يستخدم الأشقاء في الإمارات، عبارة «إخوان شما»، والتي تقال كناية عن طلب العلياء والسؤدد، وتساق في طلب النخوة والفزعة والعزوة، مثلها في ذلك عبارة «إخوان نورة»، وهي النخوة الشهيرة التي كانت ملازمة للمغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز في معارك توحيد المملكة، والتي أصبحت نخوة تدور على ألسنة السعوديين.
نخوة «إخوان شما» شدتني لها المشجعة الإماراتية الشهيرة «أم علي»، وهي التي لفتتني بحبها المتجذر للمنتخب الإماراتي، وأدهشتني بمتابعتها الدقيقة له، ففرضت عليّ متابعة معظم لقاءاتها الإعلامية بفضول الصحفي، وذلك منذ اللحظة التي التقاها معالي اللواء محمد خلفان الرميثي رئيس الهيئة العامة للرياضة في الأيام الأولى لانطلاق كأس آسيا.
عشية مواجهة الإمارات وقطر استضافت قناة mbc، أم علي، وسألها ماجد التويجري مراسل برنامج «صدى الملاعب» عن رأيها في لاعبي «الأبيض» خلال البطولة، فأجابت بعفويتها المعهودة، وبلهجتها الأصيلة التي تتضوع بعبق الإمارات: «الحمد لله.. ألحينه (إخوان شما) ما قصروا، والنعم فيهم عيال زايد»، وحين سألها التويجري عن توقعها لمواجهة قطر اليوم في نصف النهائي، أجابت من دون تردد: «إن شاء الله فايزين»، وقبل أن تنهي لقاءها وجهت رسالتها للاعبين بالقول: «أقول للاعبين بيضوا (ويوهنا) مثل ما لعبتوا مع أستراليا نبيكم تفوزون، وشدوا حيلكم».
«أم علي» التي أحببت إطلالتها، فإذا ما رأيتها أعود بذاكرتي لأيام «البيت العود»، وحين استمع لها يجذبني الحنين إلى الزمن الجميل، اختصرت عليّ كل ما يمكن أن يقال اليوم من عبارات التحفيز، ومفردات الحماسة، والكلام الذي يساق لشحذ الهمم، ونحن نترقب إطلالة «الأبيض» الليلة لإكمال مشواره نحو النهائي الآسيوي، لارتقاء منصة التتويج باللقب القاري، حين انتخت بـ «إخوان شما».
قلت بعد الفوز الكبير على أستراليا إن «المرجلة» كانت هي العنوان العريض لذلك الانتصار المدوّي، بعيداً عن أي أمور فنية، والمشهد البطولي للاعب فارس جمعة في تلك المباراة التي تحامل فيها على إصابته القوية، في حالة درامية هزّت وجدان كل من شاهد المباراة، اختزل المعنى الحقيقي للمرجلة، إذ أظهر الوجه المضيء للاعب الذي يحترق إخلاصاً لوطنه. قلت ذلك اختزالاً لكل ما يمكن أن يقال عن المباراة، في الوقت الذي اختزلت فيه أم علي ذلك بقولها: «إخوان شما» بيضوا الوجه، والنعم فيهم عيال زايد.
هنا سأكتفي بالقول: إن اليوم هو يومكم يا «إخوان شما»، فلن نتابع المباراة لنرى مهاراتكم، وفنونكم، وإبداعكم، بل سنتابعها لأننا جميعاً انتخيناكم، وأنتم أهل نخوة، واستفزعنا بكم، وأنتم أهل فزعة، فكونوا في الموعد لتسعدوا الآلاف الذين سيزحفون خلفكم إلى الملعب مؤازرين ومشجعين، ولتفرحوا الملايين الذين سيتابعونكم خلف الشاشات داعين ومؤملين، فلا تخيبوا أملهم.