سيد الحجار (أبوظبي)
على الرغم من تزايد المنافسة التي تتعرض لها المحلات والمولات «التقليدية» من جانب مواقع التجارة الإلكترونية، والتزايد الملحوظ في هذا النمط من الشراء الذي يتوقع أن يبلغ نحو 59 مليار درهم في الإمارات العام الحالي، يبدو أن العديد من المستثمرين في قطاع التجزئة في الدولة غير قلقين من تراجع إقبال المشترين، فهناك مجموعة متزايدة من المراكز والمولات التجارية الجديدة التي تدخل الأسواق.
ففي العاصمة أبوظبي تم إنجاز 3 مراكز جديدة العام الحالي، إلى جانب مول آخر سيتم افتتاحه في جزيرة الريم العام المقبل، ورغم أن هناك تياراً من المعنيين بأسواق التجزئة يرون أن المستقبل سيكون للتجارة الإلكترونية على حساب المولات والمراكز والمحال التقليدية، إلا أنه اتضح من خلال نقاط محددة استفسرت عنها «الاتحاد»، أن المستثمرين في المولات ينظرون إلى التغيرات في السوق على أنها فرصة لتطوير وتنويع أعمالهم، من خلال إيجاد مزيج من الأعمال يشمل عمليات البيع التقليدية عبر المحال وعمليات البيع الإلكترونية في الوقت نفسه، وهو توجه بدأ يظهر بشكل متزايد، خصوصاً لدى المولات الجديدة، إلى جانب خصوصية المراكز التجارية في الإمارات التي تعتبر متنفساً شاملاً لباقة متكاملة من الخدمات الترفيهية والعائلية، وليست مجرد منطقة للتسوق فقط.
ويشهد قطاع التجزئة في أبوظبي تطورات مع توالي افتتاح المزيد من المراكز التجارية الجديدة، حيث شهدت الأشهر الأخيرة افتتاح توسعات الغاليريا مول بجزيرة المارية، و«الجيمي مول» في العين، و«ماي سيتي سنتر مصدر» في مدينة مصدر، بينما يتم خلال العام المقبل إنجاز مشروع «ريم مول» في جزيرة الريم.
وأكد مسؤولون ومتخصصون أن تطوير وجهات جديدة تتناسب مع متطلبات السوق، يعزز نمو قطاع التجزئة في أبوظبي، لاسيما في ظل اهتمام المراكز الجديدة بتقديم مفاهيم مبتكرة في التسوق، وبما يتناسب مع التغييرات المتسارعة في قطاع التجزئة، حيث لجأت مراكز للتوسع في تقديم خدمات تسوق وترفيه غير تقليدية، وعروض جديدة لجذب الزوار، والاعتماد على الابتكارات والحلول المستدامة، فضلاً عن التوسع في الدمج بين مراكز التسوق الإلكترونية والفعلية، بهدف مواجهة النمو المتزايد في التجارة الإلكترونية.
وبلغت قيمة إنتاج قطاع تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات في دولة الإمارات 262 مليار درهم تقريباً، خلال عام 2018 بنمو 1.5%، مقارنة مع 258 مليار درهم في عام 2017، و243 ملياراً في 2016، و233 مليار درهم في 2015، بحسب الإحصائيات الصادرة مؤخراً عن الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء.
وتصدرت الإمارات قائمة أسرع أسواق التجارة الإلكترونية نمواً وتطوراً على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، طبقاً لتقرير «تجارة الإمارات الإلكترونية»، الصادر بتعاون بين اقتصادية دبي وفيزا، خلال شهر يوليو الماضي، حيث توقع أن يصل حجم التجارة الإلكترونية في الدولة إلى 59 مليار درهم العام الجاري، بمتوسط نمو 23% سنوياً خلال الفترة من 2018 وحتى 2022.
استمرار النمو
وقال شاين إلدستروم، الرئيس التنفيذي لشركة الفروانية للتطوير العقاري، المطور الرئيس لمشروع «ريم مول» في جزيرة الريم بأبوظبي، إن قطاع تجارة التجزئة في الإمارات شهد عاماً إيجابياً للغاية في 2018، متوقعاً استمرار هذا الزخم في عام 2019.
وقال إلدستروم: «من خلال تركيزنا على التجارة الإلكترونية والبيانات والمتاجر الرقمية والتقليدية، سنكون قادرين على تلبية متطلبات العملاء على اختلافها، ونعمل على استخدام أساليب جمع البيانات الحديثة، وتحليلها، من أجل التنبؤ باحتياجات المستهلكين».
وأضاف أن قطاع تجارة التجزئة شهد تغييرات متسارعة، إذ أسهمت التجارة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي والتطورات التقنية في ابتكار بيئة استهلاكية جديدة، ما يدفع مراكز التسوق لضرورة مراعاة هذه المتغيرات، عبر تقديم مفاهيم جديدة في التسوق تجمع بين المتاجر الإلكترونية والتقليدية، موضحاً أن سوق تجارة التجزئة في الإمارات يشهد تحولاً كبيراً، كما هي الحال في بقية أنحاء العالم، إذ تقوم التجارة الإلكترونية بتغيير معالم القطاع مدفوعةً بتطور متطلبات المستهلكين.
وفيما يتعلق بتقدم الأعمال الإنشائية بالمشروع، أوضح إلدستروم أن أعمال البناء بدأت أواخر عام 2017، حيث تسير بوتيرة مطردة منذ ذلك الحين، تمهيداً لافتتاح المول العام المقبل.
توسعات جديدة
بدوره، أشار الدكتور كريم الصلح، الرئيس التنفيذي لشركة جلف كابيتال، والشريك المؤسس لشركة جلف ريليتد لـ«الاتحاد» إلى أهمية التوسعات الجديدة لمركز الغاليريا للتسوق في جزيرة المارية بأبوظبي، والتي تضيف 250 متجراً جديداً، ما يرفع عدد المحال بالمول ككل إلى 400 محل و70 مطعماً.
وأوضح أن تكلفة توسعة المركز تصل إلى 4 مليارات درهم، مشيراً إلى توقيع عقود تأجير لأكثر من 80% من التوسعة في الغاليريا، حيث يتوقع افتتاح جميع المتاجر نهاية العام الحالي.
وكان مركز الغاليريا قد تم افتتاحه عام 2013 بجزيرة المارية، فيما باشرت «جلف ريليتد» أعمال تطوير التوسعة في المول قبل نحو 4 سنوات، ضمن مشروع «المارية سنترال».
وأكدت شركة جلف ريليتد، مؤخراً، أن عدد زوار المول خلال الأيام الأربعة الأولى من افتتاح التوسعات في 4 سبتمبر 2019 بلغ أكثر من 400 ألف شخص، فيما طلب العديد من متاجر البيع مساحات إضافية لعرض منتجاته، كما تلقت إدارة الغاليريا عدداً كبيراً من الطلبات الجديدة لافتتاح متاجر بالمركز. وأكد الصلح أن اشتمال التوسعة الجديدة للغاليريا على عدد كبير من المتاجر الشهيرة، والتي تناسب شرائح متنوعة من المواطنين والمقيمين بأبوظبي، فضلاً عن المطاعم والكافيهات العالمية التي يفضلها كثير من المتسوقين بمختلف المولات، يسهم في استقطاب المزيد من الزوار.
وفيما لجأت محال تجارية جديدة بالمول لتقديم عروض خاصة وتخفيضات لجذب الزوار، قدم المول مسابقة البحث عن الكنز الخاص الذي يحمل عنوان جواز السفر، لتوفر للمتسوقين حقيبة هدايا، فضلاً عن برنامج حافل بالأنشطة والفعاليات لجميع أفراد الأسرة.
مساحات تجزئة
وقال يوسف باصليب، المدير التنفيذي لإدارة التطوير العمراني المستدام في «مصدر»: «إنه مع افتتاح مركز «ماي سيتي سنتر مصدر» في مدينة مصدر خلال شهر أبريل الماضي، فإن إجمالي مساحة مرافق التجزئة في المدينة يرتفع إلى 25 ألف متر مربع»، مشيراً إلى أنه ستتم إضافة 6 آلاف متر مربع جديدة من المساحات التجارية نهاية العام الحالي، حيث سيصل إجمالي مساحات التجزئة المتوافرة بالمدينة إلى أكثر من 31 ألف متر مربع.
وأوضح باصليب أن مدينة «مصدر» تضم حالياً ألف ساكن، وبحلول عام 2020 يصل العدد إلى 5 آلاف ساكن، وهو ما يتطلب توفير المزيد من الخدمات للمستهلكين، موضحاً أن المركز يخدم شريحة واسعة من السكان، ما شجع الشركة على دراسة تطوير وتوسعة المركز.
وتقدر استثمارات مركز «ماي سيتي سنتر مصدر»، والذي باشرت تطويره شركة «ماجد الفطيم»، بنحو 300 مليون درهم، ويضم 70 متجراً على مساحة تأجير 18.5 ألف متر مربع، وتم تجهيز المركز بأحدث الابتكارات والحلول والخصائص المستدامة التي تعمل على توفير استهلاك الطاقة والمياه، مع مراعاة المعايير التي تتماشى مع الاستدامة.
وحققت الإمارات المرتبة الأولى بين مجموعة دول غرب آسيا وشمال أفريقيا، للاقتصادات النامية والانتقالية في مجال التجارة الإلكترونية خلال عام 2018، تحت فئة «شركة إلى مستهلك» التي تختص بالمعاملات التجارية الإلكترونية القائمة بين الشركات والمستهلكين، فيما حافظت على ترتيبها في المرتبة الرابعة بين مجموعة الدول النامية، وفي المرتبة 33 عالمياً بالتجارة الإلكترونية، وفقاً لتقرير مؤشر التجارة الإلكترونية 2018 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد».
وبلغ متوسط إنفاق الفرد على شراء السلع والبضائع والخدمات من مواقع التجارة الإلكترونية في الدولة نحو 2902 درهم سنوياً (791 دولاراً) وفق تقرير «We are social» البريطانية التي تستمد بياناتها من البنك الدولي، وإحصاءات محركات البحث، ومواقع التواصل الاجتماعي، وغيرها.
وجهات استثنائية
بدوره، قال جاسم صالح بوصيبع، الرئيس التنفيذي للدار للاستثمار: إن افتتاح شركة الدار العقارية، للتوسعة الجديدة للجيمي مول ومنطقة «ريتيل بارك» في مدينة العين خلال شهر مارس الماضي، يعزز خطط «الدار» الهادفة إلى تطوير وجهات استثنائية تتناسب مع متطلبات السوق، موضحاً أن توسعة «الجيمي مول» توفر تجربة تسوق فريدة للزوار كافة.
وذكر أن التوسعة الجديدة لـ«الجيمي مول» ومنطقة «ريتيل بارك» تضيف حوالي 100 علامة تجارية ومطعم في الوجهة المفضلة والأولى للتسوق والترفيه في مدينة العين، ليتجاوز العدد الإجمالي في «الجيمي مول» أكثر من 200 محل تجاري، وتصبح القيمة الإجمالية لممتلكات «الدار» من أصول التجزئة في العين أكثر من مليار درهم. وتضيف التوسعة 33 ألف متر مربع إلى المساحة الإجمالية المؤجرة في المول والتي تم تأجير 96% من مساحتها، بالإضافة إلى 1200 موقف للسيارات ليوفر ضعف عدد المواقف سابقاً التي من شأنها أن تسهل حركة الزوار ووصولهم إلى المول.
وشهدت العاصمة أبوظبي إضافة 100 ألف قدم مربعة إلى المساحات المتاحة لتجارة التجزئة خلال الفترة من 2014 حتى 2018، لتبلغ 2.7 مليون قدم مربعة في عام 2018، بحسب تقرير ألبن كابيتال، شركة الاستشارات المصرفية والاستثمارية ومقرها دبي، حيث أشار إلى أن الإمارات صنفت في المركز الخامس كأفضل الوجهات الاستثمارية العالمية في قطاع تجارة التجزئة.
استثمارات جديدة
أكد فهد بن عبدالله العثيم، نائب رئيس مجلس إدارة شركة العثيم للسياحة والترفيه السعودية، أن الاهتمام بصناعة السياحة والترفيه في دولة الإمارات أسهم في زيادة جاذبيتها كوجهة مميزة للترفيه، وكمركز سياحي مهم في المنطقة، موضحاً أن الإمارات توفر بيئة جاذبة للاستثمار في ضوء الحوافز والتسهيلات التي تقدمها للمستثمرين، فضلاً عن توافر مناخ الأمن والاستقرار، والمشروعات الجديدة التي يتم تأسيسها بشكل مستمر.
ودشنت «العثيم والاستثمار» مؤخراً مجمع اكستريم زون الترفيهي في مركز أبوظبي التجاري، حيث يعد المجمع المشروع الثاني للشركة في أبوظبي، بعد افتتاح مجمع ترفيهي مماثل في مركز ديرفيلد التجاري على مساحة 6 آلاف متر مربع.
وتوقع العثيم أن تصل قيمة استثمارات الشركة في أبوظبي خلال العامين المقبلين إلى 250 مليون درهم، حيث تخطط الشركة لإقامة المزيد من المشاريع الجديدة بقطاع الترفيه.