أشرف جمعة (أبوظبي)
مهارتها في نسج خيوط التلي تعود بمن يشاهدها وهي تمسك بالكاجوجة إلى زمن كانت فيه الحياة بسيطة، فبمجرد أن تجلس المدربة التراثية عائشة محمد النعيمي إلى كاجوجتها في القرية التراثية في أبوظبي تستجمع لقطات حية من الزمن القديم وكأنها تجلس في باحة البيت الأول الذي عاصرت فيه حياة كان للمرأة الإماراتية خلالها دور مفعم بالحركة والعطاء والنشاط، وهي تصنع كل احتياجات المنزل وما يلزم سكانه من ملابس ودون الحاجة إلى أحد، فهي تعمل على الكاجوجة منذ أن كان عمرها 12 عاماً، حيث اكتسبت الكثير من الحرف من والدتها، وكذلك شقيقاتها اللواتي يكبرنها، وتؤمن عائشة بأنه من الضروري أن يتعرف الجيل الجديد على حرف الأجداد لأنها جزء من منظومة الحياة قديماً وجانباً مهماً من جوانب الحفاظ على موروثات الماضي.
خيوط قطنية
تقول الحرفية عائشة محمد النعيمي 63 عاماً: من خلال خبرتي في ميدان العمل التراثي وجدت أنه من الضروري أن يكون هناك جسر يربط النشء بالماضي، خاصة أن حماية الحرف اليدوية التي تميزت بها البيئة الإماراتية قديماً ضرورة، وأنه يجب ترغيب أبناء الجيل الحالي في تعلم الحرف التراثية بأنواعها حتى يظلوا على صلة بتراثهم الذي يفخر به كل أبناء الوطن مشيرة إلى أنها منذ سنوات طويلة، وهي تسعى إلى تعليم الصغار والكبار طريقة عمل التلي على الكاجوجة بخاصة أنه من الصناعات التطريزية التقليدية القديمة في البيئة الإماراتية التي كانت تمارسها النساء.
تزيين ملابس
وتوضح النعيمي أن التلي هو شريط مزركش بخيوط قطنية ملونة ممزوجة مع خيوط ذهبية أو فضيّة متداخلة، ومن أبرز صناعات التلي هو «تلّي بوادل» أو«تلّي بتول». وتستخدم الكاجوجة في عمل التلّي بخاصة أنها تتكون من قاعدة معدنية على شكل قمعين ملتصقين من الرأس، وبهما حلقتان على إحدى القواعد لتثبيت وسادة دائرية تلف عليها الخيوط الذهبية والفضية للقيام بعملية التطريز. وتبين أنها تستخدمه في تزيين الملابس النسائية عند الأكمام والرقبة، وتستخدم في أثناء التطريز عددا من البكرات التي تكون عادة من خيوط الحرير الصافي والخوص الذي يضفي الأناقة على الملابس النسائية كافة، وتلفت إلى أنها تعمل بطريقة تقليدية على وضع تصميمات مطرزة لتزيين مختلف كل أنواع الثياب النسائية، مثل فساتين الزفاف والملابس الرسمية وحتى الملابس العادية.
مشغولات يدوية
وتذكر النعيمي أن كل حرف الماضي تعد عنصراً مهماً من العناصر الأساسية للهوية الوطنية التي تجسد تاريخ الآباء والأجداد والتراث الذي تتناقله الأجيال بكل تفاصيله بفخر واعتزاز، مستلهمين منه المستقبل المشرق. وأنها عندما تعمل على الكاجوجة، ومن ثم تجهز بعض المشغولات التي تزينها بالتلي، فإنها تبحر بالزوار إلى أصالة الماضي من أجل أن تعكس صورته أمامهم، ومن ثم تدريب من يرغب في إتقان حرفة صناعة التلي من خلال توفير بيئة خصبة، وهو ما يسهم في حماية هذه الحرف اليدوية التي تتميز بها الإمارات منذ القدم.