قال الأستاذ لينارد كلاينروك، أحد المشاركين في إنجاز أول تواصل بين حاسوبين، إنه لم يتوقع أن يؤدي ذلك الاختراع إلى ظهور شبكات التواصل الاجتماعي.
قبل خمسين عاما، نجح كلاينروك وزملاؤه في جامعة "يو سي أل ايه" الشهيرة في كاليفورنيا في جعل حاسوب "يتكلم" مع آلة أخرى تقع في منطقة ستصبح لاحقا سيليكون فاليي (جنوب سان فرانسيسكو).
إلا أن العواقب السلبية وغير المتوقعة لهذا الاختراع، الذي هو سلف الإنترنت، بردت قليلا من حماسة البدايات.
ويروي كلاينروك الذي يحتفل في يونيو المقبل ببلوغه الخامسة والثمانين قائلا: «لم أتوقع أبدا جانب +شبكات التواصل الاجتماعي+». كنت أظن أن الأمر يقتصر على تواصل الناس مع الحواسيب وليس الأفراد فيما بينهم».
وبمناسبة الذكرى الخمسين لهذا الاختراع، يستعد الأستاذ الجامعي لفتح مختبر جديد مكرس للإنترنت من شأنه المساعدة على مكافحة المشاكل غير المتوقعة التي سجلت مع اعتماد الشبكة على نطاق واسع.
وبات أربعة مليارات شخص تقريبا يستخدمون الشبكة في العالم. وكان يعتقد أنها ستحمل المساواة والمعرفة إلى غالبية سكان العالم.
ويقول المخترع "هو اختراع ديمقراطي للغاية في أحد جوانبه. لكنه يحوي أيضا على وصفة مثالية للجانب المظلم من البشرية. (...) ثمة أشياء كثيرة يعبر عنها بالصراخ عبر الإنترنت ما يغرق الأصوات المعتدلة ويعطي صدى إضافيا للمواقف المتطرفة ما ينشر الحقد والإساءات والتضليل".
ويؤكد "نحن بصفتنا مهندسين لم نفكر في السلوك السيئ والمؤذي".
ويتناول المختبر الجديد "كونيكشن لاب" مسائل مثل تعلم الآلات والذكاء الاصطناعي وشبكات التواصل الاجتماعي وتقنية سلسلة السجلات المغلقة (بلوكتشين) وهي قاعدة بيانات آمنة تعتمد الحوسبة السحابية.
ويهتم لينارد كلاينروك خصوصا بإمكانية استخدام تقنية "بلوكتشين" كوحدة قياس للثقة.
ويمكن لرواد الإنترنت مثلا من خلال قراءة تقييم لمطعم أن يعرفوا إن كان الكاتب قد سبق له أن نشر مقالات أخرى جديرة بالثقة.
ويؤكد "ستكون أشبه بشبكة سُمعات محدثة دائما. ويكمن التحدي في كيفية تحقيق ذلك بطريقة أخلاقية ومسؤولة. سرية الهوية سيف ذو حدين بطبيعة الحال".
ويؤكد أن هناء الشبكة في بداياتها لم يكن يعكره سوى قراصنة معلوماتية منعزلين.
أما اليوم، فهذه العناصر تشمل دولا والجريمة ومنظمات وشركات نافذة "تقوم بأشياء جيدة وسيئة" مثل تحقيق الأرباح من خلال انتهاك الخصوصيات.
يأسف لينارد كلاينروك لافتقار العلماء في تلك الفترة لهذا البعد الاجتماعي ما منعهم من إدراج أدوات التثبت من هوية الأفراد وصحة البيانات منذ بدء الإنترنت.
ويؤكد "ما كان هذا لينقذنا من الجانب القاتم للشبكة لكنه كان ليساعدنا في تخفيف الوطأة التي يشعر بها الجميع اليوم".
إلا أنه يبقى متفائلا بعض الشيء.
ويقول "أظن، في نهاية المطاف، أن الجوانب الإيجابية هي الغالبة. لن أوقف الإنترنت حتى لو كنت قادرا على ذلك".
في البداية، أطلق على المشروع اسم "أربانت" تيمنا بدائرة الأبحاث في الجيش الأميركي التي كانت تموله وتعرف باسم"ديفانس ادفانسد ريسيرتش بروجيكتس إجنسي" التي شكلت العام 1958.
ووجد المهندسون الوسيلة لنقل البيانات من خلال الحواسيب بإدخالها ضمن "حزم رقمية" عدة.
وفي 29 أكتوبر 1969، بدأ طالب في جامعة "يو سي أل ايه" بطباعة كلمة "لوغ" (ولوج) لإقامة تواصل مع حاسوب في مكان آخر. وقد تمكن من تمرير حرف "ل" إلا أن الجهاز توقف بعد حرف "و".
ويروي لينارد كلاينروك قائلا "الرسالة الأولى التي مررت كانت تاليا« +لو+ كما الحال في عبارة +لو أند بيهولد+» (التي تعني: ها هي...) ما كنا لنحلم برسالة أولى مقتضبة أفضل من هذه".
وانطلق عندها مشروع "أربانت". أما ولادة الإنترنت فهي تبقى موضع نقاشات محتدمة لأنه أتى نتيجة مراحل مختلفة مثل بروتوكولات نقل البيانات وإنشاء "الشبكة العنكبوتية العالمية" مع نظام الصفحات المباشرة.
ويقول مارك ويبر المسؤول في متحف تاريخ الكمبيوتر في سيليكون فاليي "السؤال الآن أي نوع من الوحوش استحال الإنترنت؟ لقد فرض نفسه وسيلة التواصل الأولى للبشر وهذا لا يستهان به".
ويقول أولاف كلوكمان من "إنترنت سوساييتي"، "الإنترنت حمل إيجابيات أكثر منه سلبيات" واصفا إياه بأنه "مراهق مشاغب".