حينما يلتقي منتخبا الإمارات وأستراليا اليوم، في استاد هزاع بن زايد في العين، ضمن ربع نهائي كأسا آسيا 2019، لابد للذاكرة من أن تستعيد سيناريو كأس آسيا 2015، حينما التقى المنتخبان في نصف النهائي باستاد أنجري بمدينة نيوكاسل الأسترالية، والتي أقصى فيها منتخب «الكنجارو»، «الأبيض» من الوصول إلى المباراة النهائية، بعد فوزه بهدفين، والاكتفاء بالمركز الثالث بعد فوزه على العراق 3-2.
هنا، لابد من القول ما أشبه الليلة بالبارحة، فالفريقان يلتقيان في ذات البطولة من جديد مع اختلاف الدور والمكان، وهي فرصة كبيرة لرد الدين الثقيل، ولن يكون ذلك إلا حين يرفع الإماراتيون أبيات الشاعر ناصر الفراعنة شعاراً لهم حين قال في قصيدته «ملوك الجن» التي جارى فيها عنتر بن شداد:
سبحان من خرت لهيبـة ملكـه جن البرابر وانجلـت أحزانيـــــــه
فكأننـي بالرمح أضــرب قائـــــلاً الأرضُ أرضي والزمانُ زمانيــــــه
وحين أقول الإماراتيين، فأنا أعني ما أقول، إذ لا أخص اللاعبين وحدهم، بل كل من يعنيه أمر الفوز، وأولهم الجماهير، التي يجب أن تتعامل مع المباراة، على أنها معركة كروية، تستحق أن يبذل لها كل ما يمكن أن يسهم في تحقيق الانتصار، وهي فرصة سانحة لتحقيق الحلم الكبير والقديم كذلك، فالمنتخب الإماراتي كان على مدى سنوات يستحق أن يرتقي القمة الآسيوية، وها هي الفرصة سانحة، ولعلها لن تتكرر مرة أخرى على الأقل في المدى المنظور.
نتذكر في مواجهة نيوكاسل قبل أربع سنوات، كيف قلبت الجماهير الأسترالية الملعب يومذاك رأساً على عقب، من أجل تحقيق الانتصار، وكيف كان اللاعبون الأستراليون مستنفرين، إلى درجة أن المباراة لم يمض منها 15 دقيقة، إلا وقد استقبلت الشباك الإماراتية هدفين كانت كافية لطي صفحة المباراة، رغم أن «الأبيض» كان يستحق وفق مسار البطولة أن يكون طرفاً في النهائي على الأقل، إن لم يكن بطلاً للقارة.
هذا السيناريو ينبغي أن يكون حاضراً في ذهن المدرب زاكيروني، الذي من المحتم عليه أن يؤكد قيمته الفنية، وقبله اللاعبون الذين لا حافز أكبر لديهم من أن يروا قيادات الدولة خلفهم، وعلم الإمارات مرفرفاً فوق رؤوسهم، وحناجر الجماهير تهتف باسمهم، والأجهزة الإدارية للمنتخب التي تفرض عليها طبيعة المواجهة دوراً مضاعفاً في التحضير النفسي والذهني، وأحسب أن الجميع يدرك أنها مباراة العُمر، ومواجهة للتاريخ، ليبذل لها الغالي والنفس.
قيل التاريخ يكتبه المنتصرون، ولذلك فنحن ننتظر أن يكتب «نجوم الأبيض» اليوم صفحة جديدة في تاريخ كأس آسيا 2019، في انتظار مواصلة إتمام كتاب التاريخ الذي يسجل فرحة وطن عظيم يستحق أن يسود القارة، ويعتلي عرشها الكروي.