شعبان بلال وعبدالله أبوضيف (القاهرة)
على بعد ما يقرب من مئة كيلو متر جنوب غرب العاصمة المصرية القاهرة، تقع محافظة الفيوم التي خرج منها عشرات العناصر الإرهابية المنتمين لجماعة الإخوان الإرهابية خلال السنوات الماضية، والتي يصفها البعض بأنها «وكر الإخوان» و«مركز التخطيط» الخاص بهم، وهو ما ظهر بصورة كبيرة في تحقيقات خلية الكويت، التي تم تسليم عناصرها إلى مصر منذ ما يقرب من شهر ونصف.
مصادر أمنية رفيعة المستوى كشفت في تصريحات لـ«الاتحاد» أن التحقيقات من جانب السلطات المصرية مع خلية الكويت والمتورطين في حادث تفجير معهد الأورام الإرهابي، كشفت عن عناصر جديدة في إحدى قرى محافظة الفيوم وهي قرية «سنوفر»، مؤكدة أن هناك حملات أمنية شنتها السلطات على مدار الأسابيع الماضية على القرية لضبط العناصر المختبئة والموجودة فيها.
«الاتحاد» انتقلت إلى القرية للكشف عن تفاصيل جديدة في الحملات الأمنية والوقوف على انتشار عناصر الإخوان فيها، حيث أعلنت وزارة الداخلية المصرية نجاح قوات الأمن في القبض على عدد من الأشخاص المشتبه في ارتباطهم بخلية الكويت، التي جرى ترحيل أعضائها إلى مصر مؤخراً، واستهدفت الحملة ضبط الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في التحقيقات التي تجريها الأجهزة الأمنية مع أعضاء الخلية.
على مداخل ومخارج القرية، تتمركز مصفحات الأمن المركزي التابعة لوزارة الداخلية والعشرات من أفراد الشرطة، الذين يقومون باستيقاف السيارات الداخلة والخارجة من القرية، وضبط المشتبه بهم بعد الكشف عن هوياتهم الشخصية.
«الخلايا النائمة»
التقت «الاتحاد» بعدد من أهالي القرية الذين أكدوا أن عناصر الإخوان كانت تسيطر على القرية على مدار السنوات الماضية خاصة أثناء حكم الإخوان، مؤكدين أن هناك العديد من العناصر النائمة الموجودة بالقرية مرصودة من قبل الأمن، وهناك حملات أمنية لضبط العناصر المتورطة في عمليات إرهابية خاصة بعد حادث معهد الأورام وخلية الكويت.
عشرات اللافتات والكتابات على جدران منازل القرية ومخارجها، عبارات تأييد للإخوان وصور لقياداتهم وشعاراتهم التي يرفعها المنتمون للجماعة في المناسبات المتعلقة بالتنظيم، ليؤكد أحد أهالي القرية الذي تحدث لـ«الاتحاد» أن هذه الشعارات والملصقات كتبها الإخوان ونساؤهم أثناء المظاهرات التي كانت تخرج بصورة دورية أثناء الأحداث التي شهدتها السنوات الماضية.
وحسب مصادر أمنية، فإن الحملات الأمنية مستمرة على العديد من المناطق المستهدفة من أجهزة الأمن، وذلك يشمل عدة قرى في محافظة الفيوم والواحات البحرية لضبط العناصر المتورطة في عمليات إرهابية.
وقال محمد أحمد أحد أهالي قرية سنوفر لـ«الاتحاد» إن أكثر من 5 حملات أمنية شنتها قوات الأمن على مدار الأسابيع الماضية، بعدما أكدت المعلومات وجود بعض المنتمين لتنظيم الإخوان في القرية المتورطين في عمليات إرهابية خاصة تفجير معهد الأورام.
وأضاف أن الكثير من العناصر الإرهابية تمكنت من الهروب من القرية قبيل الحملات الأمنية، لافتا إلى أنها في المقابل نجحت في ضبط بعض العناصر، لكن أحد المنتمين للإخوان وهو أب لأربعة أطفال تمكن من الهروب من القرية قبل القبض عليه.
لا ننام
في شارع القرية الرئيس وأمام المسجد الذي يقع في منتصفها بالقرب من منزل عمدة القرية يجلس 3 أشخاص من الأهالي، قال أحدهم بعد سؤاله عن الحملات الأمنية وانتماءات القرية لتنظيم الإخوان، إن القرية لها تاريخ طويل مع الإخوان خاصة فترة حكم الجماعة وما تلاها من أحداث ومظاهرات، لم نكن ننام، والإخوان ونساؤهم كانوا ينزلون فجرا للتظاهر والهتاف ويثيرون المشاكل.
وعلى بعد أمتار من المسجد يقع منزل عمدة سنوفر أو «سنيفر» حسب النطق المتداول للأهالي، لم يكن بعيداً عن لافتة تحمل شعار الجماعة الشهير «الإسلام هو الحل»، خرج لنا الرجل الستيني يحكي تجربة جماعة الإخوان في القرية، ويقول: الأمن متواجد في القرية فالوضع ليس مستقراً، ويشير إلى اللافتة على الحائط المقابل له التي تحمل التشوهات بسبب مظاهرات الجماعة الإرهابية من قبل، مؤكدا أن الإخوان هدفهم التخريب فقط.
شاب يدخل للحديث، خلال الحوار أمام دوار العمدة ليؤكد على أهمية التخلص من الجماعة وأن الفيوم لم تكن يوماً مستقراً لهم، لكن وصل إليها إرهابهم وتسبب في أزمة كبرى للأهالي بالمحافظة وسنوفر على وجه الخصوص، مشيراً إلى أن أغلبهم هرب بالفعل إلى الخارج ولم يعد متواجداً في القرية أو المحافظة، وإنما يتم الهرب إلى الواحات باعتبارها امتدادا جغرافيا للفيوم، خاصة أنها واسعة ووعرة، ويصعب تعقبهم، وما يهمنا اليوم أن نتخلص منهم ومن آثارهم التي اكتوينا بها.
بنظرة ريبة من إمام مسجد سنوفر، ألقى أحد الرجال علينا التحية على مضض باعتبارنا غرباء عن القرية، وقال إن الحملات الأمنية بالطبع لا تتوقف مع الظروف التي تمر بها المحافظة بالكامل وليس قرية سنوفر وحدها، حيث تم النزول بكثافة خلال الأسبوع الماضي وبالفعل تم القبض على عدد من أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية من المتورطين في أحداث الإرهاب خلال الفترة الماضية، وبالتالي لا يهمنا الحديث عنهم، بالقدر الذي يهم القرية أن تعيش في أمان خلال الفترة المقبلة، بعيداً عن كل ما تعانيه من اضطرابات بسبب تورط بعض من أبنائها للأسف في تنظيم إرهابي لم يقدر قيمة وطنه.
الشاب محمد (26 عاماً) يعمل في الزراعة أكد هرب أحد العناصر شديدة الخطورة قبل وصول الحملة الأمنية مباشرة، ومن المعروف عنه أنه من قيادات الإخوان الكبار بالفيوم، وتناقل البعض أحاديث حول أنه المخطط الرئيس لحادث انفجار معهد الأورام والذي استشهد وأصيب خلاله العشرات من الأبرياء.
مازن أحد شباب القرية يختتم معنا الجولة مشددا على أن أعداد الجماعة بالآلاف في الفيوم، والمظاهرات كانت لا تنقطع في فترة من الفترات، ويشوبها أعمال تخريب، لكن حملات الأمن الأخيرة مؤيدة من الأهالي أتت ثمارها وتكاد القرية الآن تكون خالية من هذه العناصر الإجرامية.
انشقاق وانقلاب
عدد كبير من أسر الإخوان ليس في الفيوم وحدها ولكن في مختلف محافظات مصر انشقوا عن الجماعة بل وأصبحوا ضدها وتحدثوا إلى «الاتحاد» موضحين أنهم اكتشفوا مؤخرا أنه لا توجد قضية للدفاع عنها وأن السنوات الست الماضية كانت وهماً صورته قيادات الجماعة، لافتين إلى أن بعضهم سواء كانوا إخوانا أو متعاطفين معهم أو غير إخوان انقلبوا على القيادات التي خرج أحدهم وهو إبراهيم منير يردد أنهم صمدوا في ستينيات القرن الماضي وقضوا حياتهم في السجون، وأنهم لم يكونوا سببا في دخول الشباب السجون والتورط فيما هم فيه الآن، فضلاً عن أن الجماعة الإرهابية تطعن أتباعها في الظهر بزيف أفكارها.
مصادر مطلعة على ما يحدث داخل الجماعة الإرهابية، كشفت لـ«الاتحاد» انشقاق وانقلاب نحو 500 أسرة إخوانية كاملة عن قواعد التنظيم بسبب اتهام القيادات لأبنائهم المحبوسين بتهم تتعلق بأعمال عنف ضد الدولة، والذين وقعوا على مبادرات المصالحة، بأن عليهم أن يتحملوا وأن الجماعة ليست مسؤولة عن إدخالهم السجون ولم تحرضهم على شيء، ولفتت المصادر إلى أن العدد الأكبر من تلك الأسر كان فى الفيوم وهم من ذهبوا لأجهزة الأمن وطلبوا الاعتراف بكل شيء مقابل إطلاق سراح غير المتورطين في الدماء.
وأكدت المصادر أن بعض الأسر خلال الفترة المقبلة ستقاضي قيادات الجماعة قانونياً بعدما اكتشفوا زيفهم، وتأكيداً لتبرؤهم من الجماعة الإرهابية .
إسلام الكتاتني القيادي الإخواني المنشق قال لـ«الاتحاد» إنه من الطبيعي والمنطقي انشقاق أسر وعائلات المسجونين من الإخوان عن التنظيم ومطالبتهم بالمصالحة، مؤكدا أن الكثير من أسر التنظيم أدركت أنهم عاشوا في وهم وتصورات بأنهم دفعوا ثمن فاتورة الدفاع عن الدين والجماعة كما أوهمتهم القيادات.
واعتبر خبراء فى الإسلام السياسي والأمني أنه فى العامين الأخيرين تسارعت وتيرة الأحداث السياسية، بعد هروب قيادات الجماعة وحلفائهم إلى الخارج وخاصة إلى تركيا ليعيشوا حياة فارهة، تاركين خلفهم كل من صدّق أكاذيبهم بأنهم سيعيدون الخلافة من جديد، حتى اكتشفوا الوهم والخداع، لا سيما أن أبناءهم لازالوا داخل السجون وبين حين وآخر يتقدموا بمبادرة للصلح مقابل تعهدات بنبذ العنف وترك السياسة، لكن الشعب المصري اكتشف زيفهم وأنهم لا عهد لهم.
السخط على «الإخوان»
في أغسطس 2013 تم القبض على عمرو صاحب الـ29 عاما ويدرس في السنة الأخيرة بالجامعة في محافظة قنا (جنوب مصر)، بعد تورطه في تنظيم مظاهرات مؤيدة لجماعة الإخوان الإرهابية، ليقضي فترة طويلة في السجن، لكنها ساهمت بشكل كبير في إعادة تشكيل شخصيته بما جعله ساخطا على قيادات جماعة الإخوان التي طالما آمن بأفكارها وسار خلف حديث قادتها كجزء من مبدأ السمع والطاعة الذي يتخذه العضو الإخواني مبدأ له في طريق التحاقه بالجماعة من اليوم الأول وهو داخلها.
أسرة عمرو قالت لـ«الاتحاد» إن موقفه حاليا كواحد من الذين تم الإفراج عنهم بعد التأكد من التحولات الفكرية التي طرأت عليه، واضح وصريح من قيادات جماعة الإخوان الذين خدع فيهم بشكل كبير، هذا لم يكن رأيه فحسب وإنما رأي الكثيرين داخل السجون من الإخوان وعناصر الشباب الذين اكتشفوا أنهم تم العبث بمقدراتهم والزج بهم وراء القضبان والمستقبل يضيع على أفكار كان يتم بثها في عقولهم ولم تكن حقيقة على الإطلاق، في الوقت الذي تمرح فيه قيادات التنظيم في تركيا وتلهو ويعيش أبناؤهم أفضل حياة.
يؤكد عمرو على أن المبادرة التي أطلقها شباب الإخوان الذين انشقوا عن التنظيم داخل السجن وتتمثل في دفع 5 آلاف دولار واعتزال العمل العام بالكامل والقبول بكافة الشروط الممكنة، تعكس بالفعل التغير في فكر هؤلاء الأشخاص بعد أن أدركوا أن قيادات «الإخوان» الهاربة تلاعبت بأفكارهم وأنهم تعرضوا للخديعة والخيانة من قبل هذه القيادات التي سعت للهروب إلى الخارج تاركة هؤلاء الشباب في السجون.
مبادرة العفو
وكان شباب وعناصر جماعة الإخوان المسجونين أطلقوا مبادرة مطالبين فيها بالعفو عنهم، معبّرين عن رغبتهم في تشكيل لجنة يقودها شيخ الأزهر لإجراء المراجعات والتوسط لدى مسؤولي الدولة المصرية، لافتين في رسائلهم التي أطلقوها من داخل السجون، أنهم شعروا بالصدمة من تخلي قادة جماعتهم عنهم وتركهم فريسة للآلام والمصاعب التي يواجهونها هم وأسرهم داخل السجون وخارجها، بسبب دفاعهم عن معتقدات وأفكار الجماعة التي ثبت أنها بعيدة عن الواقع الذي يعيشه قادتها.
المبادرة الجديدة التي أطلقها الشباب طالبوا فيها بإنشاء مؤسسة يشرف عليها الأزهر لاحتوائهم وتأهيلهم ومراجعة أفكارهم وإدماجهم في المجتمع حتى يعودوا لوطنهم ومجتمعهم، وطالب شباب الإخوان في مبادرتهم حكماء مصر ورموزها بالتوسط لهم لدى الدولة، للعفو عنهم وفتح صفحة جديدة متعهدين بتقديم كافة الضمانات اللازمة، التي تثبت جديتهم ورغبتهم الأكيدة في الخروج من المأزق الذي وضعهم فيه قادة الجماعة.
لا تصالح
العميد خالد عكاشة الخبير الأمني، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية وعضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، يعترض على فكرة مبادرات المصالحة من أسر وعائلات الإخوان، مؤكدا أنه لا توجد أي دعوات حقيقية لذلك، ورسائل شباب الإخوان عبارة عن زوبعة إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، ونوع من الاختبار من التنظيم. وأكد عكاشة لـ«الاتحاد» أنه لا يوجد ما يسمى مصالحة مع الدولة، مشددا على أن الدولة والمجتمع لا يريدان سوى أن تسير الأمور وفقا للقانون، واصفا الوضع بقوله إننا لسنا في «خناقة» بين أشخاص لتتم الدعوة للمصالحة، فالإخوان الموجودون في السجون أجرموا وارتكبوا مخالفات للقانون، وأن ما تقوم به الدولة هو تنفيذ القانون وفقا للقضاء والجهات المسؤولة.
ويؤيده خالد الزعفراني القيادي الإخواني المنشق عن الجماعة الإرهابية، مؤكدا رفضه التام للمبادرة التي تم طرحها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرا أنها غير واضحة المعالم، وليس معروفا صاحبها الأصلي، مشيرا لـ«الاتحاد» إلى أن المبادرة يجب أن تكون واضحة ويخرج شخص من الجانب الآخر ويعلن مسؤوليته عنها، وإنما بهذه الطريقة فهي مبادرة فردية لا يمكن التعويل عليها، وتعد من المبادرات التي تم طرحها في وقت سابق ولم يتم النظر إليها خاصة مع عدم جدية الإخوان والقيادات في تنفيذ هذه المبادرات.
كذلك يرى اللواء عبدالرافع درويش وكيل جهاز المخابرات المصرية السابق، والخبير العسكري والاستراتيجي، أن الموافقة على أي مبادرة من جماعة الإخوان والمحبوسين منهم يجب أن تضع في الاعتبار أن هذه الجماعة ليس لها عهد أو دين، وبالتالي لا يمكن التأثر بالطريقة التي تم عرضها من شبابهم على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة مع التصريحات اللاحقة للقيادات أنهم ماضون بنفس وجهة نظرهم وطريقتهم في العمل مع النظام السياسي المصري واعتباره غير شرعي، مشيرا إلى أن الدولة من الممكن أن تفتح الباب لهؤلاء الشباب لكن مع وضع ضمانات كافية تتمثل في مراقبتهم أمنيا بالإضافة إلى الاستفادة منهم في التوصل إلى العناصر الخطرة التي تقوم بتنفيذ العمليات الإرهابية.
ورطة الشباب
حسن أمين والد أحد المحبوسين على ذمة قضية الانتماء لجماعة الإخوان الإرهابية، تم القبض على نجله محمد منذ عامين بتهمة التظاهر ضد الدولة، يرى حسن أن القيادات الإخوانية هي التي ورطت الشباب من خلال الزج بأفكار غير حقيقية في عقولهم ثم تخلت عنهم وتركتهم يلاقون مصير السجن والعقاب على جرائم هم الأساس في ارتكابها من خلال أكاذيبهم ، مشيرا إلى أن إجراء المراجعات الفكرية لهؤلاء الشباب هي الطريقة المثلى من أجل إزالة هذه الأفكار الخبيثة من عقولهم.
«محمد» تم الحكم عليه بالسجن لمدة 25 سنة، بسبب اشتراكه في الترويج لجماعة إرهابية تعمل على التخريب والإضرار بمصالح المجتمع، ويرى والده حسن أمين أن ابنه قد خدع في فكر جماعة الإخوان، قائلا: لقد فجعت من ردود قيادات الجماعة ونائب المرشد إبراهيم منير الذي تبرأ من المحبوسين وأن الجماعة غير مسؤولة عنهم، على الرغم من أنه لولا أساليبهم في التجنيد لم يكن لهذا الشاب المسكين أن ينضم إليهم.
مضيفا أن الإخوان دعوا الناس للخروج فخرجوا نصرة للشرعية -كما يزعمون- في مسيرات ومظاهرات وتسببوا في دخولهم السجون ورسموا لهم مسيرتهم ووضعوهم على طريق الموت.
وهنا يشير القيادي الإخواني المنشق عن الجماعة إلى أن الدولة تتعامل مع شخص موكل ورسمي وليس عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي هي للأفراد وليس للمؤسسات والدول والأنظمة السياسية، مشيرا إلى أن عمر حسن نفسه الذي قام بنشر المبادرة عبر صفحته الشخصية على «فيسبوك» ليس مسؤولا عن المبادرة وأكد أنها ليس من داخل جماعة الإخوان، وبالتالي لا يمكن التعاطي مع هكذا مبادرات غير واضحة، في الوقت الذي تقف قيادات التنظيم بقيادة محمود حسين وإبراهيم منير رافضين أي مصالحات ومبادرات للتواصل، بينما يبقى الشباب حبيسي السجون. وكذلك يشدد الخبير الأمني عضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب العميد خالد عكاشة لـ«الاتحاد» على أن هذه الدعوات لم يهتم بها أحد، وليس لها أساس وواقع فعلي، موضحا أن تذمر العائلات وأسر المسجونين نتيجة لتوريطهم في أعمال عنف بداية من اعتصامات رابعة والنهضة وما تلاها من أحداث، وإنه من المنطقي أن تدرك أسر الإخوان أنهم دخلوا في نفق مظلم، بعد إقناعهم من القيادات بأنهم سيعودون للسلطة بعد عزلهم في 2013.
ويرى عكاشة أن ذلك سببا رئيسا في الشروخ والتصدعات التي تمر بها الجماعة الآن، مؤكدا على أنها بلا شك تعاني من الاختلافات بين القيادات التي تتولى الإنفاق من محفظة الإخوان المليارية الضخمة، بينما يعيش الكثير من الشباب المنتمي إليهم مشردا في تركيا وغيرها في ضائقة مالية، بجانب الذين تسببوا في الزج بهم في السجون بدفعهم لارتكاب أعمال عنف وإرهاب.
ورغم رأيه المتقدم بأن الجماعة ليس لها عهد أو دين يعتقد اللواء عبد الرافع الخبير الاستراتيجي أنه يمكن الاستفادة الكبيرة من حجم المعلومات التي قد يدلي بها هؤلاء الشباب، وتمثل أهمية كبرى لأجهزة الأمن المصرية، مع التأكيد على المراجعات الفكرية التي هي بالأساس أهم بكثير من المراجعة السياسية، فلابد أن يتخلى الشباب عن أفكار جماعة الإخوان الإرهابية والتي وضعتهم في المأزق الذي وصلوا إليه.
وأشار إلى أن كثيراً من الشباب انتمى لجماعة الإخوان الإرهابية للحاجة للمال فقط، الأمر الذي استثمروه من خلال رؤوس الأموال الكبرى التي تمتلكها الجماعة وبالتالي يمكن التعاطي مع الشباب والسماح لهم بالمراجعة الفكرية بالشروط المشددة السابقة.