«معرض النقود الإسلامية».. توثيق لقيم التسامح

هزاع أبوالريش (أبوظبي)

يتميّز «معرض النقود الإسلامية.. تاريخ يُكشف»، بعرض مجموعة فريدة من القطع النقدية النادرة تلفت أنظار المئات من الزوار، حيث تم جمعها من مختلف أنحاء العالم، والتي لم يسبق عرضها، متمثلة بحوالي 300 مسكوكة، تسرد التطور التاريخي لسك العملات الإسلامية عبر العصور، موثقة بتاريخ السك والخلفيات التاريخية والمعلومات القيّمة التي صاحبت كلاً منها، مدعومةً بحقائق تعزز قيمتها الثقافية. كما تكشف المجموعة عن صور التواصل الحضاري بين الثقافة الإسلامية وغيرها من الثقافات، بعفوية المكان، وجمالية التاريخ العريق الذي يبرز دور النقود في الإفصاح عن هوية الأمة التي قامت بسكها، وكشفها عن حضارة تلك الأمة وتاريخها وبراعة حرفييها في إتقان صنعها، وكسـبها كقيمة تاريخية وثقافية تفوق قيمتها الاقتصادية، وتحيلها إلى وثائق حية وشواهد راسخة ملموسة على ثقافات الأمم والشعوب.

رسالة
معرض النقود الإسلامية يجسد رؤية ورسالة مركز جامع الشيخ زايد الكبير، المستلهمة من رؤى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وافتتحه أمس الأول سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، برعاية كريمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، في مركز جامع الشيخ زايد الكبير بأبوظبي، ويركز على إحياء مفاهيم الثقافة الإسلامية، والاحتفاء بمكنوناتها وتاريخها الحافل بالمنجزات وما تقوم عليه من قيّم إنسانية نبيلة أتاحت لها التواصل مع غيرها من الحضارات.
ويستمر المعرض حتى 28 أبريل المقبل، بالتعاون مع أخصائي النقود الدكتور آلان بارون، مؤسس شركة «نوميسمتيكا جنيفنسيز»، الحاصل على درجة الدكتوراه في العملات الإسلامية، من الأكاديمية الوطنية للعلوم في أرمينيا، ليأخذنا من خلال المعرض إلى رحلة عبر الزمن نتعرف من خلالها على تلك الثقافات، وعلى القواسم المشتركة بينها من خلال مجموعة من المسكوكات التاريخية، وجوانب ملهمة يستفيد منها الزائر بالعلم والمعرفة والثقافة التي تثري فكره ومخيّلته.

منبر حضاري
ويقع المعرض في قلب مركز جامع الشيخ زايد الكبير، انطلاقاً من مكانته كمنبر حضاري عالمي ومنارة إشعاع ثقافي، ووجهة رائدة، يقصدها أكثر من زائر ملايين شخص سنوياً، باعتباره نموذجاً فريداً للعمارة والفن الإسلامي، ومنصة حوار تمد جسور التقارب الثقافي والحضاري والإنساني، ودوره البارز في ترسيخ قيّم ومبادئ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، من خلال تنظيم العديد من البرامج والأنشطة التي تبرز ملامح الثقافة الإسلامية السمحة، وذلك بهدف تعزيز التعايش بين الأمم.

أخبار ذات صلة

الرئيس الإندونيسي يصل الإمارات في زيارة دولة

"الوطني للأرصاد" يكشف عن أقل درجة حرارة سجلت على الدولة

حضور المرأة
وقال الدكتور يوسف العبيدلي، مدير عام مركز جامع الشيخ زايد الكبير لـ«الاتحاد»: هناك عدة جوانب تميّز دور «معرض النقود الإسلامية.. تاريخ يُكشف»، عن بقية المعارض، ومن ضمنها تخصيص قسم يوثّق الحضور الكبير والبارز للمرأة في مختلف الشعوب عبر العصور والثقافات، حيث يعرض عدداً من القطع النقدية التي نقشت عليها صور مجموعة من النساء، إلى جانب تسليطه الضوء على مكانة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، «أم الإمارات»، التي طالما ساهمت بمنجزات رائدة في نهضة دولة الاتحاد، من خلال عطائها ودورها الواضح في دعم المرأة الإماراتية. وبالإضافة إلى ذلك، يعتبر امتداداً لسلسلة منجزات الصرح الكبير وبرامجه وأنشطته المتنوعة التي تترجم رسالته ورؤيته، وترسخ حضوره كمنبر حضاري، وتعزز رسالته في بث مفاهيم التسامح والتواصل، وغيرها من قيم الثقافة الإسلامية وإسهاماتها على مر العصور.
وتابع العبيدلي: اختيار المسكوكات النقدية وثائق تاريخية، حيث يمتد تاريخ سك العملات النقدية لآلاف السنين، ما جعل المعرض يضم حوالي 300 قطعة نقدية، تم جمعها من كل أنحاء الخليج العربي وآسيا وشمال أفريقيا وأوروبا، لما تحمل من أهمية بالغة في التوثيق، وأن تكون مرجعاً مهماً للتاريخ، وملهماً للتعايش والتسامح وقيمة التواصل مع الآخر.
وينقسم المعرض إلى 6 أقسام متنوعة المضامين راسخة في المعاني، جليّة في المضمون، حيث يشعر الزائر وكأنه يقرأ كتاباً وهو بين أروقة المعرض، وتفاصيله التاريخية العريقة، ومسكوكاته الثرية بالعمق والمعنى.
في القسم الأول: النقود قبل الإسلام، الذي يقدم نماذج من القطع النقدية التي استخدمت في منطقة البحر الأبيض المتوسط وغرب ووسط آسيا، والتي كانت نتاج حضارات العصور القديمة، كاليونانية وحضارة روما وقرطاج والإمبراطوريات الهلنستية والبيزنطية والساسانية، وكانت أول أشكال العملات التي استخدمها العرب، واستمر تداولها في فترة صدر الإسلام.
وفي القسم الثاني: ولادة النقود الإسلامية، الذي يقدم البداية الفعلية لظهور العملة الإسلامية وتطورها في عهد الخليفة «عبد الملك بن مروان» عام 77هـ «696م»، حين سكت العملة الإسلامية الذهبية الأولى التي أطلق عليها الدينار، وأصبح للسكة دور خاصة بها تتبع الحاكم، واستبدلت صورة هرقل وولديه بشهادة التوحيد «لا إله إلا الله محمد رسول الله» تحيطها بشكل دائري عبارات كتبت بالخط الكوفي، لتعكس العملات خصائص الفن الإسلامي العربي.
وفي القسم الثالث: النقود عبر العصور الإسلامية، الذي يقدم التغيرات التاريخية التي طرأت على النقود الإسلامية، وفقاً لتتابع العصور الإسلامية ضمن الإطار الجغرافي الممتد من الأندلس إلى الصين.
وفي الرابع: النقود الإسلامية فنون وثقافات، الذي يقدم صوراً من الفنون والثقافات والهوايات -كالّصيد والفروسّية- التي عرفتها الشعوب ومارسها الإنسان على مر العصور لتعكس ثقافات تلك الشعوب على تنوعها، ولتبرز ما يجمعها من قواسم إنسانية مشتركة.
وفي القسم الخامس: النقود والمرأة عبر التاريخ والحضارات، الذي يقدم أمثلة لنقود وثقت الحضور الكبير للمرأة في الأمم عبر العصور والثقافات، حيث يعرض عدداً من القطع النقدية التي نقشت عليها صور لنساء برزن على صفحات التاريخ.
وفي القسم السادس: زايد والحضارة، حيث إن المغفور له الشيخ زايد شخصية استثنائية ملهمة، دخلت التاريخ من أوسع أبوابه، لما عرف به، طيّب الله ثراه، من رؤية حكيمة ونظرة ثاقبة للأمور تنم عن خبرة ودراية واسعة بالتاريخ والثقافة الإنسانية، ولطالما حرص، طيّب الله ثراه، على غرس مفاهيم الاعتداد بالتاريخ والثقافة لدى الأجيال، من خلال إنشاء منظومة ثقافية حضارية متكاملة تعنى بإحياء موروث الآباء وإثراء الحركة الثقافية في الدولة.

مدخل المعرض
بالتزامن مع دور الإمارات الرائد في مجال التسامح والتعايش مع الآخر، باختلاف فكره وعقائده وثقافاته، حمل مدخل المعرض شعاراً ملهماً ورمزية إنسانية جميلة وهي التسامح، حيث تبقى النقود شواهد لتسامح الدين الإسلامي، الذي ظهر جلّياً في تصاميمها على مر العصور، ومنها ما نقش عليه أسماء لأربعة رسل تجمع الأديان السماوية على الإيمان بهم وبرسالتهم، وهم نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، كما نقش عليها اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مما يضفي أهمية كبيرة للمعرض وما يقدمه للزائر من معلومات قيّمة تضيف إليه، ويعكس دور النقود على مر العصور في ترسيخ مفهوم التسامح والتعايش والتواصل مع الآخر.

سرد تاريخي
يمتاز المعرض بسرده التاريخي البسيط الذي يستند إلى الخط الزمني لتاريخ صك النقود عبر ثقافات العالم وعصورها المختلفة، وما ارتبطت به من أحداث ووقائع أو ما صورت من شخصيات خلّدها التاريخ، ضمن سبعة أقسام متتابعة شملت الشرق والغرب، إلى جانب تصوير تلك العملات لثقافات الشعوب التي صكّتها، وللقواسم المشتركة بين الثقافات المتعددة، والصلات الإنسانية بين أبناء تلك الثقافات. ويزخر المعرض بمعروضاته الداعمة لمحتواه التاريخي، كالصور والخرائط الجغرافية، إضافة إلى عرض القطع النقدية بطرق غير تقليدية، إلى جانب تخصيصه قسماً للمرأة.