أسماء الحسيني (القاهرة- الخرطوم)
انطلقت أمس المفاوضات المباشرة بين وفدي الحكومة السودانية وفصائل الجبهة الثورية في جوبا عاصمة جنوب السودان، وذلك لبحث تحديد إطار المفاوضات. يأتي ذلك في وقت أعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال جناح عبد العزيز الحلو إنهاء تعليقها التفاوض مع الحكومة السودانية، وأكدت عودتها للمفاوضات.
ومن جانبه أكد مجلس السيادة السوداني وكذلك فريق الوساطة الجنوب سوداني أن أول جلسة للمفاوضات المباشرة بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية جناح الحلو ستنطلق صباح اليوم.
وكانت الحركة الشعبية جناح الحلو، التي تسيطر على مناطق واسعة بولاية جنوب كردفان، قد أعلنت أمس الأول تعليق التفاوض مع الحكومة على خلفية أحداث شهدتها المنطقة، اتهمت فيها الحركة قوات حكومية بمهاجمة مناطق تحت سيطرتها، مما اعتبرته خرقا من جانب الحكومة لاتفاق وقف العدائيات، وهو ما أعقبه إصدار رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان مرسوما سياديا بوقف إطلاق النار في جميع أنحاء السودان.
وأكدت قيادات بحركة الحلو لـ«الاتحاد» تمسكها بالسلام والتفاوض، وأنها لم ترد على الخروقات الحكومية حرصا على السلام والتوصل لاتفاق يعالج جذور المشكلات في السودان. وأضافت أنها في الوقت نفسه لن تساوم أو تهادن في حقوق وقضايا غالبية الشعب السوداني والهامش بصفة خاصة، وأنها قدمت للوساطة الجنوب سودانية ملفا كاملا من الأدلة على الخروقات الحكومية.
وقال مراقبون سودانيون لـ«الاتحاد» إن ما حدث من احتكاك بين بطن من بطون قبيلة النوبة الغلفان وبطن من قبيلة الحوازمة دار نعيلة وتسبب في وقف المفاوضات هو قضية شبه دائمة الحدوث بين الرعاة والمزارعين، ودرج العرف أن تحل في الإطار الأهلي بين أعيان القبائل، بعيداً عن المزايدات السياسية.
وأضاف المراقبون أن السلام هو الضامن الوحيد لعدم تكرار ما حدث مستقبلا، بعد تنظيم مسارات الرعاة الموسمية، وضمان عدم احتكاكهم مع المزارعين، حتى تحقن الدماء مستقبلا.
وفي هذه الأثناء، طالبت أطراف عديدة بالسودان بمواصلة التفاوض دون توقف. وقال مبارك أردول، الناطق الرسمي السابق باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان جناح مالك عقار، إن قصة الخلاف في منطقة هبيلا بجنوب كردفان التي تسببت في تعليق المفاوضات حدثت قبل أيام خلال تواجده بالمنطقة. وأضاف أنه حدث ضرب واعتقالات، لكن لم تستخدم فيها طائرات حربية، وأنه لا داعي لتهويل الأمور. وأوضح أن المشكلة تتعلق بمسارات الرعاة الرحل والسكان المزارعين، وأن المشكلات تعود لانتشار السلاح وثقافة العنف في المنطقة، وبسبب وجود قوى النظام المخلوع في المنطقة والولايات وتغذيتها للنزاع وإشعاله.
وأضاف أردول أن «المحمود في هذا الأمر هو إصدار رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان مرسوما رئاسيا بوقف شامل لإطلاق النار، وما يحمد للحركة الشعبية بقيادة الحلو هو إثارتها للأمر، ويجب مواصلة التفاوض دون توقف من كل الأطراف».
وقال الناشط السوداني الياس محمد: «نتمنى أن تتواصل المفاوضات رغم كل المعوقات للوصول إلى سلام عادل يوقف صوت البندقية ويطفئ نار الحرب». وذكر الناشط السوداني حاتم أزهري أن الجميع يتوق إلى السلام بعيدا عن عقلية المساومات.
وقال الناشط السوداني خالد علي: «نريد سلاما شاملا يعم جميع ربوع الوطن، ويجب أن يكون أبناء المعسكرات من النازحين واللاجئين من ضمن الوفد المفاوض، وإيجاد تمثيل عادل لهم في المفاوضات، لأن الشعب السوداني يريد سلاما عادلا وليس ترضيات سياسية وتوزيعا للمناصب والكراسي على النخب المسلحة التي أدمنت المفاوضات والجدال».
ومن ناحية أخرى، أكد رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك التزام حكومته بتعزيز مشاركة المرأة السودانية في جميع مستويات الحكم بالسودان، مجددا إشادته بالدور الفعال الذي لعبته المرأة السودانية في الثورة والتغيير بالسودان.
جاء ذلك خلال لقائه أمس وفدا من مبادرة «لا لقهر النساء»، وأثنى الوفد على التزام الحكومة بإشراك المرأة في أجهزة الدولة المختلفة، وخاصة تعيين القاضية نعمات عبدالله محمد خير رئيسة للقضاء، لتكون الأولى في تاريخ السودان والمنطقة العربية.
سودانيتان ضمن الأكثر تأثيراً عربياً
رحبت الأوساط السودانية باختيار موقع هيئة الإذاعة البريطانية لسودانيتين من بين 17 امرأة عربية كأكثر النساء تأثيرا وإلهاما من ضمن قائمة تضم مئة امرأة حول العالم، من بينهن أحلام خضر أم الشهيد هزاع التي فقدت ابنها وعمره 17 عاما في مظاهرة سلمية ضد نظام الرئيس المخلوع عمر البشير.
وأوضح موقع هيئة الإذاعة البريطانية أن أحلام كرست حياتها للمطالبة بالعدالة لابنها، وللكفاح من أجل حقوق كل الذين قتلوا أو اختفوا في السودان. ومنذ مقتل ابنها تشارك أحلام، التي تعمل مشرفة في روضة أطفال في ندوات ووقفات احتجاجية ومظاهرات. ومع انطلاق الحراك الشعبي السوداني في ديسمبر الماضي ضد نظام البشير برزت أحلام بين جموع المتظاهرين، وكسبت ثقة الشباب السوداني.
أما السودانية الثانية التي تم اختيارها كأكثر النساء تأثيرا وإلهاما فهي الدكتورة غادة فاروق كدودة التي ساعدت نساء عديدات في مناطق نائية بالسودان لتوليد الكهرباء في قرى فقيرة باستخدام الطاقة الشمسية، وذلك عبر تدريبهن ليساعدن مجتمعاتهن المحلية. وقد سمتها منظمة اليونيسيف كواحدة من النساء المبتكرات، بعد أن عملت على إطلاق أول مختبر للابتكار في السودان، وهي مؤسسة مجتمع المعرفة السوداني، والذي يعطي الباحثين الشباب فرصة للتفاعل والتواصل مع العلماء داخل السودان وخارجه. وقد اعتبر العديد من النشطاء السودانيين المرأتين نموذجا لشجاعة المرأة السودانية وعملها الدؤوب وتضحياتها، وأن اختيارهما يضاف إلى سجل إنجازات المرأة السودانية.