11 يونيو 2012
هدى جاسم، وكالات (بغداد)- أعلن الرئيس العراقي جلال طالباني أن معارضي رئيس الوزراء نوري المالكي لم يتمكنوا من جمع أصوات كافية لسحب الثقة عن حكومته، ما يؤدي لاستمرار الأزمة السياسية في البلد. ودعا المالكي لدى تأكيده فشل سحب الثقة منه، خصومه إلى الحوار، فيما اتهم هؤلاء في اجتماع عقدوه في أربيل، إيران بممارسة ضغوط سياسية للإبقاء على المالكي رئيساً للحكومة.
وأفاد بيان صادر عن المكتب الإعلامي لطالباني بأن “اللجنة التي كلفها الرئيس التدقيق تسلمت تواقيع 160 نائباً من ائتلاف العراقية وتحالف القوى الكردستانية وكتلة الأحرار وعدد من النواب المستقلين، وأضيفت إليهم لاحقا قائمة بأسماء عدد من نواب الاتحاد الوطني الكردستاني”.
وأضاف لكن “11 من النواب الموقعين قاموا بإبلاغ مكتب رئيس الجمهورية بسحب تواقيعهم بينما طلب نائبان آخران تعليق توقيعهما”. وأوضح أنه “وفي ضوء ذلك ونظراً لعدم اكتمال النصاب فإن رسالة طالباني على الرغم من جاهزية نصها، لم تبلغ إلى مجلس النواب الموقر”.
ووعد طالباني في وقت سابق الكتل السياسية المعارضة لأداء حكومة المالكي بنقل مطالبهم إلى البرلمان في حال توقيع أكثر من نصف عدد نواب البرلمان (325 عضواً) المطالبة بسحب الثقة عن المالكي. وكانت القائمة العراقية بزعامة أياد علاوي وقوى كردية يدعمها رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني بالإضافة إلى التيار الصدري بعثت بتواقيعها إلى طالباني تطالب بإرسال كتاب سحب الثقة إلى البرلمان.
وناشد طالباني في بيانه “القوى السياسية كافة حصر الخلافات في هذا الإطار وتفادي كل ما من شأنه زيادة الاحتقان وعرقلة مساعي الحوار”، داعياً القوى السياسية إلى دراسة مقترحاته ودعوته للاجتماع الوطني الذي لابد من عقده، سواء تم سحب الثقة أو فشل.
وأضاف أن “التأزم السياسي الراهن الذي يسبب احتقاناً اجتماعياً وأمنياً، ويعطل سير البناء الاقتصادي، لابد أن يؤول إلى انفراج في إطار أحكام الدستور والقانون”. وعقب المالكي في أول رد فعل له على إعلان طالباني فشل سحب الثقة بقوله “إن ما قام به رئيس الجمهورية من الاحتكام إلى الدستور واتباع آلياته وعدم الالتفاف عليه كما تقتضيه مسؤوليته، له الأثر المهم في مواجهة التحديات وطبيعة المواقف والتطورات، خلال الأسابيع الأخيرة وعبورها وترسيخ التجربة الديمقراطية وجعلها أكثر تماسكاً.
وشكر في بيان وزعه مكتبه “كل من ساعد على وضع الأمور في نصابها الصحيح وعدم السماح بالانزلاق إلى مسارات أخرى”. وجدد دعوة “جميع الشركاء السياسيين للجلوس إلى مائدة الحوار والانفتاح لمناقشة كل الخلافات”. وتابع “إني على ثقة أكيدة بأننا قادرون على تجاوز كل التحديات والمصاعب التي تعترض طريقنا، إذا خلصت النوايا وجعلنا العراق وشعبه العزيز نصب أعيننا”.
وسارع خصوم المالكي إلى اتهام إيران بممارسة ضغوط سياسية لعدم سحب الثقة من الحكومة. وعقد التحالف الكردستاني والعراقية والتيار الصدري اجتماعا أمس في أربيل لبحث تطورات الأوضاع، وقد يكون استجواب المالكي في مجلس النواب خطوتهم التالية على أمل النجاح بسحب الثقة عنه.
وقال النائب عن العراقية حيدر الملا “نحن أكثر إصراراً على إنهاء الديكتاتورية، وإذا كان طالباني جاد بقضية النصاب فنحن مستعدون أن نكمل بقية أعداد النواب خلال نصف ساعة”. واستدرك “القضية ليست مقترنة بقضية النصاب بل بضغوط مورست على الرئيس وعلى نواب، ضغوط إيرانية واضحة، وهناك أيضاً أساليب ترويع بحق النواب قادت أن يكون النصاب بالفعل 160”.
وشدد الملا على أنه “ستكون هناك اجتماعات للنواب الـ160 الذين وقعوا على سحب الثقة، وهناك أكثر من خريطة طريق قسم منها أن نلجأ إلى استجواب المالكي داخل البرلمان لسحب الثقة منه”.
بدوره قال النائب عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري جواد الحسناوي إن “كتلتنا باقية على موقفها ونحن ماضون بمسألة سحب الثقة، وسنذهب إلى الاستجواب تحت قبة البرلمان”. وشدد على أن إعلان طالباني الأخير “لن يحيدنا عن موضوع سحب الثقة ولن يعرقل جهودنا”.
وقال النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان إنه “يجب عقد مؤتمر وطني يجري خلاله حوار جدي وصريح ويتم خلاله كشف جميع الأوراق، و هذا رأي الرئيس العراقي”. وتابع “لابد أن يمنح المالكي فرصة ليعيد النظر بسياسته ويراجع نفسه لأن نصف النواب غير راضين عن سياسته، وقد يصار إلى ضمانات دولية من الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة أو دول أخرى مثل إيران”.
من جانبه أكد النائب عن ائتلاف دولة القانون وليد الحلي أن المالكي سيطرح خلال الاجتماع الوطني “إصلاحات كثيرة” ضمن الدستور العراقي، ودعا القائمة العراقية إلى تقديم الخدمات للعراقيين بدلاً من عرقلة عمل الحكومة وخلق الأزمات.
من جانبه أكد رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم أن الخلافات السياسية الحالية التي تعصف بالعراق تكشف عن غياب الرؤية والتعريف الموحد للمصالح العامة، وجدد موقف المجلس القاضي بضرورة اللجوء إلى الحوار وتقبل التنوع وإجراء الإصلاحات وفقاً للدستور الذي يوفر فرصاً كبيرة للتفاهمات، دعا إلى “تصفير الأزمات بدلاً من تفقيسها”.