ساسي جبيل (تونس)
عن دار ورقة للنشر وضمن سلسلة مباحث صدر كتاب «التداخل الأجناسي في الأدب العربي المعاصر» للأكاديمي التونسي محمد آيت ميهوب، وتسعى فصول هذا الكتاب إلى الإجابة عن ثلاثة أسئلة أساسية هي: هل يعد إعلان المؤلف عن الجنس الأدبي لنصه تحديداً دقيقاً حاسماً للجنس الأدبي الذي ينتمي إليه نصه؟ وهل للتصنيف الأجناسي المفرد الواحد للنص الأدبي أن يكون صادقاً شفيفاً؟ وهل يمكن حقاً أن يكون النص الأدبي ابن جنس واحد؟
وقد انطلق الباحث في الإجابة عن هذه الأسئلة من مسلّمة أوليّة تقرّ بأنّه لا وجود لجنس أدبي نقيّ صاف محصّن دون أن تخترقه الأجناس الأخرى. ولئن أمكن نظرياً تحديد قائمة لخصائص كل جنس على حدة تتطلع إلى أن ترسي معالم إنشائية جنس أدبي مّا، فإنّ النصوص التي تدخل في حياض ذلك الجنس، أي التحقق الفردي المادي الإنجازي التاريخي للمواصفات الأجناسية النظرية، لا يمكن أن تصل إلى القارئ خالية من آثار أجناس أدبية أخرى اخترقتها وتسللت إليها. ذلك ما تشهد به النصوص الأدبية حديثها وقديمها، في مشارق الأرض ومغاربها. ويكفي أن نلقي نظرة على ما ربط بين الشعر والنثر في الأدب العربي القديم من حوار أجناسي، وما وصل بين المأساة والملهاة في الآداب الغربية من عميق الصلات حتى يتأكد لنا عمق حقيقة الاتصال بين الأجناس الأدبية قديماً.