منى الحمودي (أبوظبي)
البعض يعتبر حبوب ومنتجات التنحيف الحل السحري بالنسبة للذين لديهم رغبة قوية في فقدان الوزن، حيث يقوم مصنعو هذه المنتجات بتقديم وعود حول خصائص العقاقير التي يبيعونها، في حين أن معظم هذه الادعاءات لا تدعمها الأبحاث السريرية. وفي الواقع، فالأدوية التي تقدم وعود التخلص من الوزن أو حرق الدهون قد تحمل أخطاراً مخفية على صحة الفرد، وعلى الرغم من مخاطر استخدام هذا النوع من الحبوب والمنتجات، فإن الطلب عليها في ارتفاع مستمر. وتشير الدراسات إلى أن حوالي 50% من الذين يعانون من الوزن الزائد يستخدمون حبوب الحمية دون وصفة طبية، أو المكملات العشبية، أو الأدوية الموصوفة لإنقاص الوزن، في حين أن التحذيرات تؤكد على إن لم تكن أدوية إنقاص الوزن تُستخدم لأسباب طبية تحت إشراف الطبيب، فقد تعرض الشخص للأذى باستخدام هذه المنتجات.
لمجرد أن حبوب الحمية أو المكملات الغذائية تُباع في عبوات جذابة في صيدلية محلية، أو من خلال بائع عبر الإنترنت، لا يعني أنها آمنة.
ولفتت دراسات عالمية إلى أن العديد من المستهلكين لا يدركون أن المنتجات التي يتم تسويقها لا تخضع للتنظيم من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، ووفقاً لقانون المكملات الغذائية والتثقيف الصحي (DSHEA) لعام 1994، تقع على عاتق الشركة المصنعة مسؤولية إثبات أن المكملات آمنة، وليس كل الشركات المصنعة تمتثل لهذا الشرط، وتم اتهام العديد من المصنعين بتقديم ادعاءات كاذبة حول منتجاتهم، أو إضافة مكونات دوائية إليها أو إنتاج مكملاتهم في ظروف غير آمنة.
قصة حزينة
وقد رصدت «الاتحاد» تجارب عدد من القراء الذين وجدوا في هذه الحبوب ملاذاً لتخفيف الوزن، وحذر أطباء ومختصون من الانسياق وراء إعلانات مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت حول منتجات إنقاص الوزن، وأكدوا على أهمية لجوء من يعاني من السمنة إلى الطرق الصحية الآمنة.
ومن بين التجارب المريرة قصة وفاة عشرينية لم تتوقع أن كل ما كانت تقع عليه عيناها على شاشة هاتفها من حبوب للتخسيس، عبر مواقع التوصل الاجتماعي، سيجعلها مكبلة بأسلاك سرير المستشفى لبدء الغسيل الكلوي، فقد كانت تعاني من الوزن الزائد وبسبب التعليقات شبه اليومية حول شكل جسدها، كانت تبحث عن أسرع الحلول لإنقاص وزنها، ولم يكن ملاذها سوى هؤلاء الذين يعرضون مختلف الأصناف من الأدوية غير المرخصة والضارة والتي لن يجرؤوا على تناولها بأنفسهم، ويدعون أنها أسرع حل لتنقيص الوزن.. فقد لجأت لهذا الحل عبر متابعة عدد من «مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي.. بائعو الأوهام.. المتاجرين بالصحة العامة مقابل حفنة أموال تقدم لهم»، وتزوجت ولم ينقص من وزنها إلا القليل، ولم تكن راضية بتلك النتيجة، في حين أنها ترى النتائج الهائلة التي كان يعرضها مروجو هذه المنتجات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أكملت تناولها، ولم تستوعب مخاطر ما كانت تتناوله من هذه الحبوب، حتى أثبت فحصها الطبي إصابتها بالفشل الكلوي، جراء تناول هذه الحبوب، ومن بعدها وصلت للمراحل الأخيرة من الغسيل الكلوي الذي أنهك جسدها، ومن ثم ارتقت روحها إلى بارئها.
الإصابة بنوبة قلبية
وتقول مريم علي: «كنت يائسة عندما لجأت إلى حبوب التخسيس، فكنت أعاني من السمنة منذ طفولتي، ولكنني فقدت الكثير من الوزن عن طريق الذهاب إلى الصالات الرياضية في أوائل العشرينيات من عمري، وبعدها فقدت التركيز على وزني وأصبت بالسمنة، حتى اشتريت حبوباً لإنقاص الوزن التي يروج لها أحد المشاهير في موقع التواصل الاجتماعي «الانستغرام»، والتي بفضلها خسرت 5 كيلو جرامات خلال 3 أيام، وبفضل الحماس واصلت تناولها، حتى بدأت أعاني من آثارها الجانبية».
وأضافت: «أصبحت أتعرق وأشعر بالبرودة الشديدة بنفس الوقت، وازدياد في خفقان القلب والرعشة بكامل الجسد، ولم تردعني هذه الآثار الجانبية عن التوقف، فهي حبوب المعجزة، إلى أن أصابني ألم شديد بالصدر كاد يؤدي إلى الإصابة بنوبة قلبية».
الطعام الصحي والرياضة
ويعتبر خالد صالح أن «الجميع يعرف الطريقة الصحيحة والصحية لفقدان الوزن، وهي الطعام الصحي والتمارين، وتتطلب العمل الجاد والصبر، لكن مع وجود مغريات منتجات إنقاص الوزن، فإن العديد من الأشخاص يشترون هذه المنتجات على الرغم من معرفتهم بمخاطرها وعدم قانونيتها»، مطالباً بتشديد الرقابة على حسابات بيع هذه المنتجات، والتي لا يصعب الوصول إليها، وهي منتشرة بشكل كبير في «الانستغرام»، وأغلب المروجين يستخدمون بعض الأوسمة للوصول لهم بشكل مباشر.
علاج سوء التقدير للذات
من جهته، تساءل أحمد الفارسي، عما يمكن فعله لمراقبة هذا السوق، فالكثير من منتجات إنقاص الوزن غير المرخصة أصبحت تباع ويتم توزيعها، من قبل أشخاص غير مختصين، وآخرين يعملون من المنزل، وبكل سهولة وبضغطة زر يصبح الشراء أسهل ما يكون.
وقال: «إنني على يقين بأن تخزين هذه المنتجات يتم بطريقة غير صحية، ولو يعلم الأشخاص الظروف التي يتم فيها التخزين فقد يقل احتمال شرائها». مضيفاً: «رزقنا الله بالعقل للتفكير، ولو ركز الأشخاص على آثارها الجانبية وأنها قادرة على جعلك طريح الفراش، لكان ذلك رادعاً كافياً لهم».
ولفت إلى أهمية علاج سوء التقدير للذات، والتي تعتبر سبباً رئيسياً لاتجاه معظم الأشخاص لمنتجات إنقاص الوزن السريعة، بغض النظر عن آثارها الجانبية. فهم لا زالوا مهتمين بنظرة المجتمع إلى جمال الجسد، ويعمل مروجو هذه الحبوب للعب على هذا الوتر الحساس، ولذلك يأتي دور الأسرة والمدرسة في ترسيخ بعض المفاهيم منذ الصغر، حول اتباع الأنظمة الصحية لإنقاص الوزن، بالإضافة لعدم جعل الوزن هاجساً قد يدفع بهم إلى القضاء على صحتهم.
قلة الثقة بالنفس
يرى تيسير عبدالقادر، أن «المروجين لمنتجات إنقاص الوزن في مواقع التواصل الاجتماعي، هم السبب الرئيسي لانتشارها، وذلك عبر نشر مقاطع مصورة عن أجسادهم ونمط حياتهم الصحية والتي أتت من تناول حبوب الحمية، حتى يقنعوا الجميع بأنه يمكن الحصول على هذه الأجساد من خلال تناول هذه المنتجات».
ولفت إلى أن «الأمر يتعلق بالضغط النفسي، خصوصاً لدى النساء الحالمات بالجسم المثالي، واللاتي يعانين من قلة الثقة بالنفس بسبب الوزن الزائد، ومقارنة أنفسهن بالعارضات اللاتي يظهرن خلف الشاشات».
قائمة المنتجات الخطرة
وذكرت الدكتورة عبير النقبي، طبيبة اختصاصية في طب الأسرة ومديرة مركز البطين الصحي في الخدمات العلاجية الخارجية في أبوظبي، أن «بعض منتجات إنقاص الوزن قد تكون فعالة في خلق شعور بالامتلاء أو حرق الدهون أو زيادة التمثيل الغذائي، ولكن تم حظر بعض المكونات الشائعة في هذه المنتجات من قبل إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية (FDA) بسبب الآثار الجانبية الخطيرة التي تسببها، بما في ذلك زيادة معدل ضربات القلب، ارتفاع ضغط الدم، الإسهال، مشاكل في الكلى، التهاب وتلف الكبد واليرقان ونزيف المستقيم أو النوبات القلبية والسكتات الدماغية».
وأشارت إلى أن الجهات المختصة في الدولة وخارجها، تعمل على حماية المستهلكين من خلال الإعلان عن قائمة المنتجات الخطرة، بحيث تمكن المستهلكين من معرفة المنتجات التي ينبغي عليهم الابتعاد عنها، نظراً لأن بعض المنتجين لهذه المنتجات يتجنب ذكر جميع المكونات في ملصق المنتج وخاصة الضارة منها، وبالتالي فلن يكون لدى المستهلكين أي طريقة لمعرفة بأنهم كانوا يتناولون منتجات تشكل خطراً على صحتهم، أو بأن كل عناصر المنتج آمنة على الصحة.
وأفادت النقبي بأن بعض الأشخاص ما أن يعاني من زيادة في الوزن، حتى يبدأ بالبحث عن طرق سريعة لفقدان الوزن المكتسب دون عناء، وأول طريقة يلجأ إليها هي تناول منتجات إنقاص الوزن، دون وصفة طبية ودون الاهتمام لمخاطرها على الصحة، بدافع هوس فقدان الوزن. ولفتت إلى أنه «من المحتمل أن يسيء الشخص المصاب بفقدان الشهية أو الشره المرضي من إضافات النظام الغذائي بالطرق التالية، كأخذ أكثر من الجرعة الموصى بها من المكملات الغذائية، تناول منتجات الحمية غير الموصى بها للأفراد الذين لديهم وزن طبيعي أو الذين يعانون من نقص الوزن، أخذ أدوية تخفيف الوزن دون إشراف الطبيب، الجمع بين عدة أدوية لفقدان الوزن والجمع بين حبوب الحمية مع المسهلات، أو مدرات البول، والجمع بين أدوية التنحيف مع أدوية طبية تتعارض مع مكوناتها. وذكرت بأنه قد يكون تناول جرعة زائدة من دواء تنحيف، أو الجمع بين عدة أدوية، خطيراً للغاية، ويمكن لجرعة زائدة من المنتجات المنشطة رفع ضغط الدم إلى مستويات عالية بشكل خطير، مما يعرض حياة الشخص لخطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، فيما قد يؤدي تناول مكملات منع الدهون مع المسهلات أو مدرات البول، إلى حدوث الإسهال وفقدان السوائل واختلال توازن الجسم».
«صحة أبوظبي» تجدد التحذير
جددت دائرة الصحة – أبوظبي، تحذيرها لأفراد المجتمع من استخدام منتجات تخسيس الوزن، وطالبت بعدم الانقياد لما يروجه مسوقو تلك المنتجات، ووسائل الدعاية التي يستخدمونها، وشددت على عدم الانخداع بوعود فقدان سريع للوزن مثل «تخلص من وزنك الزائد خلال 7 أيام» أو«لا تجهد نفسك، لا داعي للرياضة» أو«تخلص من الكرش دون حمية غذائية»، أو ادعاء بعض المنتجات أنها عشبية 100% ولكن نتائجها مماثلة لأدوية معتمدة.
وذكرت الدائرة، بأنه على الرغم من التحذيرات التي تطلقها الجهات الصحية حول عدم مأمونية النتائج لاستخدام مثل هذه المنتجات غير معروفة المصدر، فإن هناك زيادة في استخدامها من قبل أفراد المجتمع، مما يسمح لذوي النفوس الضعيفة بتسويق المزيد منها، حيث إن البعض يقوم بتغيير شكل المنتج أو شكل الكبسولات ويقوم بتسويقها.
وتحرص دائرة الصحة – أبوظبي على التحذير، بشكل مستمر، من استخدام كبسولات ومنتجات تخسيس الوزن، والتي يتم الترويج لها بصورة كبيرة في العديد من المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بغرض التنحيف، وذلك عبر قائمة تشمل جميع المنتجات التي يتم معاينتها وتحليلها، والتي تُظهر التحاليل المختبرية احتواءها على مواد محظورة وخطرة على الصحة العامة، وهي غير معلن عنها على علبة المنتج أو في النشرة الداخلية.
ولفتت الدائرة إلى أنه من بينها مادتا «سيبوترامين» و«فينولفثالين»، حيث تم حظر المادة الأولى عالمياً لارتباطها بزيادة احتمالية التعرض للسكتات القلبية والجلطات المميتة، إذ كانت تستخدم كدواء لتخسيس الوزن، وقد تم سحبها من الأسواق بعد أن تبين أن مخاطر استخدامها تفوق الفوائد المرجوة منها، كما أنها قد تؤدي إلى آثار جانبية متعلقة بالقلب والأوعية الدموية مثل ارتفاع ضغط الدم، عدم انتظام دقات القلب. كما أن المادة الثانية «فينولفثالين» محظور استخدامها في الأدوية منذ زمن طويل، لتسببها في الإصابة بالسرطان، وبالإضافة لتلك المادتين، فإن العديد من المنتجات تحتوي على مواد مثل «اليوهمبين وهيدروكلورفينيرامين» المحظور استخدامها في الدولة، وتشمل القائمة التي تقوم الدائرة بتحديثها بين حين وآخر أعشاباً لفقدان الوزن، وأنواعاً مختلفة من الشاي والقهوة ومسحوقاً لمشروبات، مشيرةً إلى أن هذه المنتجات غير مصرح ببيعها في دولة الإمارات.
«منتجات الأعشاب»
شددت الدكتورة عبير النقبي، على أن «احتواء المنتجات على الأعشاب لا يدل على أنها آمنة وغير ضارة على الجسم، حيث توجد أنواع من الأعشاب مضرة ولها آثار جانبية خطيرة، وقد تتعارض مع أدوية أخرى أو مع أعشاب أخرى، وبعض الشركات تستخدم خدعة الأعشاب للترويج للمنتج ولإعطاء المستهلك شعوراً بأن المنتج آمن كلياً، لذا نوصي باستشارة اختصاصي الرعاية الصحية قبل أخذ أي مكمل لفقدان الوزن، سواء طبي أو بالأعشاب، لأنها الطريقة الأمثل لضمان سلامتكم».
سدّ الشهية
أشارت أحلام الهاجري، اختصاصية التغذية في مستشفى المفرق، إلى أن البعض يلجأ إلى الطرق السهلة لإنقاص الوزن والوصول إلى الوزن المثالي في أسرع مدة زمنية، مثل حبوب التخسيس، من دون معرفة مخاطرها وأضرارها، ومن دون استشارة الطبيب واختصاصي التغذية أو اتباع حمية غذائيّة، ويروج البعض أن هذه الحبوب تساعد في سدّ الشهية وتزيد من معدل حرق السعرات الحرارية، ولا تخلو هذه الحبوب من الأضرار الجانبية، منها تأثيرها على القلب والدورة الدموية ومشاكل في الجهاز الهضمي والكبد وآثار جانبية في الكلى، كما أنها تسبب الشعور بالعطش وتؤدي إلى الجفاف.
وأوضحت أن السمنة مرض مرتبط بالعديد من الأمراض المزمنة مثل مرض السكري، وارتفاع الكوليسترول في الدم، وآلام المفاصل، وذكرت بأن هناك طرقاً أكثر أماناً لإنقاص الوزن، مثل اتباع نمط غذائي صحي، وممارسة التمارين الرياضيّة بشكل منتظم، لتحسين صحة الجسم بشكل عام.وتضيف الهاجري: في بعض الحالات يتم وصف أدوية التخسيس تحت استشارة طبية، وبناءً على التعليمات التي يصفها الطبيب والتي تختلف من شخص إلى آخر. حيث لوحظ في الفترة الأخيرة انتشار الكثير من الإعلانات في حسابات التواصل الاجتماعي المروجة لبعض الأدوية التي لم تثبت المنظمات العالمية صحتها وخلوها من المخاطر.
التخلص من الوزن الزائد
ذكرت لطيفة الساعدي، أنها بعد عدة حالات حمل وولادة أصبح جسمها كما وصفته، «بشعاً»، حتى أن جميع من حولها باتوا يشيرون لها بأهمية أن تهتم بنفسها حتى لا تخسر صحتها، حينها تذكرت بأن زوجها كان يتذمر بعض الأحيان من إهمالها لنفسها، ودائماً ما يطالبها بأن تحافظ على رشاقتها، كما كانت في أول أيام الزواج.
وأشارت إلى أنه لم يكن في عقلها سوى التغيير الجذري ومحاولة التخلص من الوزن الزائد، خصوصاً أن التحذيرات الصحية تشير إلى أن السمنة مرتبطة بعدة أمراض منها السرطان، لذلك اختارت أسرع وسيلة للتخلص من الوزن الزائد، بدلاً من نصائح الأطباء والتي تطلب منها ممارسة التمارين وتناول كميات أقل من الطعام، والذي لم يكن الحل السريع الذي تريده.
ولفتت إلى أنها اتجهت لحبوب إنقاص الوزن التي اشترتها عبر الإنترنت، بناءً على نصيحة إحدى صديقاتها والتي ذكرت بأنها رأت نتائجها المذهلة على صديقة أخرى لها، مشيرةً إلى أن الحمية الغذائية التي كانت تتبعها مع تناول الحبوب أثرت عكسياً على صحتها، حتى أنها فقدت وعيها في أحد الأيام، ولم تتوقف عن تناول تلك الحبوب، حتى حذرها الطبيب من مخاطرها والتي كادت تودي بحياتها.