4 سبتمبر 2010 22:33
انخفضت أسعار العمالة في الهند للحد الذي تفيض فيه عن حاجة المؤسسات، حيث تزدحم المحال التجارية أحيانا بالعاملين أكثر من الزبائن. وبينما ترتفع الأجور في الصين، أخذت بعض الشركات في التفكير في الرحيل منها، والاتجاه صوب الهند.
ووفقاً لمنظمة العمل الدولية، فمن المتوقع أن يرتفع عدد الهنود في القوى العاملة العالمية إلى أكثر من 80 مليوناً خلال العقد المقبل. لكن تقدر ورقة أعدها توشار بودار من كلية لندن للاقتصاد العدد بأكثر من ذلك. وتبحث الآن ثلث النساء الهنديات فقط عن وظائف بأجر، وفي حال ارتفاع هذه النسبة إلى 38% بحلول 2020، فإن القوى العاملة في الهند ستناهز 110 ملايين. ومن ثم، سيصبح ثلاثة من كل عشرة عاملين يتم توظيفهم في العالم من الهنود.
وتتوقع الورقة البحثية أنه ليس في مقدور قطاع الخدمة في الهند استيعاب أكثر من 45 مليوناً منهم. لكن على 40 مليوناً من هذا المجموع محاولة الالتحاق بالقطاع الصناعي. ويذكر أن القطاع الصناعي شهد نمواً سنوياً قدره 8% خلال العقد الماضي، كما ساهم في السنة المالية الأخيرة بنحو 16% من الناتج المحلي الإجمالي، متجاوزاً ولأول مرة في تاريخ الهند قطاع الزراعة، في الوقت الذي لم تتجاوز مساهمته في قطاع الوظائف، سوى 12%.
وللأسف، يوفر قطاع الصناعة في الهند الذي لا يعتمد على كثافة العمال، على حساب العمالة الرخيصة، بينما ينفق بسخاء أكثر على التقنيات. ويقول بابا كالياني مدير بهارات فورج لصناعة قطع الغيار “كان أجر العامل في ثمانينات القرن الماضي، لا يتجاوز 700 إلى 800 روبية في الشهر، في حين ارتفع الآن إلى 20,000 و30,000. ولم ندخل حلبة المنافسة في ذلك الوقت، أما اليوم فإننا ننافس بقوة كبيرة، حيث يعود الفضل في ذلك إلى التكنولوجيا المستخدمة”.
ولم تكن هذه المؤسسة الوحيدة، بل هناك مؤسسات أخرى في مجال صناعة الملابس، والحلي، والألعاب، تراوحت فيها نسبة العمالة إلى رأس المال خلال تسعينات القرن الماضي، إلى النصف تقريباً، وذلك حسب البيانات الواردة من المجلس الهندي لأبحاث العلاقات الاقتصادية العالمية في دلهي. ومن الصعب وجود الكم الهائل من عمال خطوط التجميع الذي أصبح سمة بارزة تميز الثورة الصناعية الصينية، بالقدر نفسه في الهند، التي يتجمع العمال فيها، في المصانع الصغيرة، أو في الكبيرة المعقدة.
وتبرز قوانين العمل القديمة، من ضمن أسباب كثيرة تقف في طريق توظيف أكبر عدد من العمال في المصانع الهندية، التي تمثل أكبر التحديات التي تواجه النمو الاقتصادي. وبحسب اتحاد التوظيف الهندي، تفرض الحكومة المركزية 55 قانوناً للعمل، بينما تضيف إليها الولايات 150 قانوناً آخر. ومن أشهر هذه القوانين، قانون المنازعات الصناعية، الذي تطالب فيه الولاية كل مؤسسة تضم 100 عامل أو أكثر بعدم فصل أي عامل قبل الحصول على إذن منها. وتتمتع هذه الشريحة القليلة التي ينطبق عليها هذا القانون، بحماية أفضل من تلك التي يتمتع بها أقرانهم في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، باستثناء جمهورية الشيك، والبرتغال.
وبما أن نظم العمل هي مسؤولية مشتركة بين الحكومة المركزية والولاية، فإن بعض الولايات تطبق قوانين أكثر صرامة من الأخرى. وتعاني الولايات، التي قامت بتعديل القانون لصالح العمال، نقصاً في النشاطات الاستثمارية، وفي التوظيف، وإنتاج المصانع التي توظف عشرة عمال أو أكثر. ولا يختلف مستقبل الصناعات في الهند من ولاية إلى أخرى فحسب، بل من صناعة إلى أخرى أيضاً. كما أن الولايات التي تشدد قوانينها، تقتصر الآثار السالبة عليها، وليس على القطاع الصناعي في الهند ككل. وفي ولايات تتمتع بقوانين أكثر مرونة، مثل أنهرا براديش، وكرناتاكا، شهدت هذه الصناعات نموا سنويا قدره 7% بين 1984 إلى 2004، بينما في ولايات، مثل بنغال الغربية وأوريسا ومهاراشترا، 3,5%.
وعلى ضوء المسح الذي أجراه البنك الدولي في 2006، أقرت 15% فقط من المؤسسات الصناعية أن قوانين العمل تقف حاجزاً أمام عملياتها، بينما 36% منها تعتبر الكهرباء المشكلة الأساسية. وما لم يتم تعديل هذه القوانين، لا أحد يستطيع توقع العدد الذي يمكن أن توظفه الشركات الهندية من قوة عاملة قوامها 110 ملايين فرد.
نقلاً عن: إيكونوميست
ترجمة: حسونة الطيب
المصدر: أبوظبي