أحمد شعبان (القاهرة)
أدان مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العدوان التركي على الأراضي السورية باعتباره خرقاً واضحاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن التي تدعو إلى الحفاظ على وحدة واستقلال سوريا، وخاصة القرار رقم 2254.
واعتبر المجلس في قرار أصدره في ختام أعمال اجتماعه الطارئ أمس، بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية العدوان التركي تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي وللأمن والسلم الدوليين، مؤكداً أن كل جهد سوري للتصدي لهذا العدوان والدفاع عن الأراضي السورية هو تطبيق للحق الأصيل لمبدأ الدفاع الشرعي عن النفس وفقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
وطالب المجلس في قراره تركيا بوقف العدوان والانسحاب الفوري وغير المشروط من كافة الأراضي السورية، مشدداً على أن هذا العدوان على سوريا يمثل الحلقة الأحدث من التدخلات التركية والاعتداءات المتكررة وغير المقبولة على سيادة دول أعضاء في جامعة الدول العربية.
وقرر المجلس النظر في اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة العدوان التركي، بما في ذلك خفض العلاقات الدبلوماسية، ووقف التعاون العسكري، ومراجعة مستوى العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياحية مع تركيا.
وطالب الاجتماع مجلس الأمن الدولي باتخاذ ما يلزم من تدابير لوقف العدوان التركي والانسحاب من الأراضي السورية بشكل فوري، وحث كافة أعضاء المجتمع الدولي على التحرك في هذا السياق، مع العمل على منع تركيا من الحصول على أي دعم عسكري أو معلوماتي يساعدها في عدوانها على الأراضي السورية.
كما أكد الرفض القاطع لأي محاولة تركية لفرض تغييرات ديموغرافية في سوريا عن طريق استخدام القوة في إطار ما يسمى «بالمنطقة العازلة»، باعتبار أن ذلك يمثل خرقاً للقانون الدولي، ويدخل في مصاف الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي تستوجب الملاحقة والمحاسبة القضائية الدولية لمرتكبيها، ويشكل تهديداً خطيراً لوحدة سوريا واستقلال أراضيها وتماسك نسيجها الاجتماعي، وجدد المجلس التأكيد على مسؤولية المجتمع الدولي لاتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بوقف تلك المحاولات وفرض التزام تركيا بقواعد القانون الدولي الإنساني طالما استمر عدوانها على سوريا، وتحميل المسؤولية في هذا الصدد لكل من يتورط في انتهاكات أو جرائم ترتكب خلاله. وحمل تركيا المسؤولية كاملة عن أي تداعيات لعدوانها على تفشي الإرهاب أو عودة التنظيمات الإرهابية بما فيها تنظيم «داعش» الإرهابي لممارسة نشاطها في المنطقة، ومطالبة مجلس الأمن في هذا الإطار باتخاذ كل ما يلزم من تدابير بشكل فوري لضمان قيام تركيا بتحمل مسؤوليتها في هذا الخصوص ومنع تسلل المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى خارج سوريا.
وجدد المجلس التأكيد على وحدة واستقلال سوريا والتشديد على أهمية البدء الفوري في المفاوضات السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة، خاصة في إطار اللجنة الدستورية التي أعلن عن إنشائها مؤخراً، لتطبيق العناصر الواردة في قرار مجلس الأمن رقم 2254 والتوصل لتسوية سياسية للأزمة السورية وإنهاء معاناة أبناء الشعب السوري. وقرر المجلس الموافقة على إدراج بند «التدخلات التركية في الدول العربية» كبند دائم على جدول أعمال مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، وتشكيل لجنة لمتابعة الأمر.
وطالب المجلس الأمين العام للجامعة متابعة تنفيذ القرار وتقديم تقرير إلى المجلس في دورته العادية المقبلة بالتنسيق مع الدول الأعضاء.
وطالب الأمين العام لجامعة الدول العربية، مجلس الأمن، بما يمثله من مرجعية للشرعية الدولية، لتحمل مسؤولياته حيال العدوان التركي علي الأراضي السورية، والعمل بجدية أكبر من أجل التوصل لموقف دولي موحد بإدانة هذا العدوان ووقفه، وإزالة الآثار المترتبة عليه، كما طالب تركيا بوقف فوري وكامل لكافة العمليات العسكرية وسحب قواتها التي توغلت داخل الأراضي السورية، محملها المسؤولية كاملة عن التبعات الإنسانية والأمنية التي قد تترتب على هذا العدوان الخطير. وقال إن العملية العسكرية التي تقوم بها تركيا في شمال شرق سوريا ليس لها سوى اسم واحد هو «الغزو والعدوان»، مضيفاً أنها غزو لأراضي دولة عربية، وعدوان على سيادتها، وإنه غزو مدان لا يمكن أن يقبل به عربي يعتز بعروبته ولا يمكن أن يقره العالم أو يتماشى معه، فمهما كانت الذرائع التي يقدمها الغازي، يظل العدوان عدواناً مرفوضاً ومداناً وخارجاً على الشرعية والقانون الدولي.
وأشار إلى أنه لا ينكر أحد الوضع المعقد القائم في سوريا منذ أكثر من 8 سنوات وهو وضع كان من شأنه أن غابت الدولة السورية حتى هذه اللحظة عن احتلال مقعدها في مجلس جامعة الدول العربية، على أن هذا الوضع، المؤقت بطبيعة الأمور، لا يمكن ولا ينبغي أن يتخذ لسلخ سوريا من عروبتها.
ونوه بأن العدوان التركي، كما طرحت خططه وحددت أهدافه، يرمي إلى اقتطاع مساحة من الأراضي السورية بعمق يصل إلى 32 كيلومترا وبطول يتجاوز 400 كيلومتر. ويسعى إلى اقتلاع السكان من هذه الأراضي ثم إحلال آخرين محلهم من اللاجئين لديه. متسائلاً إن لم يكن هذا احتلالاً وغزواً، فبماذا يمكن تسميته؟