19 يونيو 2011 21:56
أعلنت الحكومة الهندية ارتفاع التضخم خلال مايو الماضي بنحو 9,1%، أي أكثر مما هو متوقع وكآخر سحابة من سحب البيانات الاقتصادية المثيرة للقلق. وفي الهند تراجع إنفاق الشركات وانخفض الناتج المحلي الإجمالي وتقلصت الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى القروض المتعثرة التي تثقل كاهل المصارف.
وبينما تظل التوقعات طويلة المدى قوية في الهند، على الحكومة المركزية العمل بسرعة لضمان عدم تفاقم مثل هذه المشاكل بالرغم من قصر أجلها. وتواجه الحكومة ثلاثة محاور لا تدعو للتفاؤل وهي تراجع النمو وارتفاع التضخم وسياسة التشديد المالي. وقادت اتهامات الفساد في مليارات الدولارات الموجهة للحكومة إلى تجميد صنع القرار وتأخير تنفيذ مشاريع التنمية.
ويبدو المستقبل على المدى البعيد في الهند كثاني أسرع دولة نمواً في العالم بعد الصين، أكثر إشراقاً. وتعني البنية السكانية المكونة من الشباب والطبقة الوسطى المتنامية وزيادة الطلب لجميع المنتجات بما فيها الطرق السريعة والثلاجات، أنها في الطريق لتصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم بحلول 2030 خلف الصين وأميركا.
ومع ذلك، تشير موجة من المؤشرات الاقتصادية السالبة لسنة مقبلة حافلة بالكثير من المشاكل. ويقول النقاد، بينما يعد التضخم واحدا من المشاكل الكبيرة في معظم الدول الناشئة، فاقمت إخفاقات الحكومة وتخبطها السياسي المشكلة.
وفي أول ثلاثة أشهر من العام الحالي، تراجع النتاج المحلي الإجمالي في الهند من 8,3% في الربع السابق، إلى 7,8%. كما تقلص النمو الاستثماري في النصف الثاني من العام المنتهي في 31 مارس إلى 4,1%، مقارنة بما كان عليه عند 14,7% في بداية العام. وانخفضت الاستثمارات الأجنبية في الثلاثة أشهر الأولى من 2011 بنحو 32% إلى 3,4 مليار دولار مقارنة بالسنة السابقة.
وبدأت القروض المتعثرة في التسلل إلى المصارف الحكومية خاصة “بنك الهند” أكبر المصارف الهندية. وحذرت “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” في تقرير نشرته مؤخراً بخصوص مستقبل الاقتصاد الهندي، أنه وبدون إصلاحات كبيرة ربما تعاني البلاد في المحافظة على أهدافها التنموية.
ويقول أنجيل جوريا السكرتير العام للمنظمة “ينبغي تجديد الإصلاحات قبل الانتقال إلى المرحلة التالية من النمو”، كما طالب بتخفيف العقبات التي تعترض طريق التجارة العالمية والاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى إصلاحات القطاع المالي وسوق العمل.
وترتبط كل قضية من القضايا السابقة بالسياسة المتبعة في البلاد حيث لم تُظهر الحكومة الحالية رغبة كبيرة في التغيير. وعكس تقرير المنظمة قلة إنفاق الحكومة على قطاع الصحة بما لا يزيد عن 1% من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادته على قطاع الطاقة بنحو 9%.
وأشار مونتيك سينج نائب رئيس “لجنة التخطيط”، إلى أن الاقتصاد ينمو ببطء أكثر من الذي استهدفته الحكومة بين 9 إلى 9,5%. ويقول “أصبح تغيير جدول الأعمال من العمليات الصعبة، وإن تحقيق أهداف النمو لن يحدث بطريقة تلقائية حيث هناك أشياء يجب القيام بها أولاً”.
وفي غضون ذلك، يهدد التضخم بأن يصبح مشكلة أكبر في حالة عدم تحسن معدل الإنتاج الزراعي. وزاد “البنك المركزي” الهندي مؤخراً سعر الفائدة للمرة العاشرة على التوالي منذ مارس 2010. وربما يعيق هذا القرار النمو بالرغم من تأثيره المتواضع على التضخم نتيجة للمشاكل الإنشائية في الهند التي تعترض توزيع المواد الغذائية والمساعدات والبنية التحتية.
وتعتبر مراجعة أسعار الفائدة من الآليات غير الملائمة التي تستخدم في الاقتصادات المنظمة والسليمة. ويقل نفوذ “البنك المركزي” بنسبة أكبر في الهند التي يعمل كل شيء فيها على هدم اقتصادها ابتداءً من دعم الوقود وانتهاء باختناقات البنية التحتية.
ويعني فشل الحكومة في وضع نظام للتوزيع حتى في ظل الارتفاع الكبير الذي تشهده أسعار المواد الغذائية، تلف 40% من المنتجات الزراعية قبل وصولها للمستهلك. وتشير روحيني مالكاني الاقتصادية في “سيتي جروب” في مومباي، إلى ضرورة استخدام نظام الرافعات الشوكية وتحسين نظام التخزين والنقل في المزارع. وعلى الرغم من أن الحكومة ناقشت هذه المشاكل، إلا أنها لم تبذل الكثير لتذليلها.
وساعد عدم تصدي الحكومة لمشاكل البنية التحتية والتوزيع في زيادة التضخم، ذات الحكومة التي تسببت في تفاقم المشكلة من خلال السياسات الصديقة مع المزارعين مثل رفع السعر الأدنى للمواد الغذائية والحبوب. وتولدت عن فوز حكومة “التحالف التقدمي المتحد” في 2009 آمال عريضة في أن تتصدى للقضايا المختلفة مثل النظم المصرفية وامتلاك الأراضي ومشاكل المعاشات، الآمال التي خيبت معظمها بعد عامين من فوزها.
ويُقر كواشيك باسو كبير المستشارين الاقتصاديين في الحكومة بأن التضخم واحد من المشاكل الكبيرة التي تواجهها كل الدول النامية، ويقول “إذا نظرنا للدول الناشئة نجد أن أداء الهند مقبول لحد كبير. وإن الشكوك حول مستقبل نمو الهند مبالغ فيها. ومثلما هناك وفرة غير مبررة أحياناً، من الطبيعي أن يتبعها تشاؤم غير مبرر أيضاً. ومن المنتظر أن يكون النمو أقل مما هو متوقع للسنة ككل، لكن تسير كل المؤشرات مثل الاستثمار والادخار في الاتجاه الصحيح”.
نقلاً عن: إنترناشونال هيرالد تريبيون
ترجمة: حسونة الطيب