عمرو عبيد (القاهرة)
قُتِلَت حالة البرازيلي نيمار بحثاً من جميع المتخصصين في المجال الرياضي، وبدا واضحاً أن والده وطريقة نشأته هما سبب هرولته خلف الأموال، بدون النظر إلى أمور أخرى أكثر أهمية، تتعلق بالموهبة والتاريخ والإنجازات الحقيقية، وتكرر الأمر مع زوجة المهاجم الأرجنتيني، ماورو إيكاردي، التي أفسدت علاقته بناديه إنترميلان، وبدلاً من أن تتولى إدارة أعماله نحو الاتجاه الصحيح، أشعلت الأزمات حوله، حتى أجبرته على الرحيل معاراً إلى صفوف «بي إس جي» في الميركاتو الأخير، وعلى النقيض تماماً، قدمت الساحة الرياضية العالمية، في الآونة الأخيرة، أمثلة راقية ورائعة حول الوفاء الأسرى، الذي أسهم في صناعة نجاح نجوم كبار، واحتفظ لهم بصورة اجتماعية وإنسانية مشرفة، صنعت منهم أساطير رياضية وقدوة حسنة.
ولم يكن غريباً، أن تتصدر كورينا زوجة أسطورة سباقات فورمولا 1، مايكل شوماخر، المشهد الحالي، بعد تأكيد صحيفة «لوباريزيان» الفرنسية على استعادته وعيه وخروجه من الغيبوبة التي طالت لمدة تقارب 6 سنوات، بعد حادثة التزلج الشهيرة، وتردد أن كورينا كانت أول الوجوه التي تعرّف عليها شوماخر بعد استعادة وعيه، والحديث عن الزوجة الوفية لم يتوقف مطلقاً خلال السنوات الماضية، برغم تكتمها الشديد وسرية تحركاتها الخاصة بمتابعة حالة زوجها خلال رحلة علاجه الطويلة، ونُشرت العديد من التقارير التي أكدت إنفاق كورينا ملايين الدولارات، من أجل العناية بزوجها وعلاجه، وقامت أسرة الأسطورة شوماخر بنقله عدة مرات إلى بعض المستشفيات الكبرى المتخصصة في علاج الحالات المشابهة، في سرية تامة وبأموال ضخمة، كان آخرها إجراء عملية نقل خلايا جذعية في المستشفي الفرنسي الذي نُقل إليها أكثر من مرة، كما تردد في عام 2014، أن كورينا قررت إنشاء مركز طبي مجهز على أعلى مستوى في قصر الأسرة في سويسرا، بتكلفة قدرها 16 مليون دولار آنذاك، وفي العام الماضي فقط، خرجت زوجة شوماخر عن صمتها، موجهة رسالة إلى جماهير الأسطورة، وصفته فيها بالمقاتل، وطلبت منهم الدعاء له في معركته من أجل العودة إلى الحياة. على جانب آخر، قرر لاعب خط الوسط البلجيكي، رادجا ناينجولان، الانتقال إلى صفوف فريق كالياري الإيطالي، لمدة موسم واحد على سبيل الإعارة، خلال الميركاتو الصيفي الأخير، وترك ناينجولان كتيبة «الأفاعي» بسبب مرض زوجته الخطير، وبرغم الانتفاضة الكروية الواضحة التي يقوم بها أنطونيو كونتي مع إنتر، إلا أن النجم البلجيكي فضّل تقديم الدعم الكامل لزوجته وطفلتيه في تلك الأزمة، على أن يُحقق إنجازاً كروياً كبيراً في مسيرته، حسب توقعات البعض للنيرأتزوري في إيطاليا، ولم يتردد رادجا في أن يحسم قراره بعد شهر واحد فقط من إعلان إصابة زوجته بمرض السرطان، وبعد نشر كلمات كلاوديا في يوليو الماضي، حول بداية تلقيها العلاج الكيميائي، وافقت إدارة إنتر على طلب ناينجولان، بالانتقال معاراً إلى كالياري. ولم يختلف الوضع كثيراً، مع النجم والمدرب الإسباني المميز، لويس إنريكي، الذي حقق مجداً كبيراً مع برشلونة، خلال فترته التدريبية التي امتدت بين 2014 و2017، حيث فاز مع «البلوجرانا» بتسع بطولات، بينها شامبيونزليج والسوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية، وكان من الطبيعي أن ينتقل لتدريب المنتخب الإسباني في عام 2018، وبرغم المردود الجيد الذي قدمه مع «لاروخا»، إلا أنه قرر الاعتذار عن الاستمرار في مهمته بعد أقل من عام واحد، وأخفى إنريكي أسرار هذا الابتعاد، معللاً إياه بأسباب شخصية، قبل أن يتم الإعلان عن إصابة ابنته، زانا، بمرض سرطان العظام، وهو ما دفعه للتخلّي عن وظيفته، والتفرغ لمتابعة ودعم طفلته في هذا الصراع المرير، الذي لم يتحمله جسد الصغيرة، ورحلت عن عالمنا في الشهر الماضي، وقام لويس سواريز بإهداء هدفيه الأخيرين لروح الراحلة زانا، كما قرر الاتحاد الإسباني الوقوف لمدة دقيقة حداداً قبل مباريات الجولة السابقة في «الليجا».
أخيراً، هزت دموع النجم البرتغالي، كريستيانو رونالدو، مشاعر الجميع، بعد مشاهدته لقطات فيديو لوالده الراحل، قبل يومين في مقابلة تليفزيونية، والمعروف عن الدون ارتباطه الوثيق بأسرته، لا سيما والدته، التي دعمها بكل قوته خلال صراعها مع السرطان في السنوات الماضية، واعتادت والدته، دولوريس، متابعة كل ما يرتبط بابنها في مسيرته الكروية، وكثيراً ما انتقدت لاعبين تسببوا في إصابته، كما دعمته كثيراً في أزمته مع ريال مدريد، قبل الانتقال إلى يوفنتوس، ويظهر «صاروخ ماديرا» دائماً في صور عائلية تعكس قوة العلاقة، وهو ما يتكرر أيضاً مع البرغوث الأرجنتيني، ليو ميسي، الذي يمتلك أسرة متماسكة للغاية، ينعكس استقرارها على ثبات مستواه، وما يقدمه داخل الملاعب من إبداع نادر لا يتكرر، وهو ما وضعه مع رونالدو فوق قمة الكرة العالمية طوال عقد كامل، ولا يتوقف ميسي عن الاهتمام بأسرته أبداً، برغم حياته الكروية الصاخبة.