حسن الورفلي (بنغازي - القاهرة)
بعد أيام قليلة من مصادقة البرلمان التركي على تفويض الحكومة بإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، صوّت مجلس النواب الليبي بالإجماع أمس على إلغاء الاتفاق السياسي ومطالبة المنظمات والهيئات الدولية والمجتمع الدولي بسحب الاعتراف الدولي بحكومة الوفاق الوطني، وكذلك إلغاء اتفاقية التعاون الأمني والعسكري وترسيم الحدود البحرية الموقعة بين حكومة الوفاق والنظام التركي واعتبارها كأنها لم تكن.
قال المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب الليبي عبدالله بليحق لـ«الاتحاد»: إن البرلمان صوّت بالإجماع على تفويض القيادة العامة للجيش الليبي بتعطيل المطارات والموانئ والمنافذ البرية الواقعة تحت سيطرة الميليشيات، وتخصيص ميزانية طوارئ للقوات المسلحة الليبية بقيمة 20 مليار دينار على أن تخصم من ميزانية الدولة للعام 2020.
وأكد عضو مجلس النواب الليبي مهدي الأعور في تصريحات خاصة لـ«الاتحاد» أن التدخل التركي في ليبيا يعتبر احتلالا وإعلان حرب على ليبيا، وهذا يتطلب دعما لوجيستيا قويا لأنها ليست حروب في الداخل لكنها إعلان حرب من الخارج، لذا تحتاج القيادة العامة لميزانية طوارئ لمواجهة الغزو التركي.
فيما أوضح بليحق أن جلسة البرلمان الليبي شهدت أيضا التصويت على إحالة رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ووزيري خارجيته وداخليته وكل من ساهم في جلب الأتراك للقضاء الليبي بتهمة الخيانة العظمى، بالإضافة للتصويت بالإجماع على قطع العلاقات مع تركيا وإغلاق سفارتها في البلاد.
من جانبه أكد عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان الليبي علي التكبالي أن الشعب الليبي حسم موقفه من مسألة تواجد قوات تركيا في ليبيا، مؤكدا أن البرلمان في حالة انعقاد دائم للتصدي للمشروع التركي بغزو الدولة الليبية.
على صعيد آخر، أشار الإعلام الحربي التابع للجيش الليبي إلى أن منصات الدفاع الجوي بالقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية تمكنت من إسقاط طائرة تركية مسيرة في سماء جنوب العاصمة طرابلس. وتمكن الجيش الليبي من إسقاط طائرتين تركيتين مسيرتين خلال الـ24 ساعة الماضية، وبذلك يرتفع عدد الطائرات التركية المسيرة التي أسقطتها دفاعات الجيش الوطني إلى 34 طائرة مسيرة.
وشن سلاح الجو الليبي غارات استهدفت مواقع وتمركزات الميليشيات المسلحة شمالي العاصمة طرابلس، ما أدى لتدمير عدد من الأسلحة والقضاء على عدد من مسلحي الوفاق.
وكان القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير أركان حرب خليفة حفتر، دعا الليبيين إلى نبذ الخلافات فيما بينهم والاصطفاف خلف قواتهم المسلحة، معلنا النفير والجهاد والتعبئة الشاملة لمواجهة الغزو التركي. وحث حفتر في كلمة له مساء الجمعة أبناء الشعب الليبي على حمل السلاح رجالا ونساء ضد الاحتلال التركي بعدما استنجد بهم الخونة والمنبطحون، منبها الدول العربية إلى خطورة تصرفات أردوغان الذي يريد فرض سلطانه على كامل البلاد العربية تحت زعم أنها «أمجاد أجداده».
وأشار حفتر إلى أن الخونة أقدموا على بيع الوطن للمحتل العثماني بعدما رأوا طلائع الجيش الوطني الليبي تدك أوكارهم.
إلى ذلك، قرر مجلس وزراء الحكومة الليبية المؤقتة خلال الاجتماع الطارئ تقديم إحاطة حول المستجدات السياسية الطارئة وطلب تفعيل قانون الأمن القومي، موضحا أنه في حالة انعقاد دائم لبحث تداعيات الإعلان التركي بغزو ليبيا بناء على طلب حكومة الوفاق. وأكدت الحكومة الليبية تواصلها المستمر مع كل من مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي لوضع حد لهذا التدخل السافر من الجانب التركي.
وشددت على دعم القوات المسلحة الليبية وتسخير كافة الإمكانيات في حربها على فوضى السلاح والميليشيات لتحرير العاصمة الليبية طرابلس في أقرب وقت.
الأزهر: التدخل الأجنبي في ليبيا فساد في الأرض
أدانت هيئة كبار العلماء بالأزهر أمس التصعيدات تجاه ليبيا وأكدت دعم الموقف المصري للحفاظ على أمن وسلامة المنطقة. وذكر بيان للهيئة أنها اجتمعت برئاسة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب لمناقشة الأحداث الأخيرة التي تمر بها ليبيا الشقيقة. وأكد البيان أن أي تدخل خارجي على الأراضي الليبية هو فساد في الأرض ومفسدة لن تؤدي إلا إلى مزيد من تعقيد الأوضاع وإراقة المزيد من الدماء وإزهاق الأرواح البريئة. وطالب البيان العالم أجمع وفي مقدمته الدول الإسلامية والمؤسسات الدولية المعنية بحفظ السلم والأمن الدولي منع هذا التدخل قبل حدوثه، ورفض سطوة الحروب التي تقود المنطقة والعالم نحو حرب شاملة.
وشدد البيان على رفض منطق الوصاية الذي تدعيه بعض الدول الإقليمية على العالم العربي، وتتخذه ذريعة لانتهاك سيادته، والتأكيد على أن حل مشكلات المنطقة لا يمكن أن يكون إلا بإرادة داخلية بين الأشقاء.
وأكد البيان دعم هيئة كبار العلماء الموقف المصري للحفاظ على أمن مصر وسلامتها، وأمن المنطقة بأكملها، وتحليه بأقصى درجات الدبلوماسية، مؤكدة أن هذا الموقف ليس بجديد على مصر التي كانت ولا تزال سداً منيعاً ضد العبث بأمن الشعوب العربية والإسلامية وسلامتها.