الإثنين 25 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تمور الإمارات.. خريطة معرفية

تمور الإمارات.. خريطة معرفية
8 سبتمبر 2010 21:33
تعد زراعة النخيل ـ في المناطق التي تمكن زراعته بها ـ أمرا ضروريا لسكان هذه المناطق، لما تمثله النخلة من مصدر غذائي أساسي لا يمكن الاستغناء عنه.. ودولة الإمارات العربية المتحدة إحدى المناطق التي كثرت فيها زراعة النخل على امتداد مساحتها، وبعد الاتحاد أولت القيادة النخلة اهتماما كبيرا تجلى في وصول عدد نخيل التمر المزروعة إلى أكثر من اثنين وأربعين مليون نخلة حسب آخر الاحصائيات. وبلا شك أن تاريخا حافلا من الاهتمام بالنخيل سوف يؤدي إلى ظهور أصناف كثيرة على المدى البعيد، تتكاثر أصناف منها وتنتشر في الوقت الذي تقل فيه أصناف وتتراجع أهميتها، مثل هذا ما يرويه بعض كبار السن في دبا أنه منذ مائتي سنة كان صنف “الشبروت” هو النخلة الأكثر زراعة فيها، وكان أن عثر صيادون من دبا على نخلة نابتة تحت جبل في “غبّة زَغي” في منطقة رؤوس الجبال فأعجبهم طعم ثمرتها واستحسنوها، فأخذوا الصرم الذي تحتها وفسلوه في دبا ثم انتشر هذا الصنف في كل أرجاء الساحل الشرقي وتراجعت أهمية “الشبروت” بدرجة كبيرة.. إن هذه القصة إن صحت فهي تدل على أن بعضا أو كثيرا من الأصناف ما هي إلا نخلات نبتت من نوى مرمي دون عناية، فشاء الله أن تكون بعض منها أصنافا جيدة يستحسنها الناس، وتكون هناك أصناف أخرى قد لا يستحسنها الكثيرون ولكنهم يزرعونها على أية حال، ولهذا نرى الأصناف التي تحمل صفة “البقل” أو “القش” منتشرة بدرجة كبيرة، وبعضها أصناف عالية الجودة مثل قش جعفر، وقش حبش، وقش قلقة، وبقل مفييير، وبقل الطوعة، وبقل الدحالة، وقش معيشيق.. وكان للأصناف النابتة وحدها حضور في أكثر المزارع، فما أن يجد مزارع أن نخلة من النخلات النابتات دون فسل قد أثمرت وجاد ثمرها واستحسنها الناس معه، يطلق عليها تسمية نابعة من شكل ثمرتها أو الشخص صاحب المزرعة أو اسم المزرعة والبستان. ريف الدنيا ولم تكن زراعة النخيل والعناية به في دولة الإمارات العربية المتحدة حديثة العهد أو أنها تعود إلى أوائل القرن العشرين مثلا، بل هي أقدم من ذلك بكثير، وهي لا تنفصل في سياق وجودها التاريخي عن تاريخ وجود النخل ونشأته في الجزيرة العربية أو أماكن انتشاره الأخرى، خاصة أن دولة الإمارات محاطة بمناطق مذكورة في التاريخ أنها عامرة بالنخيل كعمان والبحرين ومعظم أجزاء الجزيرة العربية وبلاد فارس، وهي تقع على أكبر شريط للتمر معروف في العالم القديم. قال ابن الهمداني: “ريف الدنيا من التمر ما بين اليمن إلى البصرة وهجر”، وكانت لها صلات مع هذه المناطق وأماكن أخرى مشهورة بزراعة النخيل كالبصرة، وليس أدل على ذلك مما ذلك أن هذه المنطقة عامرة بالنخيل أنه “في أول أيام بدء الخريف، جاء رجل بعذق بلح قد رجع أحمر بعد الخضرة.. من بلد دبا، جاء هدية للسيد زين العابدين بن عبد الله الحداد بالصير” أي في رأس الخيمة عام 1780ميلادية، وإن الناظر إلى مزارع العين القديمة في منطقة السوق مثلا واستواء أرضيتها مع أرضية مياه الفلج الجارية ليستدل على أن أسلاف تلك النخيل قد زرعت في المكان نفسه وبنفس المستوى المكاني قديما، لأن فلج الماء لا يمكن أن يرتفع عن مستوى مياه منبعه، في الوقت الذي ارتفع فيه مستوى الرمل في الطرق الضيقة بين النخل عن مستوى الماء ارتفاعا عاليا يدل على أنه قد ارتفع شيئا فشيئا مع مرور مئات السنين، أما في رأس الخيمة مثلا فالأصناف قديمة جدا، وقد دون السيد عبد الوهاب محمد الخارجي البصري في عام 1923 بعضا من أسماء أصناف نخيل التمر وأوصافها في رأس الخيمة. أصول الأصناف ومن ذلك تلك الأصناف الموجودة في هذه المنطقة منذ القدم، مثل أصناف “الفرض”، وهو صنف قديم اشتهرت به منطقة عمان منذ القديم، قال أبو حاتم السجستاني في كتاب النخل “الفرض تمرة تكون بعمان”، ولا شك أن الفرض في عمان أكثر منه في الإمارات، كالفرض السمائلي والسلوتي، ولكن وجوده هنا أيضا قديم بسبب الوحدة الجغرافية لهذه الأرض التي تضم دولة الإمارات وسلطنة عمان الحالية والتي كانت في السابق إقليما واحدا.. ومن ذلك صنف “الأزاد” وهو صنف معروف ذكره بديع الزمان الهمذاني في مقامته “البغدادية” المعروفة بقوله “اشتهيت الأزاد، وأنا ببغداد”، ولا شك أن هذا الصنف ربما كان قديما هنا قبل بغداد التي أنشأها الخليفة أبو جعفر المنصور، وربما انتقل من هذه المنطقة إلى العراق بواسطة سكان هذه المنطقة الذين استقروا هناك، علما أن مدينة الموصل قد شهدت استقرارا كبيرا لأزد عمان في العصور الإسلامية الأولى.. والصنف الثالث أيضا هو السّوّادي، وهو صنف شبه منقرض حاليا في دبا ورأس الخيمة، ولعله هو الصنف العراقي القديم المعرف بالسوادي، أما “البرني” فهو صنف عماني قديم لكنه كان في المنطقة المعروفة حاليا بسلطنة عمان ولم يكن معروفا قديما في دولة الإمارات، وقد انتقل إليها حديثا، والصنف الرابع هو “المخلدي” وكان معروفا في البصرة ومنسوبا إلى نهر مخلد، وهو موجود بقلة في دبا. وهناك أصناف أخرى انتقلت إلى دولة الإمارات في العصور الحديثة أو ما قبلها عن طريق المسافرين في البحر أو البر، من الدول المجاورة، فهناك أصناف أتت من العراق، من ذلك صنف “الزهدي” العراقي المعروف، والذي يوجد في خورفكان فقط، وصنف يسمى “بصري” يوجد في دبا ورأس الخيمة، وأصله عراقي بلا شك، وهناك أصناف أتت من إيران مثل “هرموزي” و”مرداسنج”? و”موسايي” و”شكّر” و”صربيبي” و”زرّك” وغيرها.. ولعل من اللافت للنظر وجود أصناف في دولة الإمارات وعمان ومثيلات لها من ذات الأصناف في إيران وهو جدير بالدراسة والبحث عن أصل الصنف، منها أصناف “زامردي” و”كبكاب” و”سعمران”، وهناك أصناف أتت من سلطنة عمان أو أنها كانت مشتركة التواجد مثل “سودنيي” في مصفوت وما قاربها.. وفي العقود الأربعة الأخيرة استقدم المختصون بالنخيل أصنافا جيدة من العراق والسعودية وشمال أفريقيا من مصر والمغرب، ومن أماكن أخرى كالولايات المتحدة، مثل البرحي وأبو فقوس وكثير غيرها.. توزيع الأصناف ساهم التوزيع الجغرافي والمناخي لدولة الإمارات في تنوع أصنافها حسب المناطق بين الساحلية والجبلية والصحراوية، ففي البيئة الساحلية في الساحل الشرقي مثلا، تنوعت الأصناف أكثر من غيرها بسبب كثرة المزارع واعتماد الناس على التمر اعتمادا كبيرا، فانتشر صنف “شهل” انتشارا كبيرا في دبا وضدنا وخورفكان وقدفع ومربح، وفي البداية كان صنف “أم الندا” من أكثر الأصناف حضورا وقد صار الآن نادرا، وفي ضدنا أيضا لا زال يبدي المزارعون اهتماما بصنف “قش بن وزامل” المعروف باسم “أخرة ضدنا” لكونها من أكثر النخيل تأخرا وجودة.. أما الفجيرة وكلباء فانتشر فيها صنف “أم السلّة” بسبب قربها من مناطق سلطنة عمان التي ينتشر فيها هذا الصنف انتشارا كبيرا، أما في مناطق رأس الخيمة فإن صنف “قش حبش” هو الذي يمثل الغالبية العظمى فيها، أما في المناطق الجبلية أو جبال الحجر بالأحرى فهناك أصناف توجد فيها ولا توجد في مناطق أخرى، أو أنها توجد فيها اكثر من غيرها، فبلدة “وَمّ” غرب دبا يكثر فيها صنف “قش فلقة” أكثر من غيره، أما المسافي فصنف “عتاقي” معروف بها أكثر من غيره، هذا عدا أصناف أخرى في مناطق جبال الحجر تتوزع شهرتها بين منطقة وأخرى، ولعل أكثر الأصناف انتشارا في جبال الحجر هو صنف “أنوان” لقدرته على التحمل والثبات في المناطق الجبلية، يليه صنف “خشكار”الذي ينتشر أيضا مع “الأنوان” في كثير من المناطق الساحلية في الساحل الشرقي ورأس الخيمة، وكذلك “المدهون” في البثنة وما قاربها.. وفي المناطق الجبلية في رأس الخيمة توجد أصناف نادرة مثل “ستل” و”سبكاري” و”عتامي” مع صنف “خشكار” لقدرتها على تحمل الجفاف.. أما منطقة العين فإن “النغال” كثير بها رغم أنه صنف متقدم منتشر أيضا في أرجاء الدولة باعتباره من الأصناف المبكرة التي يتباشر الناس بها، ومثله “بقل الطوعة” و”بقل الدحالة” في العين أيضا.. وفي جبال الحجر الغربية في حتا ومصفوت ومزيرع والحويلات ووادي القور والمنيعي والعييلي وما قاربها يتقدم صنف “بقل مفيير” على كل الأصناف المبكرة لجودته ولذته وسهولة أكله، أما في المنطقة الغربية فصنف “الدباس” و”خنيزي ليوا” متقدمان مع أصناف أخرى مثل “اليفري” و”اليردي” و”اليواني”.. وفي كل منطقة توجد أصناف قد لا توجد في أماكن أخرى، وبعضها أصناف نادرة جدا وجيدة، من ذلك صنف “لولو أحمر” الذي يوجد في الفجيرة والقريّة فقط، والمشهور أن هذا الصنف أصفر اللون، وفي خورفكان يوجد نوعان آخران من صنف “مرزبان” هما الأحمر الطويل والأصفر المدور، والمعروف أن هذا الصنف أصفر طويل فقط. وهناك أصناف قد بقيت في مناطقها دون انتشار مثل الأصناف الموجودة في بلدتي الحلاة وضباعة في الساحل الشرقي، وقد انتشرت منها أصناف قليلة موجودة أيضا في ضدنا ورول ضدنا وزكت، وهناك أصناف كانت قديما منتشرة إلا أنها قد اختفت مثل “قش زينب” الذي كان منتشرا في شمل، ومثله “قش الموت” وكان يوجد في شمل ودبي إلا أنه اختفى من المكانين، كذلك ساعد التنقل على انتشار اصناف معينة أو المحافظة عليها، فمثل ذلك صنفا “بقل غلوي” و”بقل الصرم” الموجودان حاليا في بلدة الشوكة، وهما في طور الانقراض، قد ظهرا أول مرة في وادي “بْراق” الذي كانت تسكنه قبيلة القوايد، ولما جفت مياه الوادي انتقل سكانه إلى بلدة الوكة ونقلوا معهم هذين الصنفين، ومثل ذلك صنف “بغل مزناي” الذي كان موجودا في رأس الخيمة لكنه انقرض منها وبقيت منه نخلة موجودة في وادي القور، قد حملت إليه منذ فترة بعيدة جدا، ومنه صنف “قش شعرة” الذي كان يوجد في بلدة الشوكة إلا أنه اقرض منها وبقيت منه نخلات في رأس الخيمة، ومثله “بقل ربيعة” الذي كان يوجد في وادي القور وما حولها، وقد انقرض منها وبقيت منه نخلة في وادي “صْفِني”.. ومثل ذلك كثير.. تقسيم الأصناف كما نعلم فالخلال يتحول بعد أن ينضج إلى بسر يتخذ أحد لونين، الأصفر أو الأحمر، وفي حالات معينة يبقى الخلال على لونه الأخضر إلا أن الثمرة تنضج فيبقى لون الثمرة أخضر فاتح مائلا للصفرة قليلا، نرى ذلك في بعض الأصناف التي بقيت ذات لون أخضر، ووصفت بصفات مشتقة من اللون الأخضر مثل الخضراوي والخضوري والخاضوري والخضروّة، وهناك أصناف ذات لون أصفر تبقى بعض نخلاتها بلون البسر الأخضر، مثل “الخاطري” وهو نادر .. ومن الملاحظ أن كثيرا من الأصناف تتخذ لونين، ويكون صنف منها بلون أحمر في مكان ما، وصنف بلون أصفر في مكان آخر، من ذلك صنف “مخلدي” الذي كان بلون أصفر في مصفوت وما جاورها ثم انقرض، وبقي منه صنف أحمر في دبا وما جاورها، وكذلك صنف “فوفلي أحمر” الذي انقرض تقريبا من رأس الخيمة وبقيت نخلة واحدة من أخيه “فوفلي أبيض”، وكذلك صنف “خد الأسل” ذو اللون الذهبي الموجود في دبا، منه صنف آخر أحمر اللون بنفس المسمى في رأس الخيمة، بل إن هناك أصنافا أخرى توجد بنفس اللونين في الموضع الواحد مثل “قش الرول” الأحمر والأبيض، الموجود في بلدة شرم... وثمة رؤية لغوية تحتاج إلى تحليل وإدراك للسبب، هي أن اللون الأصفر يطلق عليه كبار السن صفة البياض، فإذا صنفوا ألوان الثمر قالوا “أحمر وأبيض” ولا يقولون “أصفر”، ولا شك أن هذا له سبب لغوي قديم قد يعود إلى علاقة مقاربة بين اللونين الأصفر والأبيض واشتقاق أحدهما من الآخر، وجواز مماثلته في الوصف.. انقراض الأصناف القديمة توسعت دولة الإمارات في زراعة النخيل توسعا كبيرا بلغت نحو أربعين مليون نخلة في إحصائيات عام 2000م، معظمها من ألأصناف الحديثة الخارجية مع الجيد من الأصناف القديمة، إلا أنه رغم ذلك قد انقرضت الكثير من الأصناف القديمة أو قارب بعضها على الانقراض أو الاختفاء، لأسباب عديدة، منها: ـ الانقراض الطبيعي لبعض الأصناف بسبب عدم اهتمام بعض المزارعين بها لأنهم لم يحتفظوا بفسائل لها ولم يهتموا باسترجاع فسائل لها من نخلاتها التي وزعوعا سابقا، وكذلك ربما لم يهتموا بها لرداءتها أو لأن تنبيتها يكلفهم كمية كبيرة من اللقاح “النبات” فكان أن انقرضت أصناف مثل “قش زبوت” الذي كان معروفا في دبا في الخمسينيات والستينيات، وأصناف مثل “قش زرافي” في رأس الخيمة، وكذلك “قش الليف” و”قش البنعور” وغيرها من الأصناف التي تم توثيقها في عشرينيات القرن العشرين، ومنها صنف يدعى “هبيل” كان معروفا في مصفوت وما جاورها، وكانت ثمرته صغيرة لا فائدة منها، وجذعه طويلا ينمو أسرع من بقية الأصناف، فتركه الناس دون تلقيح ولم يهتموا بفسائله بسبب عدم جدوى ذلك فانقرض. ومن ذلك “قش المحسّب” في ضدنا الذي قد لا يعرفه الكثيرون من كبار لسن فيها، وقد انقرض منذ فترة طويلة، بل كان نادرا في الأوقات التي كان موجودا فيها.. ـ وفاة كثير من المزارعين الذي كانت تمثل الزراعة لديهم حرفة رئيسية قبل اتحاد دولة الإمارات، وبقوا على ذلك في العقود الماضية من عمر الدولة، لكن بوفاتهم لم يهتم أبناؤهم باستنباط الأصناف القديمة والمحافظة عليها حتى وإن كان هناك فسائل لها قاموا بتوزيعها أو بيعها بثمن بخس أو رميها أو حرقها.. كذلك لا زالت توجد أصناف قديمة لكن العارفين بها من أصحاب النخيل قد انتقلوا إلى رحمة الله، ولم يهتم بها أحد من أبنائهم وقد صادفت العديد من البساتين ذات الأنواع القديمة لكن الأبناء أو الورثة لم يهتموا بمعرفة الأصناف حين كان آباؤهم أحياء، كذلك هناك بعض البساتين قد آلت بطريق الشراء أو الإرث فلم تعرف بعض أنواعها. ـ الجفاف الذي أصاب المزارع في السنوات العشر الأخيرة، فأثرت قلة الماء وندرته على كثير من المواقع التي كانت مشهورة بالنخيل، ولعل أكثرها تضررا منطقة شمل في رأس الخيمة، وكانت تضم مجموعة كبيرة متنوعة من الأصناف، وقد انقرضت أصناف كثيرة هناك مثل “قش الموت” و”أبو نعام” وغيرها.. كما أن الجفاف أثر أيضا على زارع الساحل الشرقي خاصة التي تكون شريطا ساحليا في ضدنا والفجيرة وكلباء، وإن نظرة واحدة لهذه المزارع والبساتين الجافة التي كانت غناء ذات يوم، تنبئ عن عظم هذه المأساة التي اختفت فيها أنواع كثيرة، لم يبق منها لآ القليل الذي فسله بعض أبناء أولئك المزارعين، وأشيد بجهود الأخوين عبد الله علي بن سبيت الزيودي وراشد سالم بن رحمة الحنطوبي في ضدنا، والسيد سعيد الزيودي في زكت، والسيد سعيد بن فاضل الكعبي في وادي القور، والسيد خليفة بن عيد الكعبي في الحويلات، الذين حفظت مزارعهم الجديدة بعضا من الأصناف النادرة التي انقرضت في أماكن أخرى. ـ التوسع العمراني الذي استلزم إزالة كثير من مزارع النخيل القديمة، وهذا كان واضحا في مدينة دبي التي أزيلت فيها مزارع النخيل القديمة في منطقة أبو هيل، وكذلك في الشارقة التي كانت بها مزارع نخيل كثيرة في بداية القرن العشرين جفت بعضها وأزيل البعض الآخر على فترات بعيدة، ومثل ذلك حديثا في مدينة دبا الحصن التي تسبب التوسع العمراني في اختفاء كثير من مزارع النخيل، ومعها اختفت أصناف كثيرة، ومن الأصناف التي على وشك الانقراض فيها صنف “قش أتما” وهو شبيه بالحاتمي شبها كبيرا، ومثله صنف “الخشكار” قصير الثمرة، وبقيت منه نخلة واحدة فقط.. ـ اتجاه الأجيال الجديدة من أصحاب المزارع الحديثة ـ خاصة الشباب منهم ـ إلى زراعة الأصناف الحديثة المرغوبة في التسويق الزراعي وذات المردود المالي الجيد، وأثر هذا بالتالي على بعض أصحاب المزارع القديمة فأزالوا نخيلهم القديم بما فيها من أصناف نادرة، وزرعوا الأصناف الحديثة المرغوبة.. جهود التوثيق عني دارسوا تاريخ انتشار النخيل في دول العالم بمحاولات إحصاء أنواعها، ومنذ عشرينيات القرن العشرين تعددت هذه المحاولات، سواء في الدول العربية أو بقية دول العالم التي للنخلة وجود لافت على أراضيها، وهذا الإحصاء يتأرجح بين الأنواع التجارية وبين عموم الأنواع تجارية أم غير تجارية، و”أصناف النخيل في العالم كثيرة جدا ومن الصعوبة إحصاؤها.. ففي الجزيرة العربية والعراق هناك أكثر من ألف صنف، وفي كل من إيران وليبيا أكثر من أربعمائة صنف، ولعل الاحصاء الذي قام به عبد الجبار البكر لأصناف التمور في العالم ـ معتمدا على جهود سابقيه ـ هو أفضل الموجود، ففي العراق ستمائة صنف، وفي إيران نحو أربعمائة صنف، وفي مختلف أقطار الجزيرة العربية نحو أربعمائة صنف، ولو أضفنا إلى ذلك ما موجود في مختلف أقطار القارة الأفريقية عدا ليبيا لتعدى ذلك الألفين حتما، بل ربما العدد أكثر من ذلك، فالمملكة العربية السعودية يوجد بها أكثر من أربعمائة صنف، وفي سلطنة عمان فالأصناف تصل إلى مائة وثمانين صنفا أو تزيد، بل تصل إلى مائتين وتسعة وثلاثين صنفا، وفي نظري فإن الأصناف في مجملها أكثر من ذلك، فالأصناف التي في العراق أو المملكة العربية السعودية أكثر من ذلك في مجموعها بل أضعاف الأعداد المذكورة.. أما في دولة الإمارات ففي رأي أحد الخبراء فإنه فيها تنتشر “أصناف تربو على مائة وعشرين صنفا محليا نشأت محليا بشكل أساسي أو أدخلت من المناطق المجاورة مثل دول الخليج والعراق وإيران بجانب عدد قليل جدا من الأصناف تم استيراده من شمال أفريقيا لغرسه على سبيل التجربة”، بل ربما تزيد هذه الأصناف إلى مائة وثلاثين صنفا. لقد جرت محاولات عديدة لإحصاء أصناف التمور الموجودة في دولة الإمارات، كالتالي: ـ مذكرة الشيخ عبد الوهاب محمد الخارجي، نزيل البصرة، وكان زار رأس الخيمة في عام 1923، وسجل بعضا من أصناف التمور فيها. ـ أحصى الأستاذ إبراهيم سليمان الأنقر ثلاثة وأربعين صنفا مشهورا ومعروفا من أصناف تمور الإمارات، في آخر السبعينيات. ـ أحصى الدكتور فالح حنظل عددا كبيرا من الأصناف المشهورة والمجهولة في كتابه المعروف “معجم الألفاظ العامية في دولة الإمارات”. ـ جدول بأهم أصناف النخيل التي تنتشر زراعتها في دولة الإمارات، ضم ستة وستين صنفا مع توصيف لها، وبعض صفاتها، نشرته مجلة “الفن والتراث الشعبي”. ـ دراسة وإحصاء لأصناف التمور المعروفة في دول الإمارات، ضمت خمسين نوعا، نشرها الأستاذ عبد الجبار السامرائي في مجلة “الفن والتراث الشعبي”. ـ جدول بأسماء الأصناف المشهورة والمجهولة وتفصيل بعضها، أعده أحمد علي النواء، وضم مائة وثلاثة وأربعين صنفا. * باحث في التراث الوطني في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©