السيد حسن (كلباء)
يواصل مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة في دورته الثامنة تقديم عروضه المسرحية، والتي تستمر حتى يوم 30 سبتمبر الشهر الجاري، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.
وتقاسم خشبة المهرجان في يومه الثاني مسرحيان عالميان هما: شكسبير وبيكيت، ومسرحيان إماراتيان هما: جاسم سامي غريب وسعيد الهرش، حيث قدم غريب عرض «في انتظار غودو» عن نص صموئيل بكيت الشهير، وقدم الهرش عرض «لير ملك النحاتين» عن نص وليام شكسبير.
«غودو» غريب
هذا العرض من تمثيل طلال قمبر البلوشي وفيصل موسى علي ومحمد سعيد الكمالي وحمد علي إبراهيم وخالد فهد بلال. أما من هو غودو المنتظر، فلا أحد يعلم على وجه الدقة.. هو القادم ومعه حلول سحرية لمشكلات العالم المعاصر، سيما وأن هذا العمل خرج بعد الحرب العالمية الأولى وبداية الثانية، حينها كان العالم في حاجة لمخلص، وها نحن في انتظار هذا الغودو المخلص. والعمل يقوم على شخصيتين أساسيتين: شخصية استرجون التي جسدها طلال قمبر البلوشي، وشخصية فلادمير التي جسدها فيصل موسى، وهما شخصيتان متناقضتان ومتفقتان في آن واحد، هما صديقان يتقاربان ويتحدثان، ثم يبتعدان ويثرثران.
المخرج جاسم سامي غريب، اختار لنفسه نصاً عبثياً من الطراز الأول، وقد جلس على خشبة المسرح هو وممثلوه ينتظرون غودو الذي انتظره الملايين قبلهم، ولم يأتِ منذ أن كُتب النص في أربعينيات القرن المنصرم، وفي نصه طرح المخرج الكثير من الأسئلة، أسئلة حول الغربة والاغتراب، الحب والكره، العنصرية والأخوة، التقدم والتخلف، الحرب والسلام، أسئلة من دون إجابات.
وقال الدكتور صديق جوهر في الندوة التطبيقية الخاصة بالعرض: «نص صعب للغاية، ولكن المخرج الشاب استطاع أن يشتغل عليه بحكمة وصبر مع ممثليه وتوظيف جيد للإضاءة والديكور».
وقال الدكتور مصطفى آدم: «النص مليء بالرموز والدلالات، كما أنه رحب ومفتوح على كل الاحتمالات والثقافات المختلفة، وفهمت منه أن المثقف قد يكون عبداً للسلطة أو لرأس المال، والعرض وُفق في لملمة الكثير من أسئلة بيكيت».
وقال الناقد عبدالناصر خلاف: «النص واقعي جداً ومفهوم ومعبر أكثر منه نصاً عبثياً، وقد اشتغل عليه المخرج والممثلون بشكل محموم ودؤوب».
وقالت الناقدة عبير الجندي: «العرض يجسد لنا أهمية الفعل وضرورة صيرورته، فإذا استسلمنا وجلسنا فقط لننتظر ضاعت الآمال والأحلام وضاعت طموحاتنا، والنص يحرضنا جميعاً على الفعل والمبادرة بالفعل وليس الانتظار». وعاب المسرحي عبدالله سعيد بن حيدر على العرض لغته الركيكة، والتي من المفترض أنها لغة عربية سليمة تخاطب العرب.
«لير» الهرشكما
قدم المهرجان العرض المسرحي «لير ملك النحاتين»، عن نص لوليام شكسبير وإخراج سعيد الهرش، وتمثيل محمد عادل سعيد، ومحمد عبدالله راشد، وجاسم محمد جمعة، وعلي الوهيبي، وعبدالله علي سعيد، وطلال السعدي، وسعيد الجابري، ومانع المسماري.
نص شكسبير «لير ملك النحاتين» يعد من النصوص الكلاسيكية في المسرح العالمي، حيث يحاول جاهداً أن يقارب بين فكرين متناقضين وطبقتين مختلفتين يمثلهما الملك لير والبهلول، فهذا الملك الذي صنع لنفسه شهرة في عالم النحت وقد ظن أنه الأشهر على الإطلاق، بينما في ذات الوقت يوجد من هم أشهر منه، يحاول البهلول أن يقنعه بأنه ليس بمفرده الذي ينحت، بل هناك آخرون مثلك وربما أفضل، لا يقتنع لير بهذا الحديث من شخص ليس سوى بهلول من طبقة متدنية. تنذره البلدية بالخروج من مرسمه، ترسل له العديد من الإنذارات ولكنه يتجاهلها، ينصحه البهلول بالخروج خوفاً على حياته من تصدع المبنى وسقوطه فوق رأسه ولكنه يأبى.
عرض «لير ملك النحاتين» يناقش إشكالية غاية في الحساسية، وهي علاقتنا بالآخرين، ونظرتنا النرجسية لأنفسنا، وكأننا فقط صانعو الحضارة والتقدم، نتجاهل عن عمد جهود الآخرين في صناعة الحضارة مهما كانت تلك الجهود، وقد تجلت تلك المعاني بشكل كبير في حوار الملك لير مع بهلول، الذي كان قاسياً معه في صراحته ومواجهته. العرض تم الاشتغال عليه بحرفية كبيرة، على الرغم من أن فريق العمل بكامله من الهواة الجدد، إلا أن فضاء المسرح، جاء مقنعاً ومتوافقاً مع روح النص ومقتضيات الحركة المسرحية على الخشبة، كما جاءت الإضاءة ملائمة إلى حدٍ ما، وإن كانت في كثير من المواطن بحاجة إلى توظيف أعمق وأكثر تعبيرية وخدمة لصميم العمل.