عبدالرحيم حسين، علاء المشهراوي، وكالات (رام الله، غزة، برلين)
أصيب 55 فلسطينياً بجروح، أمس، جراء قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي المتظاهرين السلميين شرق قطاع غزة، وقالت وزارة الصحة إن الطواقم الطبية تعاملت مع 55 إصابة بجروح مختلفة، بينها 29 بالرصاص الحي من قبل قوات الاحتلال خلال مسيرة العودة وكسر الحصار شرق قطاع غزة.
وأفادت مصادر فلسطينية بأن جنود الاحتلال المتمركزين في الأبراج العسكرية وخلف السواتر الترابية المقامة خلف السياج الفاصل، أطلقوا الرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه المشاركين في المسيرة في محيط ما يسمى بوابة المطبق شرق رفح، ما أدى إلى إصابة شاب بعيار ناري في القدم والعشرات بالاختناق.
وكان المتظاهرون الفلسطينيون، قد توافدوا عصر أمس، إلى مخيمات العودة على الحدود الشرقية لقطاع غزة، للمشاركة في فعاليات الجمعة الـ74، والتي حملت اسم «فلتشطب أوسلو من تاريخنا»، وذلك بالتزامن مع الذكرى الـ 26 لـ «اتفاق أوسلو»، الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في واشنطن عام 1993، وأكدت الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار أن أخطار أوسلو لم تتوقف عند حد التسوية السياسية بل تجاوزتها لتؤسس لانقسام الحالة الوطنية الفلسطينية مما ساهم في الوصول لحالة من الانقسام مستمرة حتى اللحظة.
وفي الضفة الغربية، أصيب عدد من الفلسطينيين بحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في قرية كفر قدوم شرق قلقيلية، عقب قمع المسيرة الأسبوعية المناهضة للاستيطان والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ 16 سنة، وأفاد شهود عيان، بأن عدداً كبيراً من جنود الاحتلال هاجموا المشاركين في المسيرة بعد انطلاقها مباشرة بقنابل الغاز والصوت والأعيرة المعدنية المغلفة بالمطّاط، ما أدى إلى إصابة العشرات بالاختناق. وقالت مصادر فلسطينية إن مواجهات عنيفة اندلعت أيضاً في بلدة كفر مالك، بعد أن داهمت قوات الجيش الإسرائيلي البلدة، ورشقها شبان بالحجارة وأشعلوا النار في إطارات مطاطية. وأفاد مسعفون ميدانيون، بأنهم قدموا العلاج لثمانية مصابين بالرصاص المطاطي، وعشرات بحالات اختناق.
وصعّدت قوات الاحتلال، من اعتداءاتها ضد المصلين والمرابطين في المسجد الأقصى، وكررت اعتداءاتها على مساجد القدس المحتلة، وأفادت مصادر فلسطينية بأن قوات الاحتلال اعتقلت الفتاة آية أبو ناب خلال دخولها لأداء الصلاة من باب حطة إلى المسجد، قبل أن تقرر إبعادها أسبوعاً. كما أوقفت المعلمة هنادي الحلواني، وسلمتها أمر استدعاء للتحقيق، في مركز القشلة بالبلدة القديمة بالقدس غداً الأحد. واقتحمت شرطة الاحتلال ساحة مصلى باب الرحمة بالمسجد الأقصى، وحاولت اعتقال أحد الأطفال الفلسطينيين، كما اقتحمت مسجداً في بلدة العيسوية بالقدس المحتلة، وأصابت ثلاثة من المصلين بالاختناق.
إلى ذلك، أعلنت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا، أمس، رفضها إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو احتمال ضم مناطق في الضفة الغربية، لاسيما غور الأردن وشمال البحر الميت، إلى السيادة الإسرائيلية، ووصفت في بيان مشترك نشرته وزارة الخارجية الألمانية في تغريدة على «تويتر» هذه الخطوة بأنها تمثل في حال تنفيذها انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، داعية كل الأطراف للنأي عن الأفعال التي تخالف القانون الدولي وتقوض حل الدولتين القائم على حدود 1967 وتزيد من صعوبة تحقيق سلام عادل ودائم. وأضافت أن إسرائيل تملك حق الدفاع عن أمنها، منددة بشدة بالهجمات التي انطلقت في الآونة الأخيرة من غزة.
ورحبت حركة «فتح» برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس بموقف الدول الأوروبية الخمس الرافض لاحتمال ضم إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية، وقال المتحدث جمال نزال في بيان صحفي «إن موقف كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وإسبانيا، والمملكة المتحدة، إزاء منهج نتنياهو في إقصاء فرص قيام الدولة الفلسطينية مرحب به في الوقت الذي نحض فيه على تقديم رد عملي من مثيل الاعتراف بدولة فلسطين». وأضاف «أن تمسك دول العالم بقيام دولة فلسطين يمثل سداً حصيناً أمام الأطماع الاستعمارية لنتنياهو، ولكن بات ملحاً أكثر من أي وقت مضى إظهار معالم الرفض العالمي للاحتلال بسياسة عملية تجعل من الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، خاصة على المستوى الأوروبي، حقيقة قائمة يتعذر القفز عنها». وكانت السلطة الفلسطينية، بعثت بثلاث رسائل متطابقة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة الجمعية العامة ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (روسيا) بشأن الانتهاكات المباشرة لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني عقب تهديد نتنياهو بابتلاع ما يقدر بثلث الضفة الغربية، وقال المندوب المراقب لفلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور «لا يمكن للمجتمع الدولي أن يبقى صامتاً أمام التهديدات المباشرة والإعداد والتخطيط للاعتداء على الممتلكات والأراضي الفلسطينية بهذا الشكل السافر، وينبغي صيانة القانون الدولي والدفاع عنه في وجه إسرائيل، وعلى المجتمع الدولي تذكير السلطة القائمة بالاحتلال أنها لا تملك السيادة على الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية».
وقال المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة مايكل لينك، إن نية إسرائيل ضم وادي الأردن أمر غير شرعي ويهدد فرص التوصل إلى حل قائم على وجود دولتين، وشجب في بيان تعليقات نتنياهو الذي قال إنه سينفذ القرار إذا أعيد انتخابه، وأضاف قائلاً: «إن تأكيد الحق في الضم في القرن الحادي والعشرين هو محاولة العودة إلى عالم لم يعد موجوداً»، ورأى أن الضم سيؤدي إلى حصر الفلسطينيين بشكل أكبر في كانتونات صغيرة مجزأة ومتقطعة، بينما سيواصل آخرون العيش تحت الحكم العسكري الإسرائيلي، مشدداً على أن الضم، إذا تحقق، سينهي فعلياً الحل القائم على وجود دولتين، وسيعمل بدلاً من ذلك على ترسيخ حقيقة دولة واحدة تتمثل في أنظمة قانونية منفصلة وحقوق سياسية وفرص اجتماعية غير متساوية إلى حد كبير.
وأدانت المملكة المغربية بشدة التصريحات الأخيرة لنتنياهو بشأن ضم غور الأردن وشمال البحر الميت. واعتبرت وزارة الشؤون الخارجية في بيان أن المغرب تعد هذه التصريحات تصعيداً خطيراً وتلويحاً بخرق جديد للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، من شأنه تقويض كل الجهود الحثيثة الرامية لإيجاد حل عادل وشامل للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وأكدت دعم المغرب الثابت والموصول للشعب الفلسطيني، ورفضه أي مساس بحقوقه غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ودعت المجتمع الدولي، خاصة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، إلى التحرك الفوري من أجل الحيلولة دون انتهاك تلك الحقوق، صوناً لفرص تحقيق حل الدولتين، وبما يحفظ أمن واستقرار المنطقة. وأدانت الجزائر بشدة تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن ضم غور الأردن وشمال البحر الميت. وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية: «إن الجزائر تعد هذه التصريحات تصعيداً خطيراً ضد الشعب الفلسطيني، وخطوة جديدة ضمن ممارسات اغتصاب الأرض الممنهجة، وسياسات التهويد والتطهير التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، بُغية تغيير الواقع الجغرافي لفلسطين المحتلة، وذلك في انتهاك صارخ للقانون الدولي والشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة».
وأعلن العراق رفضه القاطع لتصريحات نتنياهو، وقالت وزارة الخارجية في بيان «إن ما نراه هو دعاية انتخابيّة عدوانيّة وسياسة استيطانية عنصرية مبرمجة قائمة على سلب حقوق الشعب الفلسطينيّ، وخطوة احتلاليّة بالغة الخُطُورة تجاه فلسطين، ولتأجيج الصراع في المنطقة برُمّتها، يُفترَض أن يُقابلها ردّ فعل عربيّ وعالميّ لمناهضتها»، وشدّد البيان على أهمّية توفير الحماية الدوليّة للشعب الفلسطينيّ، والأراضي الفلسطينيّة من سياسة القضم التي تقوم بها إسرائيل بالقوة.