حوار- بسام عبد السميع
«قدمنا رؤية واضحة للفرص المتاحة في إمارة أبوظبي خلال فعاليات مؤتمر الطاقة العالمي 2019، وبكل ثقة أصبحت تجربة أبوظبي في التحول من الاعتماد علي الغاز والنفط إلى طاقة متجددة، مثال عالمي يحتذى، ونؤكد وجود فرص استثمارية كبيرة في الإمارة لمختلف قطاعات الطاقة ومراحل إنتاجها».. بتلك العبارة بدأ معالي المهندس عويضة مرشد المرر رئيس دائرة الطاقة في أبوظبي، حواره مع «الاتحاد» أمس.
وقال المرر: «إن أبوظبي استفادت من سياستها في طرح مشاريع المناقصات، ما ساعد في خفض كلف مشاريع الطاقة المتجددة، وحقق المنافسة بتقديم أفضل سعر ممكن، والمنافسة تخلق الإبداع وتخفض التكاليف، والمناقصات الحالية تستهدف زيادة القدرة الإنتاجية من الطاقة المتجددة».
وقال في حواره مع «الاتحاد»، على هامش مؤتمر الطاقة العالمي أبوظبي 2019: «بعد مرور عام ونصف على إنشاء دائرة الطاقة في فبراير من العام 2018، أصبح لدينا نموذج واضح للمنظم والمشغل، فالدائرة متأكدة من الامتثال للشركات، والتي تعمل في الطاقة، وهدفنا الأساسي من أن هذه الطاقة تستخدم في مسارها الصحيح، بإيجاد أمن إمداد الطاقة وتقليل الانبعاثات الكربونية، وأن تكون متوفرة في أيدي العملاء بأقل التكاليف الممكنة».
وأشار إلى أن منظومة الطاقة في أبوظبي تتطور عبر مسار واضح لمواكبة أهداف استراتيجية الإمارات للطاقة 2050، متطلعة قدماً إلى المستقبل، حيث طورت «نموذج أبوظبي المتكامل للطاقة» بالاستناد إلى أحدث المعلومات المرتبطة بالطاقة من ما يزيد على 10 شركاء لفهم السيناريو الراهن في أبوظبي، وتخطيط مشهد الطاقة في الإمارة حتى عام 2050.
وأشار إلى أن الاهتمام المحوري بدمج الحلول التكنولوجية، لتحسين تحول قطاع الطاقة، يشمل مضامين عالمية واسعة النطاق، معرباً عن اعتقاده بأن الدورة الحالية من مؤتمر الطاقة العالمي تعد الأهم في تاريخ الحدث، لارتباطها بتطورات وتحولات القطاع كاملاً.
يشار إلى أن دائرة الطاقة - أبوظبي، أطلقت خلال مؤتمر الطاقة العالمي استراتيجية أبوظبي لإدارة جانب الطلب وترشيد استهلاك الطاقة 2030، وتضم هذه الاستراتيجية 9 برامج تساهم إلى حد كبير في خفض استهلاك الكهرباء بنسبة 22% والمياه بنسبة 32% بحلول عام 2030، انطلاقاً من بيانات عام 2013 كخط أساس.
جهوزية التعاون
وأكد المرر جهوزية دائرة الطاقة في أبوظبي للتعاون مع جميع الشركاء والمختصين في القطاع، لوضع خريطة طريق تصل بالجميع إلى مستقبل أفضل مع توفير الطاقة المستدامة، مستعرضاً بعض النتائج التي حققتها الدائرة خلال عام مضى، حيث توجد لدى الدائرة خطة بالتنسيق مع الدوائر الأخرى مثل: دائرة الاقتصاد، ودائرة النقل لاستخدام السيارات للطاقة، وهيئة البيئة، وتتناغم هذه الاستراتيجية مع هذه الهيئات وتوجهات المجلس التنفيذي.
وتابع: «يوجد لدى دائرة الطاقة نموذج محاكاة، يعتمد على مدخلات وتحليل ومخرجات، والمدخلات تأتي من عدة شركاء استراتيجيين أو الخطة والمتغيرات التي تطرأ على الطاقة محلياً أوعالمياً، مثل سعر الغاز أو كلف مشاريع الطاقة المتجددة للوصول لأفضل خليط للطاقة يحقق 3 أشياء: طاقة متوفرة لمساعدة النمو الاقتصادي وأقل كلفة وتخفض الانبعاثات الكربونية».
إدارة الطلب
وأضاف: أطلقنا استراتيجية إدارة الطلب حيث توجد 10 برامج وأهداف واضحة لتقليل استهلاكنا من الماء والكهرباء.
وتعمل دائرة الطاقة في أبوظبي لتفعيل مسيرة تحول قطاع الطاقة في الإمارة لدعم النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، وضمان إمدادات آمنة وموثوقة، وتحقيق التنمية المستدامة.
ومن الأدوار الرئيسية التي تضطلع بها الدائرة مواكبة متطلبات «استراتيجية الإمارات للطاقة 2050»، وهي أول استراتيجية إماراتية موحدة للطاقة تستند إلى العرض والطلب.
وتم إطلاق هذه الاستراتيجية في عام 2017 بهدف زيادة حصة الطاقة النظيفة في مزيج الطاقة الكلي من 25% إلى 50% بحلول 2025، والحد من انبعاثات الكربون الناجمة عن توليد الطاقة بنسبة 70%، وتعزيز كفاءة الاستهلاك بنسبة 40%. وبتحقيق هذه الأهداف، تسعى الاستراتيجية إلى تحقيق وفورات بقيمة 700 مليار درهم إماراتي (أو ما يعادل 190 مليار دولار) خلال العقود الثلاثة المقبلة.
استثمارات الطاقة
وحول حجم الاستثمارات الجارية في قطاع الطاقة بالإمارة وكذلك المتوقعة، قال المرر: «توجد استثمارات متنوعة في عدة محطات تشمل الإنتاج والتوصيل والطلب، وهناك فرص استثمارية لأصحاب رؤوس الأموال لمساعدة إدارة الطلب بكفاءة عالية».
وأشار إلى أن الدائرة قدمت خلال المؤتمر رؤية واضحة للفرص المتاحة، قائلاً:«بكل ثقة، أصبحت تجربة أبوظبي في التحول من الاعتماد علي الغاز والنفط إلى طاقة متجددة، مثالاً عالمياً يحتذى»، مؤكداً وجود فرص استثمارية كبيرة في أبوظبي.
ونوه إلى أن الدائرة لديها عدة مؤشرات تقيس تحقيق الأهداف ويتم العمل بها دورياً، وهناك تناغم بين المشغل والمشرع.
وتابع المرر:«حينما نحقق نتائج مرجوة، فالعالم يرى أن أبوظبي وعدت وحققت، وبكل فخر هذه النتائج حققناها خلال التحول من استخدام الغاز والهيدروكربوني إلى استخدام الطاقة المتجددة، ولم نستطع الوصول إلى هذا النجاح من دون التعاون العالمي.
تحقيق الازدهار
وقال:«إذا تم تسخير الطاقة سيتحقق الازدهار الاقتصادي والمجتمعي يضمن للجيل القادم حياة كريمة، مشيراً إلى أن العالم يشهد تحولاً غير مسبوق مدفوع بمزيج من الابتكارات التكنولوجية والتطورات المهمة التي تعيد صياغة دينامية العرض والطلب على الطاقة مع التأثير بشكل واضح على السلوك الاستهلاكي وأطر صنع السياسات».
وأشار المرر إلى أن أبوظبي استعرضت تجربتها الناجحة من خلال شركائها، «دائرة الطاقة»، وشركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك»، ومؤسسة الإمارات للطاقة النووية وشركة مصدر، حيث تسعى أبوظبي لإيجاد مصادر أفضل بتكلفة أقل وانبعاثات كربونية أقل موائمة لاشتراطات محلية وموائمة كذلك لاشتراطات دولية.
وأضاف: ما نقوم به من مشاريع يتماشى مع التوجهات العالمية لبناء مستقبل مستدام، حيث شهدت العاصمة الإماراتية، خلال السنوات الأربعين الماضية، تحولاً اقتصادياً سريعاً ارتكز بشكل رئيسي على وفرة موارد الوقود الأحفوري، وعلى رؤية اقتصادية متبصرة لفترة ما بعد النفط.
وكانت النتيجة اقتصاداً كثيف الاستهلاك للطاقة مع قطاع تصنيع يستأثر بـ 58% من إجمالي الطلب على الطاقة، ويتم تأمين هذه الطاقة بنسبة 50% من الغاز و30% من النفط. وبطبيعة الحال، فإن الطاقة المنتجة من موارد جديدة – مثل الطاقة الشمسية والنووية- تدخل اليوم منظومة الطاقة بشكل سريع.
الموارد المائية أولوية استراتيجية لأبوظبي
أكد معالي عويضة المرر رئيس دائرة الطاقة أبوظبي أن الموارد المائية تشكل أولوية استراتيجية بالنسبة لأبوظبي، وأن الإمارة تواصل الاعتماد على تقنية التناضح العكسي باعتبارها الأفضل والأقل تكلفة لتحلية المياه.
واستعرض المرر خلال مشاركته في الجلسة النقاشية التي حملت عنوان «فرص التغيير في الأحوال العادية وغير العادية للأعمال»، قطاع الطاقة في الإمارة والتوجهات والرؤى الاستراتيجية والمشاريع الجارية، لافتاً إلى إطلاق أبوظبي العام الماضي أكبر مشروع في العالم لإنتاج المياه بالتناضح العكسي في مجمع الطويلة للماء والكهرباء بسعة إنتاجية تبلغ 200 مليون جالون من المياه يومياً. وسيرفع هذا المشروع إنتاج المياه المحلاة بهذه التقنية في أبوظبي من 13% إلى 30% بحلول عام 2022.
وقال إن من الخطوات الأخرى التي اتخذناها لتحسين كفاءة استهلاك المياه والأمن المائي، كان وضع «سياسة المياه المعاد تدويرها» التي أطلقناها في يونيو 2019، وتدعم هذه السياسة جهود الإمارة في التشجيع على إعادة استخدام المياه لتعويض استخدام المياه المحلاة في الأنشطة الزراعية.
وتابع المرر: «يتضمن إطارنا الاستراتيجي لتبني منظومة طاقة نظيفة وآمنة أيضاً، تطوير قدرات أبوظبي على صعيدي الطاقة النووية والشمسية»،
وأضاف، حققت أبوظبي أيضاً إنجازات مهمة في قطاع الطاقة الشمسية الكهروضوئية، فقد أطلقت هذا العام العمليات التشغيلية لمحطة نور أبوظبي للطاقة الشمسية – وهي واحدة من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم بطاقة إنتاجية قدرها 1.177 ميجاواط، وتستخدم 3.2 ملايين لوح شمسي، وهي الآن ترفد الشبكة الوطنية بالطاقة النظيفة والمتجددة.
وضمن إطار مساعينا لحفز كفاءة الطاقة أيضاً، أطلقنا في يناير 2019 أكبر مركز تحكم مركزي في العالم لتخزين الطاقة بتقنية البطاريات، وذلك باستخدام بطاريات كبريتات الصوديوم موزعة في 10 مناطق مختلفة من الإمارة بقدرة 108 ميجاواط ساعة وقدرة تخزينية افتراضية تزيد على 6 ساعات.