أحمد السعداوي (أبوظبي)
مع حلول العطلة الصيفية، يصبح هناك متسع من الوقت لقضاء أوقات طويلة بين أفراد الأسرة كافة، فالأبوان يخططان لنيل عطلتهما السنوية في التوقيت ذاته، ما يتيح للجميع الخروج في رحلات جماعية للأسرة أو ممارسة أنشطة وهوايات مشتركة أو الجلوس في المنزل لساعات طويلة قياساً إلى الأوقات العادية.
وعبر هذه الأساليب جميعاً، تصبح الفرصة متاحة لأفراد الأسرة كافة لزيادة التقارب فيما بينهم، والخروج من العطلة الصيفية بأكبر كم من المتعة والفائدة.
المعالم السياحية
مطر سالم مصبح النيادي، أب لـ 6 أنباء ذكور وبنت واحدة، منهم من أنهى تعليمه، وعمل بوظائف عليا،، ومنهم من لا يزال في مراحل التعليم، أكد أهمية استثمار العطلة الصيفية في تقوية الروابط بين كل أفراد الأسرة، وأنه مثل سائر الآباء يحرص على الجلوس مع أبنائه أطول فترة ممكنة خلال الصيف، حتى يخرج بهم من أجواء الدراسة والامتحانات وما يصحبها من توترات وشد عصبي، إلى أجواء من المرح المفيد، من خلال الرحلات، سواء داخل الدولة لزيارة معالمها التاريخية والسياحية أو خارجها، وعبر ذلك يساعدهم على قضاء أوقات الصيف في أنشطة مفيدة، ومنها التعرف إلى معالم التراث في الدولة باعتبارها جزءاً من تاريخ الوطن.
ونصح النيادي الوالدين بأن يعتبرا الإجازة نقطة تحول في طريق بناء علاقة إيجابية، وأن تكون نصيحتهما لأبنائهما في أي أمر في إطار من الخصوصية بينهما، خاصة إذا نجح الوالد في عمل صداقة مع أبنائه عبر استغلال الأوقات الممتعة التي تجمع بينهم، والتي تزيد بطبيعة الحال في العطلة الصيفية، خاصة هذه الأيام التي تحتاج مزيداً من التقارب بين أفراد الأسرة.
حماية الشباب
وأوضح علي حمد سالم، موظف بإحدى الجهات الحكومية، أن الإنسان إذا لم يملأ أوقات فراغه بأشياء مفيدة ونافعة، سيكون عرضة لكل ما هو ضار، ولذلك على كل ولي أمر أن ينتبه لذلك جيداً، ويحرص على أن تصبح عطلة الصيف فرصة لتقوية وتعزيز العلاقات بين أفراد الأسرة، سواء بين أولياء الأمور وأبنائهم أو بين الأشقاء، وهذا يحمي الشباب في هذه المرحلة العمرية الحساسة من التوجه إلى مسالك ودروب قد تحمل لهم الضرر أكثر من الفائدة، بعيداً عن عيون ورقابة الأهل، إذا لم تكن العلاقات قوية بشكل كافٍ بين الأسرة.
وتقول لطيفة عبدالله: «يجب استغلالها بما يفيد أفراد العائلة، ويروح عن أنفسهم في الوقت ذاته»، مشيرة إلى أن العطلة الصيفية تزيد من الدفء العائلي، وتعزز الحميمية العائلية من بعد روتين الدراسة وانشغالات كثيرة، ومواعيد ثابتة للنوم والاستيقاظ.
وتوضح أنه يجب على الأبناء والآباء استغلال العطلة الصيفية في تمضية أوقات طويلة، تضمن تعزيز العلاقات، ووضع كيفية استغلال العطلة في أشياء مفيدة وممتعة. وتجنب قضاء الأبناء ساعات طويلة أمام الإنترنت وبرامج التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية، فيضيعون الوقت ثم يشتكون من الملل والفراغ. غير أن ولي الأمر الحصيف يحرص على استغلال العطلات في تنظيم رحلات عائلية للتخلص من ضغوط العمل والدراسة، ولكسر الروتين اليومي.
مواقع التباعد
الخبير التربوي، أنيس لقمان، من واقع عمله سنوات طويلة بمؤسسات تعليمية وتربوية متنوعة بأبوظبي، يرى أن العطلات الصيفية لها أهمية كبرى في التقريب بين أفراد العائلة، مؤكداً أن العطلات الصيفية إذا تم تنظيمها بوعي وبشكل هادف، لها أهمية كبيرة في التقريب بين أفراد الأسر، لاسيما في هذا العصر الرقمي الذي قرب المسافات كما يقال، ولكنه في الوقت نفسه قطع العلاقات الحميمية لدرجة أن الأقارب وإنْ كانوا يسكنون تحت سقف واحد أو في بيوت متلاصقة، ولكن قلما يلتقون أو يرى بعضهم بعضاً إلا في مناسبات معدودات تتكرر من حول إلى حول، ومن ثم أطلق البعض على مواقع التواصل الاجتماعي وصف مواقع التباعد والتقاطع الاجتماعي.
فرصة ذهبية
قالت الدكتورة هبة شركس، الاستشارية النفسية والأسرية، إن العطلات الصيفية فرصة ذهبية لإثراء الحياة الأسرية، وتوطيد العلاقات بين أفراد الأسرة، وفي حقيقة الأمر عادة ما تأتي العطلات بعد فترة من التوتر والضغط النفسي في أيام الامتحانات، حيث تكون الأجواء مشحونة، والالتزامات والواجبات في أعلى المستويات.. ثم تأتي العطلة وتسمح لنا بمساحة من الحرية، وفرصة لإعادة هيكلة العلاقات الأسرية، فعندما تتحرر من الروتين اليومي للدراسة ومسؤولياتها، نملك الوقت الكافي للتفاعل الحر مع جميع أفراد الأسرة في أجواء خالية من التوتر والضغوط.
وأضافت: حتى نتمكن من استثمار هذه الفرصة، يتوجب على الآباء ترتيب إجازة سنوية تتزامن مع إجازة الأبناء حتى يتمتع الجميع بفرصة حقيقية للتحرر من المسؤوليات، والتركيز على العلاقات، كما يجب التركيز بشكل مقصود على تنمية العلاقات مع الزوج والأبناء، وعدم اعتبار الإجارة من العمل عطلة أيضاً من الأسرة.