لكبيرة التونسي (أبوظبي)
تتحلى مجموعة ناجيات من سرطان الثدي، بالإصرار على الحياة والحرص على اقتناص اللحظات الجميلة في ظل توفر العلاج ودعم الأسرة، خاصة الزوج الذي يلعب دوراً كبيراً في تجاوز المحنة، وسردت مجموعة من الناجيات قصصهن الملهمة ورحلتهن مع العلاج، التي أكدن فيها قدرة المصابة بسرطان الثدي على التغلب على المرض لا سيما مع الكشف المبكر واستدامة الدعم والرعاية الصحية المطلوبة، كما أشدن بدور القافلة الوردية وجمعية أصدقاء السرطان، وما تقومان به في التوعية بالمرض وما تقدمانه من دعم مادي ومعنوي، خاصة خلال أكتوبر، الذي أقرته منظمة الصحة العالمية شهراً للتوعية من سرطان الثدي.
عفاف متولي: التجربة أهدتني حياة جديدة
عفاف سيد متولي سيدة عانت مرض السرطان، لكنها وجدت في التجربة فرصة لحياة جديدة حسب قولها، فبعد أن كانت تعيش حياة عادية، أصبحت اليوم أكثر حرصاً على حياة تتسم بالإيجابية وتقبل على كل لحظة منها مستثمرة فرصة تواجدها بين أولادها وعائلتها وتعبر كل يوم تعيشه هدية من الله.
بداية.. شعرت عفيفي بشيء في الثدي فتغيرت حياتها، أصيبت بهلع كبير غادرت إلى بلدها لتجري فحوصات تؤكد أو تنفي طبيعة ما اكتشفته في صدرها، أكد لها الطبيب المختص هناك أنها سليمة وليست مصابة بأي مرض، إلا أنها عندما عادت إلى الإمارات شعرت بألم شديد على مستوى الصدر فقصدت طوارئ مستشفى راشد في دبي، كانت النتيجة صادمة.. تقول: «عندما أجريت بعض الفحوصات أكدت لي الطبيبة المختصة أنني مصابة بالسرطان في المرحلة الثالثة، نزل الخبر علي وعلى أسرتي مثل الصاعقة وأول ما خطر على بالي أولادي لاسيما أن أصغرهم عمره 6 سنوات وبعد أن استجمعت قواي واستفقت من الصدمة بدأت رحلة العلاج الشاقة».
أصيبت عفاف 41 عاماً بالمرض منذ 3 سنوات اقترحت عليها الطبيبة العلاج بالكيماوي لتصغير حجم الورم ثم بالتدخل الجراحي لتستأصل الجزء المصاب إلا أنها أصرت على استئصال الثدي بالكامل حتى تضع حداً للشك، وتجاوزت المحنة بمساندة زوجها وأخيها، خلال رحلة علاج صعبة، لكن المساندة المعنوية أعادتها للحياة، وكان للكلمات الإيجابية وقع رائع على نفسها، وهي تقاوم الألم واليأس والإحباط وتحتمل جرعات الكيماوي.
طعم السعادة
وتؤكد عفيفي أن إصابتها بسرطان الثدي غيرت مفهومها للحياة، فالأشياء التي كانت تزعجها في السابق باتت تافهة بالنسبة لها، وأصبحت تقدر كل لحظة، وتريد الانطلاق مع أولادها وزوجها، وتقول: عندما نلتقي نحن المصابات بسرطان الثدي نتقاسم الحديث والتجارب، حول أن شخصية الفرد تؤهله للإصابة ببعض الأمراض، بسبب سوء تقدير الأمور وتضخيمها، خاصة من يقلق ويخاف من المستقبل والأمراض، ويستبق الأحداث، وهؤلاء كثر، لهذا ومن خلال تجربتي فإنني أقول لكل شخص عش حياتك، واستغل الفرصة وافرح، لأن القلق والتوتر يحول بينك وبين العيش بسلام، كما أن الإيمان بالله يزيد الإنسان راحة ويجعله راضياً وسعيداً.
نانسي جلال: المرض غير شخصيتي
قالت نانسي جلال أبوسمرة: أعمل ممرضة، وخلال الفحص في إحدى المرات، وجدت كتلة غريبة وذهبت للكشف عنها، ولم أكن أتوقع أبداً أن أصاب بالسرطان، لكن رضيت بالقدر وبدأت رحلة العلاج، تلك الرحلة التي لن أنساها طوال حياتي.. وخلال العلاج، تناسيت المرض وانشغلت بالكيماوي وأعراضه المزعجة على جسمي، ومن ثم العلاج الإشعاعي والهرموني والعملية الجراحية، وفي هذه الرحلة كانت صديقاتي وزوجي وأولادي خير سند، فأذكر يوماً قالت لي صديقتي، بعد سنة ستتغير نظرتك للأمور، وبالفعل عندما مر على إصابتي 12 شهراً، أصبحت أكثر قوة، وأحسست بتغير كبير في شخصيتي وأفكاري وأسلوبي، وأصبحت أومن أن ما حدث لي كان امتحاناً وخيراً لي، حيث نجحت فيه بفضل الله وعائلتي وزوجي، الذين دعموني.
ناسي تعيش الآن حياتها وتشدد على أهمية الفحص المبكر، لأنه يساعد على اكتشاف المرض وتجنب مضاعفاته، مشيرة إلى ضرورة الاستمرار في العلاج.
حنان زيتون: لم أستسلم للهواجس وقررت المواجهة
حنان زيتون إحدى الناجيات من الإصابة، التي شعرت معها في البداية أن حياتها انتهت، وأخذتها الأهوال إلى التفكير في الزوج وحال الأسرة وأبنائها الثلاثة من بعدها، فأكبرهم محمد في المرحلة الثانوية، ودارت بها الدنيا، وكانت تقود سيارتها وتطوف في الشوارع تفكر فيما آل إليه حالها، فقد أصابها المرض والحزن بعد أن كانت معروفة بحب الحياة، والسفر وممارسة هوايتها في فك وتركيب الأجهزة، والاطلاع على جديد الإلكترونيات.. لكنها لم تستسلم لهذه الهواجس وقررت المواجهة بدعم من الزوج، الذي آثرها على نفسه وباشر معها رحلة علاج شاقة كانت تستلزم السفر أكثر من مرة أسبوعياً لإجراء الفحص، في ظل دعم ورعاية من شقيقتها غادة، التي تفرغت بموافقة أسرتها لتكون مع شقيقتها ليلاً ونهاراً.
وقالت حنان إنها حاولت ألا تترك عملها ليكون سنداً ودعماً للأسرة رغم ما تعانيه، لكن رحلة العلاج الطويلة استدعت بعض القرارات غير المرغوبة، حيث أقعدها المرض في بيتها، وهنا ظهر جلياً دور الزوج، الذي أبدى سعادته بزوجته وأشعرها أنها في إجازة مع الأسرة، وبذل كل ما بوسعه لينسيها أمر الإصابة، وأقنعها أنه اختبار من الله، وعليهما اجتيازه بالإيمان وتقبل الأمر، ومواصلة العلاج وطرق أبواب الأطباء، كما برز دور شقيقتها غادة وإصرارها على تكرار الفحص، حتى تسلك المريضة المسار الصحيح، وبالفعل كان الدعم على أحسن ما يكون، لتكمل المراحل المريرة من الدواء وتكرار الفحص والجراحة، حتى ظهرت آثار العلاج الكيماوي، التي تحتاج خلالها المريضة إلى مساندة أكثر من حاجتها لها وقت الإصابة، وهو ما وجدته دون أن تطلبه من شقيقتها.
ومرت الأيام، وحول المرض، الشقيقتين إلى صديقتين، وعادت حنان إلى عملها في أحد البنوك، وارتسمت الابتسامة على مُحياها من جديد، وتتابع الفحص كل فترة وأخرى، في ظل رعاية أسرية، وهي الآن تنصح غيرها بضرورة الفحص وسرعة تلقي العلاج، لكنها لم تتوقف عن حبها للإلكترونيات رغم نصائح الأطباء بضرورة التقليل من التعامل مع تلك الأجهزة.
سناء عودة: كسبت معركة مهمة
أكدت سناء عودة 50 عاماً وأم لخمسة أطفال أن مساندة زوجها وأولادها جعلتها تتخطى صدمة المرض، لافتة إلى أن الدعم المادي والمعنوي لجمعية أصدقاء السرطان والقافلة الوردية ساعداها على تخطي أسوء مرحلة في حياتها.
سناء التي أصابها سرطان الثدي قبل ثلاث سنوات بشكل مفاجئ، قالت إنها عندما شعرت بكتلة صغيرة في صدرها، أصيبت بهلع كبير، وأكدت لها الفحوصات أنها سليمة وأن الأورام حميدة، ولكنها ظلت تشعر بألم إلى أن توجهت إلى عيادات القافلة الوردية، فأكدوا أن الكتلة خبيثة، وتم تحويلها إلى المستشفى، ووجدت دعماً كبيراً من القافلة وجمعية أصدقاء مرضى السرطان وأجرت الخزعة وبعدها عملية جراحية، ومن ثم خضعت للعلاج الكيماوي، والآن هي ناجية وتـتناول نوعاً من الأقراص بشكل يومي لانتظام الهرمونات.
وقالت: الدعم المعنوي من الأسرة له دور كبير في الاستشفاء، حيث كان أولادي سنداً لي، كان زوجي ولازال أكبر داعم لي، ولولاه لما صمدت، فهو معي في كل لحظات العلاج، وحتى في الأوقات الحرجة، فعندما أبلغني الدكتور بالإصابة، كان الخبر صادماً، لاسيما أن طريقة التبليغ كانت قاسية جداً، انهرت وانهار أولادي، لكن استجمعنا قوتنا وبدأنا رحلة العلاج، كانوا بجانبي، ودخلت المعركة والحمدلله فزت بها، واليوم أنا أومن جداً بأهمية المساندة والدعم من المقربين، لهذا أصبحت أقدم الدعم المعنوي لكل مريضة، وأساعدها على تخطي الصعاب.
وأضافت: تجمعت الأسرة وأصبحنا قوة واقتربنا من بعضنا البعض، كما أصبحنا نستثمر الأوقات السعيدة ونعتبر تواجدنا مع بعضنا البعض أكبر هدية من الله، وأصبح الكل يراعي ويحافظ على مشاعر الآخر، حيث علمني المرض كيف تكون لنفسي وأولادي وزوجي المرتبة الأولى، وبدأت أستغرب كيف لشخص تتوافر له جميع النعم ويصاب بالاكتئاب، وبعد شفائي حرصت على أن أكون دائماً في كل فعاليات القافلة الوردية لأعكس تجربتي ولأشجع السيدات على إجراء الكشف الذاتي والدوري.
سوسن الماضي: القافلة الوردية تعزز الفحص المبكر
الدكتورة سوسن الماضي، مدير عام جمعية أصدقاء مرضى السرطان، ورئيس اللجنة الطبية والتوعوية في مسيرة فرسان القافلة الوردية قالت: ما تقدمه القافلة الوردية من خدمات وأنشطة توعوية لا يتوقف طيلة العام، إلا أننا نحاول توظيف المناسبات الخاصة، والوطنية، والفعاليات التي يتم تنظيمها في الدولة عموماً، لإطلاق أنشطة، وبرامج تتناسب مع أهدافنا الرامية إلى التوعية بمرض سرطان الثدي، والحد من الإصابة به، ومن بين المبادرات التي أطلقناها، بالتزامن مع الشهر العالمي للتوعية بسرطان الثدي «اليوم الصحي الخاص بالقافلة الوردية»، الذي يستهدف جميع مؤسسات القطاعين الحكومي والخاص ويضم عدة خدمات منها المحاضرات التوعوية وحجز عيادة القافلة الوردية المتنقلة والعيادة المصغرة، وشهد العام الحالي العديد من الأنشطة الجديدة، التي تسهم في تعزيز الوعي بمرض سرطان الثدي.
تفاعل 3.8 مليون مستخدم لـ «السوشيال ميديا»
تؤدي «السوشيال ميديا» دوراً محورياً في تعزيز وعي المجتمع بمرض سرطان الثدي، فهي ناقل حيوي لنصائح القافلة وتوجيهاتها للجمهور، وكذلك لأنشطتنا وفعالياتنا، ومن بين الأمثلة على ذلك، ما شهدته حملة «أنا أتعهد» لعام 2019 (#تعهد_القافلة_الوردية) من إقبال وتفاعل كبيرين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي حيث وصلت الحملة أكثر من إلى 3.8 مليون مستخدم حول العالم، وتقدم القافلة من خلال موقعها الإلكتروني، وصفحتها على انستجرام، @thepinkcaravan طيلة العام الكثير من الأفكار التوعوية.
1800 كيلومتر على طريق التوعية
قطعت مسيرة القافلة الوردية خلال 9 أعوام للتوعية والمساعدة في العلاج، أكثر من 1800 كيلومتر، وجابت مدن الدولة، حيث قدمت 64012 فحصاً استفادت منه 53114 سيدة و10897 رجلاً، بين عامي 2011 و2019، كما أجرت 18630 صورة ماموجرام و2945 صورة بالأمواج فوق الصوتية، أدت إلى اكتشاف 74 إصابة.