أشرف جمعة (أبوظبي)
يواصل مهرجان سلطان بن زايد التراثي فعالياته في منطقة سويحان على بساط الموروث، فقد شهدت الأيام الماضية تدفقاً كبيراً للزوار من مختلف الجنسيات، واللافت أن تنوع مصادر التراث وغزارته جذبا العديد من محبي التراث المحلي، خاصة طلبة المدارس الذين يجدون المهرجان واحة مضيئة تحفل بالعديد من الفعاليات والأنشطة التي تجذبهم وتجدد معلوماتهم التراثية وتطلعهم على حرف الآباء والأجداد وتحتضنهم، حيث تم تدشين برنامج مخصص لهم تحت مسمى «برنامج الزيارات المدرسية» يبدأ من العاشرة صباحاً حتى الواحدة ظهراً، وقد وفد العديد من طلاب المدارس عبر الأيام الماضية وخاضوا جولات داخل الخيمة التراثية والسوق الشعبي والمسرح ومنطقة الألعاب وتابعوا عن كثب الكثير من الفعاليات التي ربطتهم بالماضي عبر رحلة تراثية في المهرجان الذي يحظى برعاية كريمة من سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، رئيس نادي تراث الإمارات.
ويقول مشرف برنامج الزيارات المدرسية أحمد خادم الرميثي: «يرسخ المهرجان عبر السنوات الماضية للثقافة التراثية فهو جامع لعناصر الموروث الشعبي المحلي ويستقطب سنوياً محبي هذا اللون من الثقافة التراثية»، لافتاً إلى أن العديد من طلاب المدارس يفدون إلى المهرجان في زيارات خاصة، يتفاعلون من خلالها مع التراث بكل أشكاله، وهو ما يجعل هذه الرحلات على بساط الفرح، مشيراً إلى أن الطلاب يندمجون في الورش الحية التي تقوم بها المراكز النسائية المشاركة في المهرجان مثل الأشغال اليدوية المتمثلة في الخوص والغزل والتلي والسدو ومنتجاته، ويتعامل معها الزوار بشكل كبير.
وبين أن هذه الحرف تشكل وجدان الطلاب وتطلعهم على حرف الأجداد، واللافت أن الطلاب يجلسون بالقرب من الحرفيات ويحاولون تعلم بعض المفردات ويجربون العمل بأنفسهم، فضلاً عن زيارة السوق الشعبي التي أطلعتهم على الكثير من المنتجات التقليدية والتي برع فيها العديد من الحرفيين والتي تظهر بجلاء دور هذه المنتجات في تجميل الحاضر لكونها تعبر عن قيم حضارية وتقاليد متوارثة عريقة، وأن الطلاب يندمجون مع فعاليات السوق الشعبي ويتجولون بين الدكاكين ويشاهدون قناني العطور المحلية والملابس التراثية والدخون ومنتجات الخوص ودكاكين الأطعمة الشعبية والأخرى المختصة بعرض مقتنيات التراث، بالإضافة إلى الورش البحرية التي تطلعهم على حياة أهل البحر قديماً والتي تتناول ضمن موضوعاتها الصيد باللؤلؤ، بالإضافة إلى فعاليات المسرح وحضور محاضرات عن مواقف وتأملات في سيرة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ومحاضرات عن الهوية الوطنية.
ويذكر الرميثي أن المهرجان يعد إطلالة على الموروث الشعبي، ويحرك مخيلة طلاب المدارس ويجعلهم على صلة بماضيهم وحاضرهم، خصوصاً أن اكتساب المهارات والاطلاع على عناصر الموروث يرسخ لديهم قيم الولاء والانتماء مشيراً إلى أن المهرجان يستقبل بشكل يومي العديد من هؤلاء الطلاب الذين يشعرون بالسعادة ويتفاعلون مع مفردات تراثية أصيلة تسافر بهم إلى الماضي وتحتضنهم على أرض الحاضر في ظل الرعاية والاهتمام بهذه الفئة التي هي أمل المستقبل ودرع الوطن في آتي الأيام.
دكان «زمان لول»
أمام دكان «زمان لوّل» الطفل عمر سالم 12 يتخير الأشياء التي يود شراءها وبجواره قصي خالد 13 عاماً، حيث كان يعرض الدكان العديد من الأطعمة والألعاب، إذ يشبه إلى حد كبير الدكاكين الموجودة في الزمن الماضي وتوضح زليخة محمد صاحبته أن طلاب المدارس يتوافدون على هذا الدكان تحديداً نظراً لأنه يعرض الهدايا والألعاب بأشكالها القديمة وأنواع كثيرة من المشروبات والحلوى المعلبة، وأنها استحضرت فكرته من الدكاكين التي كانت موجودة في الماضي، لافتة إلى أن المهرجان يتيح للزوار، خاصة الأطفال التعرف إلى عناصر الموروث الشعبي التي تمتلك حضورها الطاغي في المكان، وأن طلاب المدارس يسافرون في رحلة مع الماضي، وأنها سعيدة بهذه التجربة التي تجعلها تتعامل مع فئة الأطفال، إذ تعمل على عرض كل ما يبهجهم ويدخل إلى نفوسهم السرور، ويبين الطالب قصي أنه فور دخوله منطقة السوق الشعبي في المهرجان، وجد هذا الدكان العامر بالكثير من المنتجات التي يحبها الأطفال عادة، وهو ما جعله يفضل الوقوف عنده مع مجموعة من الطلاب، ويرى أن المهرجان عامر بكل ألوان الموروث، وأنه يشعر بالسعادة لكونه يتفاعل مع المفردات التراثية في المهرجان.
بيئات تراثية
ويورد محمد توفيق معلم بأنه يحرص على الحضور للمهرجان مع الطلاب الذين يملؤهم الفرح عندما يتم التنسيق لرحلة الزيارة، مشيراً إلى أن الطلاب يتفاعلون بحب مع الأنشطة والفعاليات في ظل هذا الزخم الذي يتميز به هذا العرس التراثي، لافتاً إلى أن جميع الطلاب يتوجهون إلى الورش التراثية ويتابعون عمل الحرفيات ويتأملون البيئات التراثية التي يحفل بها المهرجان، وهو ما يجعل هذه الرحلات مفيدة، فهي تطلع الطلاب على ماضي الآباء والأجداد وتربطهم بتاريخهم التليد والحياة التي عاش في ظلالها الجيل القديم، ويبين أن المهرجان يحمل رسالة الموروث فهو يستقطب محبي التراث، خصوصاً يحفل عامر بالعديد من الأنشطة والفعاليات المحببة للجميع.
أدوات الصيد
وإلى ذلك تشير فاطمة المنهالي معلمة إلى أنها جاءت بصحبة 23 طالباً وطالبة إلى المهرجان الذي يفتح نوافذة للاطلاع على حياة الآباء والأجداد في الماضي، وأن الطلاب تجولوا في كل الأركان التراثية، وتابعوا بعض الورش البحرية التي كان لها تأثير طيب في نفوسهم، خصوصاً أنهم تعرفوا إلى حياة البحارة القدامى، وبعض أدوات الصيد التقليدية، فضلاً عن الورش الأخرى، ومن ثم اقتراب الطلاب من الحرفيات والجلوس أمام الكاجوجة، ومحاولة تعلم الكثير من المفردات التي تثري مخيلتهم، لافتة إلى أن مجرد زيارة الطلاب إلى المهرجات يفتح أمامهم العديد من الأسئلة التي تجعلهم على صلة بماضيهم، ومن ثم التمسك بموروثهم العريق.
دلال القهوة
توقف العديد من الطلاب أمام دلال القهوة في المهرجان، ويبين سالم إبراهيم 13 عاماً أن المهرجان يعبر عن الموروث الشعبي الأصيل، وأن الطلاب يتجولون بين الخيمة التراثية ويتابعون الأعمال البحرية والصناعات التقليدية، وأنه يخوض معهم تجربة خاصة وسط هذا الزخم التراثي العريق، ويلفت إلى أنه أثناء تجوله مع الزملاء وجد مجموعة من دلال القهوة وبعض المجمسات التراثية للطوى وغيرها من العناصر الأخرى، وأن الطلاب ظلوا يتأملون هذه الأشياء ودار بينهم حديث عن المقتنيات التراثية القديمة، ويرى أن المهرجان يعد مرجعاً تراثياً ويعطي للأجيال الجديدة فرصة للتعرف على البيئات التراثية والمكونات الحضارية التي شكلت حياة الماضي، وأنه يخوض هذه التجربة التي أضافت إليه الكثير وأعطته صورة متكاملة عن التراث المحلي الذي يزدهي على أرض سويحان.
فن الرسم
حفلت منطقة الرسم والتلوين بالعديد من المقاعد التي استقبلت طلاب المدارس الذين جلسوا ليمارسوا الهوايات المحببة لديهم، وتذكر خولة عبيد 11 عاماً أنها استمتعت كثيراً بالجلوس على إحدى الطاولات مع زملائها، حيث مارست فن الرسم في أجواء احتفالية، لافتة إلى أن المهرجان رسخ في أذهان الجميع معاني وطنية وتراثية، وأنها شعرت بالسعادة عندما حضرت العديد من الورش الفنية والتراثية، وتعد هذه الرحلة المدرسية لها خصوصيتها، لافتة إلى أن المهرجان واحة من الجمال لكونه يعبر عن موروث الآباء والأجداد.