22 يونيو 2011 20:21
خصّصتْ أغلب كبريات الصحف العالمية ملاحق مراجعات الكتب الأسبوعية التي تصدر نهاية كل أسبوع، لقراءات الصيف وإجازات المدارس والأكاديميات والسفر، حيث قدمت عروضاً للكتب التي من الممكن أن تكون رائجة أكثر من سواها، سواء من قِبَل الجمهور أم من ترشيحات محرري الكتب ودور النشر.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية واسعة الانتشار من بين أبرز الصحف التي أصدرت ملحقا للصيف أوسع بكثير ربما من غيرها من الصحف الناطقة بالإنجليزية، ضمّ أنواعا من الكتب وفقا لموضوعاتها الأدبية والسياسية وكتب الرحلات والمذكرات والسيرة الذاتية لألمع نجوم المجتمع الأميركي، كالمغنين والسينمائيين ورجال الاقتصاد والسياسة فضلا عن كتب أخرى، من ذلك النوع الخاص بالطبخ أو الأطفال أو الديكور وآخر تقليعاته المناسبة أكثر من سواها لهذا الموسم.
وقد احتلت الإصدارات الروائية مكانة مرموقة من بين أكثر الكتب رواجا بين القرّاء والمحررين، وتحديدا ما يرتبط منها بالعائلة وتراجيدياتها وكوميدياها، أكثر من الروايات ذات البنية الفنية الروائية المعقدة التي غالبا ما تتناول حياة الأفراد في المجتمعات الصناعية الكبرى، وكذلك روايات الرعب والجريمة، أو تلك التي تركّز على الخطاب الجنسي عبر تحولاته في المجتمع الأميركي.
ويلحظ قارئ عروض الروايات الأكثر طلبا من القرّاء والأكثر متابعة من المحررين، أنها هي التي تختص بالعائلة، حيث لا اعتبارات كبرى للمستوى الفني وليس أمرا إن كانت هذه الرواية أو تلك قد فازت بجائزة البوليتزر الأميركية أو المان بوكر البريطانية، بل الحكاية هي الأساس في الأمر.
وهذا النموذج من “رواية العائلة” يقترب مثاله إلى حدّ بعيد من رواية “الأخت” للروائية البريطانية روزاموند لوبتون، الصادرة مؤخرا في نيويورك ولندن عن كراون للنشر، وترتكز بشكل أساسي على نقض فكرة أن النساء ممن يتربين معا صحبة العائلة بمن فيها الأشقاء هن أكثر سعادة وتوازنا من غيرهن ممن يتربين دون عائلة، فتتناول الرواية حكاية بياتريس (26 عاما) وتيس (12 عاما) اللتين تعيشان مع أمهما في لندن، فتغادر بياتريس العائلة لتعيش وتعمل في نيويورك، في الوقت الذي تتفتح فيه موهبة الأخت تيس عن رسامة متميزة ومؤهلة لأن تصبح ذات شأن يوما ما، وقادرة على منافسة أولئك الفنانين الإنجليز من أصول غير إنجليزية.
فجأة تنتحر تيس دون توقع، فتعود بياتريس من نيويورك حاملة عبء ذنب ما تجاه أختها التي تحبها والتي من المفترض أنها على اطلاع على أسراها، إذ هما دائمتا الحديث عبر الشات فتخبرها تيس عن علاقتها باللون على السطح التصويري بصورة شعرية يتم اقتباس العديد من مقاطعها في عرض هذه الرواية التي تتأرجح ما بين الذاكرة والواقع المعاش، حيث كان هناك أب هجر البيت وأخ اضطرهما موته المبكر لارتداء ثياب الحداد لوقت طويل لتنزرع الكآبة في وجدانهما.
ولعل من الضروري هنا الانتباه إلى أن أحداث الرواية إذ تتوزع ما بين نيويورك ولندن، هو أحد أسباب رواج هذه الرواية ليس في البلدين وحدهما، بل في كل العالم الناطق بالإنجليزية.
أما الرواية الأخرى فهي “مقر السفير” للروائي البريطاني الذي يوصف بأنه “خلاّق”، و”يمتلك القدرة على الكتابة في أكثر من حقل إبداعي ونقدي” شينا مييفيل، فضلا عن مقدرته على الكتابة لأكثر من جيل من القراء في عمل روائي واحد.
وبالتأكيد، لم تخل عروض الروايات في ملحق كتب النيويورك تايمز من توجيه بعض النقد اللاذع لبعض الروايات، خاصة تلك التي تتناول أفكار الخيال العلمي وتقوم بتوظيفها ضمن سياقات غير مقنعة وغير منطقية، سواء من وجهة نظر المحررين أم من وجهة نظر القراء أنفسهم.
وأيضا، من بين ما تضمنته العروض كان كتاب في الرحلات لعالم الآثار مايكل جاكوب ويحمل عنوان: “الإنديز” تلك المنطقة الجبلية الغامضة التي تطل على بلدان عديدة في أميركا الجنوبية، وفيها أهم ما ترك الهنود الحمر من إرث حضاري إنساني.
الكتاب، الوقت نفسه يكاد يكون دليلا للرحالة المتنقلين مشيا أو عبر وسائط النقل المعهودة، لكنه يقدم لقارئه رحلة مغامرة وإعادة استكشاف للأنديز بمعابدها المخبّأة بين الجبال وساحاتها الواسعة بتقنيات في السرد لا تخلو من حرارة السرد الروائي، والطواف التاريخي وسوى ذلك، مما سعى المؤلف إلى أن يكون جاذبا في كتابه حتى بالنسبة لمحبي كتب المغامرات وليس المغامرين بالفعل وحدهم.
ويحضر النجم السينمائي روبرت ردفورد في كتاب سيرة ذاتية حمل العنوان: “روبرت ردفورد ـ سيرة ذاتية” كتبها مايكل فيني كالان تغطي أكثر من أربعين سنة من حياة هذا النجم مخرجا وممثلا وناشطا بيئيا ومؤسسا لمعهد سن دانس الذي يقيم واحدا من أكثر المهرجانات شعبية في الولايات المتحدة، وهو مهرجان الولايات المتحدة للفيلم والفيديو الذي يعتبر واحدا من مهرجانات السينما المستقلة التي قدمت العديد من المواهب للسينما الأميركية. ويعتبر المحرر الذي يعرض للكتاب أن حديث روبرت ردفورد عن كونه ممثلا أكثر إمتاعا من سواه، لما يتضمنه من حديث عن الفوارق في الشخصيات السينمائية الحية والواقعية التي قدمها عبر الشاشة الفضية عبر تاريخه الفني الطويل، ناهيك عن آرائه في عمله مع بعض المخرجين وخاصة أولئك الذين قدموا له أفضل الشخصيات التي عرف ونال جوائز بسببها.
وأيضا يحضر المغني بوب ديلان لهذا الصيف بثلاثة كتب تتحدث عن فنه وعن حياته وترسم له صورا بالكلمات، من بينها كتاب: “بوب ديلان بوصفه مجهولا تماما” لديفيد ياف الصادر مؤخرا عن منشورات جامعة ييل. تضمن كتاب هذا الناقد الموسيقي الشاب أربعة موضوعات جديرة بالاهتمام: صوت ديلان، ديلان في السينما، وعلاقة ديلان بالعرق والغناء الجماعي، وديلان والانتحال.
وأخيرا، إلى كتاب: “في القتال ـ كتّاب أميركيون في حوزة الملاكمة” من تحرير جورج كيمبول وجون سكوليان الصادر عن المكتبة الأميركية، حيث يتضمن مقالات لعدد واسع من الكتّاب الذين كتبوا عن حلبات الملاكمة وعن الملاكمين، وما تضمنته مقالاتهم من مواقف تجاه هذه اللعبة والملاكمين، امتاز بعضها بشيء من العنصرية خصوصا تجاه السود كما تضمنت مواقف متناقضة تماما كما هي حال جاك لندن وجين توني مثلا لا حصرا.