أسماء الحسيني (القاهرة، الخرطوم)
وسط أجواء احتفالية استقبلت وفود التفاوض، انطلقت أمس مفاوضات الحكومة السودانية مع الجبهة الثورية والحركات المسلحة السودانية في جوبا عاصمة جنوب السودان، برعاية رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، وبحضور الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الذي يترأس أيضاً منظمة «الإيجاد»، ورئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، وذلك من أجل إنهاء الحرب وتحقيق السلام.
وأعلن الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، أن منبر جوبا لرعاية محادثات السلام بين الجبهة الثورية والحركات المسلحة ووفد الحكومة السودانية، مؤهل لتحقيق السلام في السودان.
وأكد البرهان أن السلام هو أولى مهام الحكومة الانتقالية ومجلس السيادة في السودان. وأضاف: «إن الحركات المسلحة جزء ممن صنعوا الثورة السودانية».
وأعرب البرهان عن أمله أن تؤدي جولات المفاوضات في مدينة جوبا إلى تحقيق السلام في السودان، وأن الخرطوم تتطلع لوضع أسس لحل كل قضايا ومشاكل السودان عبر الحوار، معلناً حرصه على أن تكون جولة المفاوضات الحالية نهائية لوضع حد لمشاكل السودان، ومعاناة 5 ملايين نازح ولاجئ شردتهم الحرب.
ودعا البرهان خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية لمفاوضات السلام، قادة الفصائل المسلحة للعمل مع السلطة الانتقالية لحلحلة أزمات البلاد السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية حلاً شاملاً، باعتبار أن الجميع شركاء، لا غالب ولا مغلوب، مشيراً إلى أن التفاوض يختلف في هذه المرة عن السابق، حيث أصبح الجميع شركاء في الثورة، وفي الحلول التي ستخرج السودان من وهدته.
ومن جهته، دعا الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني إلى اتباع منهج جديد خلال المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة. جاء ذلك خلال لقائه عضو مجلس السيادة السوداني، رئيس الوفد الحكومي السوداني المفاوض الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وذكر بيان صادر عن مجلس السيادة أن دقلو أكد له أن الوفد الحكومي المفاوض على استعداد لتقديم كل ما يلزم لإنجاح عملية التفاوض. وأضاف: «إن السلام يمثل أولوية خلال الفترة الانتقالية».
ومن جانبه، أعلن عبد العزيز الحلو، رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال، أن وفد الحركة جاء إلى جوبا بعقل مفتوح لتحقيق السلام، مشيراً إلى أن السودان يحتاج إلى إدارة التنوع، والتخلص من الاتجاه العروبي الإسلامي الذي سجنه فيه النظام السابق.
ومن جانبه، أعلن الهادي إدريس، رئيس «الجبهة الثورية»، التزام الجبهة الكامل بإعلان جوبا الذي تم توقيعه مع الحكومة الشهر الماضي، وأعرب عن رغبة الجبهة الصادقة واستعدادها الكامل وبإرادة قوية في العمل على تحقيق السلام والاستقرار في السودان، وذلك بالدخول في عملية سلمية جادة.
وأكد إدريس خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية لجولة مفاوضات السلام، رغبة الجبهة الثورية في مناقشة التفاصيل الكفيلة لدفع عملية السلام من أجل الوصول إلى اتفاق سلام شامل. وأضاف: «جاء الوقت لمخاطبة جذور الأزمة السودانية الماثلة للعيان، وإقامة نظام جديد في السودان، وفق ترتيبات سياسية جديدة تستند إلى المواطنة المتساوية».
وقال عمار نجم الدين، القيادي بالحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الحلو، لـ «الاتحاد»، إنهم يتوقعون استمرار المفاوضات لمدة شهرين، وإنهم اشترطوا علمانية الدولة، مشيراً إلى تحفظات بعض الأطراف في الخرطوم على هذا الشرط.
من جهته، قال محمد حسن عربي، مسؤول الإعلام في حزب المؤتمر السوداني لـ «الاتحاد»، إن انطلاق مباحثات السلام السودانية خطوة إيجابية نحو تحقيق أهداف الثورة. فيما قال الإعلامي السوداني خالد عويس، إن قلوب السودانيين وعقولهم معلقة بجنوب السودان من أجل رسم خريطة طريق من أجل سلام السودان الذي يمثل الأولوية القصوى للجميع، يكفينا كل هذه العقود الطويلة من الحروب والمآسي.
وقال الناشط السوداني أحمد إبراهيم، إنها لحظات تاريخية نتمنى أن تتحقق فيها أماني أهل السودان بتحقيق سودان جديد، تتحقق فيه العدالة وسيادة حكم القانون والتنمية ورد المظالم لأهلها ومعاقبة الجناة.
وفي غضون ذلك، انطلقت مظاهرات حاشدة في معسكر كلمة للنازحين بولاية جنوب دارفور، تنديداً بالجرائم التي قالوا إنها مستمرة ضد المدنيين، ورفضاً لمفاوضات جوبا التي اعتبروا أنها تكرار لمفاوضات النظام السابق في أبوجا وسرت والدوحة، وأعلنوا تمسكهم بتحقيق أهداف الثورة والسلطة المدنية الكاملة، وتصفية النظام البائد ومؤسساته كافة.