سيد الحجار (أبوظبي)
سيطرت التعاملات النقدية على سوق الحديد في أبوظبي، مع توجه تجار لوقف البيع الآجل تماماً واشتراط السداد النقدي فقط في ظل تذبذب الأسعار، فيما سجلت الأسعار تراجعاً بأكثر من 10% ليتراوح سعر الطن بين 1760 و1920 درهماً، مقابل 2050 إلى 2100 درهم الشهر الماضي، بسبب تراجع الأسعار العالمية.
وقال متعاملون بسوق البناء والتشييد في أبوظبي لـ«الاتحاد»، إن اشتراط السداد النقدي يربك سوق الحديد، في ظل اعتماد كثير من المقاولين على السداد الآجل، ما يؤثر على حجم السيولة بالشركات.
وقال خالد ادلبي المدير العام للشركة العربية لمواد البناء، إن التعاملات الآجلة كانت تستحوذ على نحو 50% من مبيعات الشركة سابقاً، فيما قرر مؤخراً إيقاف البيع بـ«الشيكات» في ظل عدم استقرار أسعار الخام، وكذلك تجنباً لتحمل متاعب التقاضي في حالة عدم التزام العميل بالسداد.
وذكر أدلبي أن أسعار الحديد بالسوق المحلي تراجعت لنحو 1920 درهماً للطن، مقابل نحو 2050 إلى 2100 درهم الشهر الماضي، حيث تختلف الأسعار بناء على طريقة السداد والكمية، مرجعاً انخفاض الأسعار إلى تراجع المواد الأولية والأسعار العالمية، لاسيما بسبب الأزمات الاقتصادية العالمية، نتيجة الخلافات الأميركية الصينية.
وأضاف أن الفترة الحالية تشهد تذبذباً في الأسعار، وسط توقعات بمزيد من الانخفاض خلال الفترة المقبلة.
تذبذب الأسعار
بدوره، أوضح المهندس أحمد متولي، مدير شركة القوة السريعة للمقاولات العامة، أن كثيراً من التجار أوقفوا البيع الآجل مؤخراً، حيث يشترطون السداد النقدي بسبب تذبذب الأسعار، مضيفاً أنه يمكن القول إن بعض المقاولين السبب في ذلك، بسبب إساءة استخدام «الشيكات» بعد الحصول على مشاريع بأقل من قيمتها، ثم التوقف عن السداد، ما يحمل التجار خسائر مالية، لاسيما في ظل صعوبة إجراءات التقاضي على الشيكات المرتجعة.
وأضاف متولي أن سعر طن الحديد يترفع أحياناً بنحو 300 درهم عند البيع الآجل، ما يعني أنه عند شراء 70 طن حديد لإنشاء فيلا بقيمة مليوني درهم على سبيل المثال، فإن السعر يزيد بنحو 21 ألف درهم، ما يعادل نحو 1% من قيمة المشروع، موضحاً أن بعض المقاولين يلجؤون للاتفاق على كمية محددة من الحديد بسعر ثابت مع سداد 30% من القيمة الإجمالية، على أن يتم سداد كامل القيمة لكل كمية يتم تحصيلها.
وتابع أنه فيما يتعلق بمواد البناء الأخرى، مثل الأسمنت أو الأخشاب أو الطابوق، فضلاً عن مواد التشطيبات، تعتمد على البيع الآجل لمدة 3 أشهر، بينما يتم بيع الحديد نقداً فقط.
وفيما يتعلق بالأسعار، أوضح متولي أن أسعار الحديد تشهد حالة من التذبذب، حيث تراجعت من 1900 إلى نحو 1760 درهماً للطن، مشيراً إلى أن تراجع سعر الحديد دفع الشركات لخفض قيمة تسعير متر الخرسانة من 1200 إلى 1100 درهم حالياً، وهو ما ينعكس على تكلفة البناء ككل، ولكن بشكل محدود، حيث لا تزيد تكلفة الحديد من قيمة المشروع ككل عن 5 إلى 7%.
شركات جديدة
وقال الدكتور صبري غازي العتيبي، مدير عام شركة البرنس للاستشارات الهندسية، إن التعاملات «الكاش» تستحوذ على 80% من مبيعات الحديد مقابل 20% للبيع بالشيكات، موضحاً أن تذبذب الأسعار يدفع التجار لعدم البيع الآجل، لاسيما للشركات الجديدة بالسوق، حيث يقتصر البيع بالشيكات للشركات المعرفة والمستقرة وذات التعاملات المستمرة مع التجار منذ سنوات.
وذكر أن أسعار الحديد تشهد حالة من التذبذب، حيث وصلت قبل عدة أشهر لنحو 2500 درهم، قبل أن تتراجع حالياً لنحو 1920 درهماً للطن بسبب تراجع الأسعار العالمية.
وأظهرت البيانات أن قيمة المشاريع العقارية قيد التنفيذ في الإمارات بلغت 238.3 مليار دولار، ما يشكل نحو 56.7% من القيمة الإجمالية للمشاريع قيد التنفيذ، تليها مشاريع النفط والغاز التي بلغت قيمتها نحو 100.5 مليار دولار، ثم مشاريع البنية التحتية بمجموع 81.3 مليار دولار، بحسب شركة «بروتيندرز» للأبحاث والمتخصصة في تتبع المشاريع بالمنطقة.
خسائر التجار
فيما أكد المهندس فراس حارث الراوي، رئيس مجلس إدارة شركة كاريزما للاستشارات الهندسية أن تذبذب أسعار الحديد يزيد مخاوف التجار من البيع الآجل، بيد أنه لا يمكن تجاهل أن خسائر التجار ترتبط فقط بزيادة الأسعار، أما في حالة تراجع الأسعار فإن البيع بالشيكات يعود بالفائدة على التجار.
وأوضح أن كافة شركات المقاولات، سواء الكبيرة أو الصغيرة، تعتمد على البيع الآجل، ومن ثم فإنه في حالة إصرار تجار الحديد على السداد الفوري، فإن ذلك يعني اضطرار المقاول لتسديد قيمة مواد البناء قبل استلام أمواله من المالك، وهو ما يسهم في زيادة التكلفة.
وفيما يتعلق بالأسعار، أوضح الراوي أن أسعار مواد البناء عموماً، وفي مقدمتها الحديد، ترتبط بالعرض والطلب بالسوق المحلي، فضلاً عن ارتباطها بالأسعار العالمية، مشيراً إلى أن تراجع أسعار الحديد مؤخراً يرجع لأسباب عالمية.
وأضاف أنه فيما يتعلق بالسوق المحلي، فإن الفترة الأخيرة تشهد نشاطاً ملحوظاً في حركة البناء مع توالي الإعلان عن اعتماد دفعات جديدة من قروض الإسكان، ما يسهم في زيادة الطلب، وهو ما يعزز احتمالات زيادة الأسعار بالسوق المحلي خلال الفترة المقبلة. وخلال شهر يونيو الماضي تم الإعلان عن صرف الدفعة الأولى لعام 2019 من قروض وتوزيع مساكن وأراضٍ سكنية للمواطنين في أبوظبي، شملت 2000 قرض بقيمة إجمالية بلغت نحو 3.4 مليار درهم، كما شهد شهر ديسمبر الماضي صرف أكبر دفعة من قروض الإسكان بقيمة إجمالية بلغت نحو 18.3 مليار درهم لـ12475 مستفيداً في الإمارة.