4 سبتمبر 2010 21:44
دخلنا في العشر الأواخر من رمضان، وهي أيام العتق من النار. وبدأت بركات ليلة القدر تلوح في وجداننا. هذه الليلة “المباركة حتى مطلع الفجر” يترقبها المسلم بشغف التعبد والتهجد والقيام ويتحين نزولها بالصلوات والدعاء. ليلة لها قدرها وأثرها، الدعاء فيها مستجاب والعبادات فيها لها أضعاف الأجر. وعن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا أدركت ليلة القدر ماذا أقول؟ فقال لها: قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”.
في المناسبة يتحدث المستشار في ديوان الرئاسة حسن الحفناوي لافتاً إلى أنه لكل شيء صفوة وخلاصة، وصفوة شهر رمضان المبارك وخلاصته ليلة القدر التي وصفها رب العالمين في كتابه الكريم بـ “ليلة القدر خير من ألف شهر”. والألف شهر تبلغ نحو ثلاث وثمانين سنة، وقطع العلماء بأنها باقية متكررة في رمضان. وبحسب رواية البخاري أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: “التمسوها في العشر الأواخر”. وفي رواية أحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال: “التمسوها في العشر الأواخر وتراً”.
ويورد المستشار الحفناوي أن الراجح لدى كثير من العلماء أن الله تعالى أخفى ليلة القدر في ليالي الشهر كله لحكم عدة، منها أن يجتهد المسلم في ليالي الشهر كله ليزداد ثواباً، ولو أن الله تعالى حددها وعرفها الناس وارتكب أحدهم فيها معصية مع معرفته بهذه الليلة، فسوف يكون عقابه مضاعفاً. ويستطرد قائلا: “علينا أن نجتهد في الشهر كله لنصيب ليلة القدر بين لياليه أيا كانت، ونغتنم أجرها الذي يزيد على أجر ثلاث وثمانين سنة. وقد أفلح من انتهز الفرصة قبل انقضاء العمر فصام يومه في رمضان وقام ليله وكان له الثواب الكبير”.
وبمعرض كلامه أن القوم المسلمين أرادوا أن يحددوا موعد ليلة القدر، فأخذوا يحللوا الأحداث والأحاديث، محاولين أن يستنتجوا منها أمراً. ومن بين ما توصلوا إليه قول رسول الله عليه الصلاة والسلام بما معناه أنه رآها في رؤيا منامية ولكنه نسيها وبقي من الرؤيا أنه كان يسجد في ماء وطين. وهكذا منهم من اعتقد أنها ليلة الحادي والعشرين من رمضان، ومنهم من ألمح إلى أنها قد تكون ليلة الثالث والعشرين. وذلك بحسب رواية أحمد بسند صحيح و الطبراني أن النبي عليه الصلاة والسلام سأل أصحابه كم مضى من شهر رمضان؟ فقيل اثنتان وعشرون ليلة.. عندها قال: “فاطلبوا ليلة القدر الليلة”.
ويتابع المستشار الحفناوي مشيراً إلى رواية أخرى عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى بصحبه في ليلة الثالث والعشرين إلى ثلث الليل ثم قال: “لا أحسب ما تطلبون إلا وراءكم”. والعبارة نفسها رددها في ليلة الخامس والعشرين، أي أن ما يطلبونه لم يأت بعد، وهو ليلة القدر. غير أنه قام بالمصلين ليلة السابع والعشرين من الشهر الفضيل حتى أصبح ولم يقل شيئا.
ويذكر المستشار الحفناوي أن المسلمين في ذلك العصر كانوا شديدي التمحيص والتدقيق في كل حديث لشدة إصرارهم على المعرفة، ولكنهم في أمر ليلة القدر لم يجتمعوا على حقيقة واحدة لغاية أرادها الله تعالى. وفي ذلك، أنه نسب إلى ابن عباس رضي الله عنه بعض الشواهد فيما شكك في نسبتها إليه البعض، ومن ذلك قولهم إن سورة القدر ثلاثون كلمة. وكلمة “هي” من الآية “وسلام هي”، هي الكلمة السابعة والعشرون. كذلك جملة “ليلة القدر” تسعة أحرف وتكررت ثلاث مرات، ومجموع ذلك سبع وعشرون. وقال آخرون إن ليلة القدر هي ليلة الرابع والعشرين للحديث الذي رواه أحمد عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: “أنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان وتوراة موسى لست مضين من رمضان، وإنجيل عيسى لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين من رمضان”.
المصدر: أبوظبي