أخرى من عرض جيرود الذي يحمل عنوان “كيف تصبح باريسيا في ساعة واحدة؟” التي تنفد تذاكره ليلة بعد ليلة بمسرح “دو لا مين دور” في المنطقة الحادية عشرة بالمدينة. وفي ثمانية مشاهد تصف الحياة اليومية بالعاصمة الفرنسية، يعرض جيرود السلوكيات التي يجب اتباعها وتحاشيها في باريس. فعلى سبيل المثال، لا تسأل سائق سيارة أجرة في باريس عما إذا كان يحب العاصمة الفرنسية. فقد تكون الإجابة “لا، فهناك عدد كبير للغاية من السياح هنا”.
ويبدأ جيرود بعد ذلك في عرض الطريقة التي يتبعها الباريسيون عند استقلال سيارة أجرة، فينصح أن تتحلى ببراعة عندما تسب السائق إذا لم تقف لك أول سيارة أجرة. وعندما تقف لك إحدى سيارات الأجرة، استقلها وأخبر السائق بوجهتك المقصودة بنبرة تنم عن ذكاء، ثم ادفع له أجرته بالسنت دون زيادة أو نقصان. ويتضمن عرض جيرود العديد من السمات القديمة والشهيرة التي يتميز بها أبناء باريس، بل وفي الواقع سمات الشعب الفرنسي بصورة عامة. فعلى سبيل المثال، يلعب جيرود في عرضه دور نادل لا يطيق تلقي الطلبات. ويسأل الزبائن في جميع أنحاء الغرفة “دجاج أم سمك؟”
كما يتضمن العرض راكب مترو أنفاق باريس الذي ينظر إلى المسافة التي سيقطعها بإحباط وخيبة أمل، والمرأة التي لا تذهب إلى صالات الديسكو الفخمة إلا عندما تكتسب مظهر “المرأة المغوية” وتستطيع دفع شعرها إلى الوراء كما لو أنها تؤدي إعلانا عن أحد العطور. ما الذي وراء كل هذه الصيغ في الحقيقة؟ هناك الكثير، إذا ما اتخذ رد فعل الجمهور على عرض جيرود مقياسا. ولا يحتاج جيرود سوى الإشارة إلى أن موضوع عرضه التالي يدور حول بائع في محل ملابس ليبدأ الجمهور في الضحك، حيث يصبح البائع كما هو متوقع متغطرسا وقليل الكلام.
وقالت امرأتان من الجمهور “إنها حقيقة أننا لا نتمتع بأي عقلية في تقديم الخدمات”. وأضافتا “غير أنه من الجيد أن تسنح لنا الفرصة للضحك على ذلك”. وقالت إحدى المرأتان إنها تعتقد أن الباريسيين ليسوا متغطرسين بقدر أكبر من سكان عواصم أخرى. غير أن رفيقتها تعارضها في ذلك، متذكرة فترة قضتها في العاصمة البريطانية لندن. وقالت “إننا، نحن الباريسيون، نتمتع بقدر من عقلية دول جنوب أوروبا، فنحن نشعر بالغضب سريعا”. ويقول جيرود إن عرضه لا يتضمن أي مبالغات تذكر، مضيفا أن باريس ببساطة كما هي، تتسم بـ”الرواتب المنخفضة والشقق غالية الثمن والناس غير الودودين”.
وعاش الفنان الفرنسي في الولايات المتحدة خمسة أعوام، حيث يقول إن الاختلافات الثقافية واضحة في الحقيقة. وأيا كان ما يقف وراء الصيغ النمطية التي تستخدم لوصف أبناء باريس، يبدو أن جيرود قد مس وترا حساسا. وقد قدم الفنان الفرنسي عرضه على مدار 14 شهرا، ومدده مؤخرا حتى ديسمبر المقبل. ومن المقرر أن يقدم هذا العرض العام المقبل خلال جولة في أوروبا وأمريكا الشمالية. ويقول جيرود، في معرض حديثه عن بوادر الاختلافات الثقافية “عندما كنت أبحث عن مسرح في باريس لتقديم عرض باللغة الانجليزية، قيل لي إن الجنون قد أصابني. وكان من الأسهل كثيرا أن أجد أماكن للقيام بالجولة”.
المصدر: باريس