حسونة الطيب (أبوظبي)
إنها حرة، لكن تلوح في الأفق بوادر تدل على قيود كثيرة تكبل تلك الحرية. وتشير المسوحات، لمواقف عامة متشددة تجاه التجارة الحرة في عدد من الدول الغنية، خاصة في الولايات المتحدة الأميركية.
وحفلت هذه السنة، بالعديد من الأحداث بالنسبة للخبراء الاقتصاديين للتجارة، حيث تبادلت أميركا والصين، زيادات في الرسوم التجارية، بينما تفكر المملكة المتحدة، في كيفية إعادة تشكيل ترتيباتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي وبقية دول العالم، قبيل مغادرتها منظومة الاتحاد.
وتؤكد أدلة عديدة، على الفوائد المؤثرة للتجارة الحرة، حيث تعود بالفائدة للمستهلك من خلال خفض الأسعار وتنوع المنتجات، لتسهم في الوقت نفسه، في زيادة الناتج المحلي الإجمالي. وفي الدول التي ينخفض فيها دخل الفرد، ساعدت التجارة الحرة، في إخراج الملايين من دائرة الفقر، بحسب فاينانشيال تايمز.
وفي الوقت الذي تمتدح فيه أميركا الفوائد التي تعود على المستهلك من التجارة الحرة، تلقي عليها باللوم أيضاً، لتسببها في خفض الأجور وإلحاق الضرر بقطاع الوظائف. وتم توقيع عدد قليل من الصفقات التجارية، لتنتهي بذلك فترة من النمو استمرت لعقود طويلة خلال حالة من التكامل غير المسبوق في الاقتصاد العالمي.
لكن تعتبر التغييرات التي طرأت على سياسات التجارة والمواقف العامة، مهمة للغاية. وساد اعتقاد لفترة طويلة من الوقت، أن انتعاش التجارة أمر واقع لا محالة، في ظل تراجع أسعار النقل وتطور التقنيات التي أسهمت في تمهيد الطريق. وأثبتت البحوث، أن التغييرات في السياسة والتعاون الدولي، لعبت دوراً هاماً.
برز تأثير التجارة على عدم المساواة الإقليمية في الدول الغنية، كقضية أساسية. ومن أكثر الأمثلة شهرة، ربما التأثير الذي طال سوق العمل الأميركي، جراء دخول الصين في نظام التجارة العالمي بداية الألفية الثانية.
وكانت معدلات التوظيف في قطاع الصناعة الصيني، الذي تحتم عليه مجاراة نمو الواردات الصينية، ضئيلة عموماً، لكنها تتركز بشدة في مناطق محددة. وعند تقلص هذه الصناعات، لم تكن التأثيرات على مكتسبات العمال المحليين ومعدلات التوظيف كبيرة فحسب، بل مستمرة أيضاً.
وربما وعلى المدى البعيد، حصول العمال المُسرحين، على وظائف أخرى في قطاعات نامية جديدة. لكن يبدو أن حصول هؤلاء العمال على وظائف بديلة، ليس بالأمر السهل، نتيجة لتأثر جزء كبير من الاقتصاد المحلي.
ويبرز تحدي كيفية جني فوائد العولمة من جانب، وحماية الذين ربما لم يحالفهم الحظ باللحاق بالركب، من جانب آخر. وفي حالة الفشل في تقليل عدم المساواة والاضطرابات التي تخلفها التجارة الحرة، ربما يكون من الصعب الحفاظ على الدعم الشعبي لها.