17 يونيو 2011 19:37
كثيرون في المجتمعات العربية ينظرون إلى الشارب كرمز للرجولة والوقار وقوة الشخصية والفخامة خصوصا في الريف، بل إن حامل الشوارب الكثة أكثر تميزاً بين الناس. ومن يقسم بشاربه فهو في موضع الصدق وعليه أن ينفذ وعوده مهما كانت الظروف، ومن يتعمد السخرية من الشوارب فقد يدفع ثمنا غاليا. واختار المصري فتحي محمود أن يمتاز بشاربه، الذي وصل طوله إلى متر و16 سنتمترا، فدخل موسوعة “جينيس” للأرقام القياسية .
فتحي محمود الشهير بـ”فتحي أبوشنب”، والبالغ من العمر 70 عاما، واحد من أشهر أصحاب الشوارب الطويلة في مصر، حيث كرس حياته للعناية بشاربه حتى تخطى طوله 116 سنتيمتراً فدخل بعدها موسوعة جينيس للأرقام القياسية من بابها الواسع، وحصد العديد من الألقاب المحلية والعالمية أبرزها “ملك الشوارب” ما دعاه إلى تأسيس رابطة لأصحاب الشوارب الطويلة باسم رابطة الشوارب المصرية المميزة.
رحلته مع الشارب
يقول فتحي أبوشنب “اهتمامي بشاربي رحلة عمر طويلة تعود إلى عام 1974 رغم أن والدي كان له شارب قصير لكن عشقي لجدي الذي أعتبره مثلي الأعلى هو السبب وراء إطلاق شاربي بهذه الصورة، كان “يقف على شاربه الصقر” كما يقولون في مصر، وكان يتمتع بشخصية قوية وقيادية ويهابه الناس لذلك تأثرت به، وأردت أن يكسبني شاربي شخصية قيادية”. ويضيف “كذلك تأثرت بشرطي مرور رأيته ذات مرة أثناء عبوري الطريق، وكان له شارب مميّز أعجبت به جداً. وقررت إطالة شاربي، وبعد عام أصبح له شكل مميز وغريب، واعترض أهلي في البداية إلا أنهم تقبلوا الفكرة شيئاً فشيئاً بعدما لاحظوا اهتمام الناس بشاربي حتى إنهم أطلقوا عليَّ لقب “ملك الشوارب”.
ويوضح “في عام 1975 قرأت خبراً عن مواطن إيطالي يملك أجمل شارب في العالم فوجدت أن شاربي أجمل من شاربه إضافة إلى أن الرجل كان كبير السن وأصلع، فذهبت إلى مقر الجريدة التي نشرت الخبر وأخبرتهم بالأمر فالتقطوا لي صورة نُشرت في اليوم التالي وكُتب تحتها تعليق “أجمل شارب في العالم مصري وليس إيطالياً”. وبعد نشر صورة شاربي نلت شهرة كبيرة وانهالت عليَّ الألقاب و”أبوشنب” كان أجمل لقب لأنني أمتلك أطول وأغرب شارب في مصر إذ بلغ طول شاربي في ذلك الوقت 85 سنتيمترا”.
وفي عام 1989 حصل فتحي على لقب “أظرف شنب في العالم”، وفي العام التالي تم تسجيله في موسوعة جنيس للأرقام القياسية، كما أطلقت عليه صحف أميركية لقب “صاحب أجمل شارب” في عام 1991، وبعدها بعام حصل على جائزة “ملك الشوارب”، وفي عام 1995 حصل على لقبي “سي السيد”، و”أغرب شنب في العالم”، وفي عام 1998 حصل على لقب “أضخم شنب”، و”أروع شنب في العالم” عام 2000، و”برنس الشوارب” عام 2002، و”لورد الشوارب” عام 2003، و”فارس فرسان الشوارب” عام 2006.
وعلى مدار أكثر من 30 عاما لم يبخل ملك الشوارب على “شاربه”. يوضح “شاربي أوليه عناية خاصة مثل أبنائي تماماً وأنفق عليه شهرياً ما لا يقل عن 300 جنيه، وأغسله مرتين يومياً ويقوم الكوافير الخاص بالرابطة بتدليكه بنوع معين من الزيوت الهندية، وتصفيفه وتجفيفه بالهواء الساخن بواسطة مجفف الشعر، ثم رشه بمثبت خاص للشعر للمحافظة على رونقه وإعطائه شكلاً مهيباً، كما أستخدم كريمات خاصة للعناية به”، مشيرا إلى أنه كأن في شبابه مدخناً شرهاً، فقرر أن يوفر نفقات التدخين للعناية بشاربه، وفي الوقت نفسه يحافظ على صحته.
شروط الانضمام
عن رابطة الشوارب المصرية المميزة وشروط الانضمام إليها، يقول فتحي “أنشأت الرابطة عام 1987، ولم يتجاوز عدد الأعضاء وقتها 24 شخصا، وارتفع العدد اليوم إلى 153 عضوا من أصحاب الشوارب ذوي الأرقام القياسية، وبعض هؤلاء يشغل مراكز ومناصب مرموقة منهم أطباء ومهندسون وفنانون”. وتتمثل شروط الانضمام إلى الرابطة، وقفه، في ألا يقل طول الشارب عن 25 سنتيمترا، وبعد ملء استمارة عضوية يتم بحث طلبه في اجتماع الجمعية العمومية الذي يعقد بداية كل شهر، وفي حال قبوله تعلق صورته ضمن صور وأسماء أعضاء الرابطة التي تتخذ من منزله مقرا لها. وتتراوح درجات العضوية بين “عضو” و”أمير” و”ملك الشوارب” وهو لقب يمنح لرئيس الرابطة.
ويذكر أن الرابطة اعتادت إقامة حفل في شهر أبريل من كل عام يحضره أعضاء الرابطة لتوطيد أواصر المحبة بينهم وتبادل الأفكار والرؤى حول كافة مناحي الحياة، كما يتضمن الحفل فقرات فنية مثل الغناء والاستعراضات، منوها إلى أنه تم إلغاء الحفل هذا العام حدادا على وفاة زوجته.
وينفي فتحي أن يكون الهدف من إنشاء الرابطة هو لفت الأنظار، قائلاً “كثيرون يتهموننا بالسعي نحو الشهرة، وهذا غير صحيح، فنحن نهدف دائماً إلى مساعدة الناس وتقديم الخير لهم. وساعدتنا شواربنا المتميزة في تكوين علاقات مع كثير من المسؤولين، نستخدمها في قضاء مصالح أعضاء الرابطة وغيرهم من الناس”. ويضيف “آمل أن تكون الرابطة باكورة لإنشاء رابطة لأصحاب الشوارب الطويلة في الوطن العربي خصوصاً أن عددهم يتزايد يوماً بعد يوم، وقد تمت اتصالات في هذا الشأن بيني وبين بعض أصحاب الشوارب الطويلة في 5 بلدان عربية”.
وعن رد فعل زوجته الثانية التي تزوجها بعد رحيل الأولى قبل أشهر تجاه شاربه، يقول “عندما رأتني للمرة الأولى اعتقدت أنني شخص صارم وحاد، لكن مع مرور الوقت لمست طيبتي وتقبلت طول شاربي، وباتت تساعدني على تهذيبه وتسريحه”. ويضيف “كنت في عملي قبل إحالتي للمعاش أتمتع بحب أصدقائي وزملائي، إضافة إلى أنني اكتسبت صداقات كثيرة في كل مكان أذهب إليه، وأكون مثار اهتمام الحاضرين، ولا أبالغ إذا قلت إنني زوجت ابنتي وابني عن طريق هذا الشارب”.
وعما إذا كان شاربه أسهم في إضفاء أي معنى على حياته، يقول “شاربي هو مصدر شخصيتي، وكلمة السر في إنجاز الكثير من معاملاتي ومصالحي في دواوين الحكومة وغيرها من الجهات فضلا عن حل الكثير من الأزمات والمشاكل بين جيراني”.
وعن المواقف والمفارقات التي تعرض لها بسبب شاربه، يذكر فتحي “أتعرض لكثير من المضايقات لكني أتقبلها بصدر رحب وأعتبرها مزاحاً. كذلك يكيل لي البعض الاتهامات من بينها أنني أطلقت شاربي حباً في الظهور والشهرة، وأذكر أنني كنت أقود سيارتي ففوجئت بسيارة تقودها سيدة تمر إلى جواري وتوقفني لتفاجئني بقولها “يا عم روح ربي حاجة تنفعك” فوجدت نفسي أنفجر في الضحك”.
وحول مدى تأثر طول وحيوية الشارب بتقدم العمر، يقول “لكل شيء بداية ونهاية وهذا ينطبق على الشارب حيث بدأ بمرور الوقت ينكمش ويقصر حتى وصل إلى 96 سنتيمترا بعد أن كان قبل سنوات قليلة 116 سنتيمترا”.
تجارب آخرين
تحدث الممثل وعضو الرابطة حسن الهلالي عن أنه انضم إلى الرابطة بعد أن التقى قبل سنوات رئيسها فتحي أبوشنب، الذي نصحه بالاهتمام بشاربه لأنه سيسهم في شهرته في مجال الفن خصوصا أنه “كاراكتر”، وعرض عليه الانضمام إلى الرابطة فوافق على ذلك وتم قبوله بها ومن يومها وهو حريص على الاهتمام بشاربه، ولا يبخل عليه بشيء حتى بلغ طوله 99 سنتيمترا. ويضيف “شاربي أسهم في شهرتي وتكوين علاقات عدة مع مختلف الشخصيات في المجتمع، كما فتح لي الطريق للمشاركة في عشرات الأعمال السينمائية والتليفزيونية والمسرحية منها فيلم “بوحة” مع محمد سعد و”همام في امستردام” مع محمد هنيدي ومسرحية “الجريء والمليونير” مع سيد زيان وحسن الأسمر، كما شاركت في بطولة فيلم بعنوان “كريسماس على ضفاف النيل” وهو إنتاج إيطالي مصري مشترك”.
ويقول إن الكثيرين يعرفونه جيدا عندما يسير في الشارع بسبب شهرته التي حققها له شاربه ويقومون بملاطفته والتقاط الصور التذكارية معه.
ويقول عضو الرابطة أمين هوجان (65 سنة) “في عام 2004 أطلقت شاربي بعد أن قابلت رئيس الرابطة فتحي أبوشنب أثناء سيره في الشارع، وسألته عن كيفية العناية بالشارب لكي يصل إلى طول وأناقة شاربه فنصحني باستخدام بعض أصناف من الشامبوهات والكريمات، وبالفعل قمت بشرائها وداومت على تنظيفه وغسله وتصفيفه يوميا حتى بلغ طوله 70 سنتيمترا، وبعدها انضممت إلى الرابطة وأصبحت ألبي أي دعوة يوجهها أبوشنب سواء للمشاركة في تصور تليفزيوني أو صحفي أو حفل الرابطة السنوي”. وعن لقبه “هوجان”، يوضح “هذا الاسم أطلقه عليَّ أحد أصدقائي لقرب الشبه بيني وبين المصارع العالمي هوجان، وأنا سعيد به ولا أخجل منه”.
أما ياسر إمام، الكوافير الخاص بالرابطة، فيقول إنه يحرص دائما على تلبية نداء أعضاء الرابطة وتنفيذ كل طلباتهم للعناية بشواربهم منذ أكثر من 12 عاما، مشيرا إلى أنه يستخدم العديد من أنواع الكريمات والشامبوهات المستوردة للعناية بشارب أي عضو.
ويوضح أن برنامج العناية بالشارب يتضمن إجراء حمام كريم وبلسم لمدة 10 دقائق يوميا، ثم غسله بالماء الدافئ، ثم تصفيفه قبل تثبيته حسب الشكل الذي يريدها صاحب الشارب.
وعن أشكال وأنواع الشوارب يقول إمام “هناك مسميات كثيرة لأشكال الشوارب منها الكلاسيكي والعصري الذي يواكب الموضة ومن بين هذه الأشكال الشنب السوبر والشنب الملفوف وشنب شق القمر وشنب كاريتر وشنب يقف عليه الصقر وشنب حرف اللام والشنب المفرود وشنب “4 فرد” وشنب الدوجلاس وشنب اللوتس وغيرها”.
“الشنب” في الأمثال الشعبية
عن الأمثال الشعبية التي تناولت الشوارب، يقول فتحي محمود “هناك الكثير من الأمثال التي قيلت في الشوارب منها “الشوارب زينة الرجال” كناية عن أهميتها في زينة الرجل وإضفاء الهيبة عليه، وهناك مثل “فقير وشواربه كبار” كناية عن الرجل الذي يهتم بتطويل شواربه ولا يملك قوت يومه، وأيضاً “لو الرجولة بالشنب لكان الصرصور سيد الرجال”، و”لكل شارب مقص” وتعني أن على الإنسان ألا يتكبر لأنه سيجد من هو أقوى منه. ويقال عن بعض الشوارب “يقف عليها النسر” كناية عن ضخامتها وقوتها، ومن كنايات العامة قولهم “خلي الشوارب على جنب” إذا دُعي أحدهم للحلف بها لأنه من العار أن يحلف كاذباً على هذا الجزء العزيز من جسمه”.
المصدر: القاهرة