شادي صلاح الدين (لندن)
طالبت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية إدارة الرئيس دونالد ترامب بالضغط على النظام القطري لإيقاف تقربه من إيران وتنظيم الإخوان الإرهابي، مشددا على أن الولايات المتحدة تمتلك النفوذ الكافي على الدوحة لإجبارهم على تغيير ذلك المسار. وذكر تقرير «فورين بوليسي» إنه حتى الآن، كانت الآثار المترتبة على عدم القدرة على التنبؤ بسياسية الرئيس ترامب تجاه منطقة الشرق الأوسط يمكن احتواؤها نسبيا. ولكن هذا قد يتغير. فالتقلب الأخير الذي أبدته الإدارة الأميركية تجاه قطر، والتي تواجه مقاطعة من قبل الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة، زاد من فرص الصراع في الشرق الأوسط.
وأوضح التقرير أنه قبل عام، فرضت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها في التحالف - البحرين ومصر والإمارات العربية المتحدة – مقاطعة اقتصادية ودبلوماسية على قطر حيث طالبت بعدد من الأمور من بينها ترحيل مفتي الجماعة الإرهابية يوسف القرضاوي إلى مصر، إضافة إلى إنهاء كل الدعم المالي والسياسي الذي تقدمه قطر لجماعة الإخوان الإرهابية والحركات التابعة لها والجماعات الإرهابية في جميع أنحاء العالم العربي، بما في ذلك حماس في فلسطين وجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا، ووقف جميع العلاقات العسكرية والاستراتيجية مع إيران.
وأضاف التقرير أن المقاطعة كانت الأحدث في سلسلة من المواجهات بين دول المقاطعة من جانب وقطر من جانب آخر، لافتا إلى أن الأزمة الأولى وقعت في عام 2014 عندما سحبت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين سفراءها من الدوحة بسبب دعم قطر للإخوان خلال الربيع العربي (وسحبت مصر مبعوثها بشكل منفصل)، انتهت المواجهة عندما وافق القطريون على وثيقة صاغها الملك الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز تفيد بأن قطر ستتوقف عن دعم الإخوان والجماعات التابعة للجماعة في المنطقة. في ذلك الوقت، ظلت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما محايدة، كما فعلت طوال فترة ولاية الرئيس السابق.
وقالت: على عكس سلفه، اختار ترامب في البداية دعم المواقف السعودية والمصرية والإماراتية، والبحرينية ضد قطر، واصفا الدوحة بأنها «ممول للإرهاب على مستوى عال جدا». وذكر التقرير أن مطالبة التحالف السعودي بإنهاء قطر لعلاقاته الوثيقة مع إيران كانت على الأرجح جذابة بشكل خاص بالنسبة إلى ترامب.
لكن على الرغم من دعمه السابق، فإن الرئيس الأميركي تعرض لضغوط جعلته يغير من موقفه، حيث استضاف ترامب الأمير القطري في البيت الأبيض في الربيع، وبالمثل، في زيارة إلى الرياض في أبريل، حاول وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إقناع دول التحالف بإنهاء المقاطعة والتركيز على أمور أكثر أهمية، مثل تحقيق الاستقرار في العراق وسوريا واليمن. وتنفيذ عمليات ضد داعش والقاعدة الإرهابيين، واحتواء إيران. ومع ذلك، لا تزال العقوبات ضد قطر قائمة، طبقا للمجلة.
وأوضحت أن إدارة ترامب ترتكب خطأً استراتيجيا، وربما خطير جدا، فقطر من جانب أصبحت حليفة لإيران، ومن جانب آخر فإن دعم قطر للإخوان أمر مزعج، إن لم يكن أكثر من ذلك، طبقا للمجلة، التي أضافت أنه منذ عام 2011، قامت جماعات مرتبطة بالإخوان بزراعة الفوضى من مصر إلى ليبيا إلى سوريا، كما أن البعض يرى الإخوان مقربين من تنظيم القاعدة وداعش الإرهابيين، حيث ظهر زعيم القاعدة أيمن الظواهري في تسجيل قبل عدة أشهر يدافع فيه عن جماعة الإخوان ضد اتهامات الإرهاب. كما امتدح على نطاق واسع أحد مؤسسيها الأيديولوجيين، سيد قطب. وكان زعيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن، بالمثل معجباً ومعجباً بالإخوان الإرهابية. وفي مقابلة حديثة مع الجارديان، وصفت والدة بن لادن كيف التقى أسامة في الجامعة مع عبد الله عزام، أحد أبرز المنظرين في تنظيم الإخوان الإرهابي وأحد مؤسسي تنظيم القاعدة، والذي زرع فيه الفكر المتطرف.
وقد يكون للإخوان صلة بتنظيم داعش أيضا، طبقا للفورين بوليسي، التي أشارت إلى مقابلة أجريت عام 2013، كشف القرضاوي، وهو حاليا من الرجال المقربين للنظام القطري الإرهابي الحاكم ويعتبر الأب الروحي والزعيم الديني لجماعة الإخوان الإرهابية، والذي دعمته القيادة القطرية منذ فترة طويلة، أن زعيم داعش أبو بكر البغدادي كان عضوا في جماعة الإخوان العراقية كشاب. ومضى يقول إن «زعماء داعش استدرجوه بعد إطلاق سراحهم من السجن»، وأن «شبابا من قطر ودول أخرى انضموا إلى هذه المجموعة».
وقالت: مع وجود مثل هذه الأيديولوجية الخطيرة، قد يبدو من الغريب أن جماعة الإخوان قد وجدت قوة قوية مؤيدة في قطر، التي تربطها بها علاقات لمدة ستة عقود. العلاقة الوثيقة هي تراث أمير قطر السابق، حمد بن خليفة آل ثاني. ووفقا لسفير فرنسي سابق في الدوحة، يعتقد حمد أن مفتاح النجاح المستقبلي للبلدان العربية هو القادة الأقوياء الذين لديهم جذور إسلامية متشددة عميقة. كان يعتقد أن جماعة الإخوان هي المجموعة الوحيدة المنظمة بما يكفي وتنسجم بالشعوب العربية الشابة لتكون قادرة على تمكين هؤلاء القادة. واليوم، فإن المشهد الاجتماعي والسياسي لدولة قطر - مدارسها ووسائطها الإعلامية ووقوفها المالي، وخاصة السياسة الخارجية - كلها متلازمة بدرجات متفاوتة مع إيديولوجية الإخوان، طبقا لمجلة «فورين بوليسي».
ومثل جماعة الإخوان الإرهابية نفسها، قامت قطر أيضا بتمويل وإمداد المتطرفين في سوريا وليبيا. في سوريا، قامت بتمويل جبهة النصرة مباشرة. بالإضافة إلى ذلك، استضافت البلاد العديد من المتطرفين الليبيين الرئيسيين ومولت أنصار الشريعة، التابعة لتنظيم القاعدة الذي تم حله الآن.
وأكد التقرير أن ارتباط قطر بالإخوان يتجاوز الشرق الأوسط. في السنوات الأخيرة، تم اتهامها بتقديم أكثر من 175 مليون دولار للجماعات المرتبطة بالإخوان في الدنمارك وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة، مشددا على أن الإخوان يمثلون تهديدا للمنطقة والولايات المتحدة.
واختتم التقرير بالتأكيد أنه لكل الأسباب سالفة الذكر فإن من المهم إجبار قطر على إنهاء دعمها لجماعة الإخوان، وربما أكثر أهمية من جعل البلاد تنأى بنفسها عن إيران. ومع ذلك، لا يمكن القيام بذلك دون ضغوط جدية من جيرانها، من النوع الذي تم فرضه من مقاطعة من قبل السعودية والإمارات مؤخرا. من خلال إلقاء ثقلها وراء قطر على ما يبدو، فإن إدارة ترامب أضرت بمكانة أصدقائها العرب الرئيسيين، وأضعفت خطورة تهديداتهم، وأضرت بفرصهم في إقناع قطر باختيار طريق آخر.
واختتمت بالقول: باختصار، لدى الولايات المتحدة أدوات تساعد على إعادة قطر إلى المسار الصحيح، ولكن فقط إذا عكس ترامب موقفه وانضم إلى التحالف الذي تقوده السعودية في ممارسة الضغط المفروض على الدوحة.