القاهرة ـ سعيد ياسين: كان الجمهور العربي على موعد مع نبيل الحلفاوي من خلال أدواره المتميزة في عدد من المسلسلات التليفزيونية الشهيرة ومنها دور 'نديم قلب الأسد' في 'رأفت الهجان' و'زكريا بن راضي' في 'الزيني بركات' و'معلا قانون' في 'غوايش' و'سعد زغلول' في 'حواري وقصور' ودوره في 'زيزينيا' و'جمال عبدالناصر' في 'أوراق مصرية'· ويتمنى الحلفاوي أن يستمر الاحتفاء والاهتمام الإعلامي الكبير بالدراما طوال العام·
؟ قدمت شخصية عبدالناصر في مسلسل 'أوراق مصرية' ألم تخش المقارنة مع من قدم شخصية عبدالناصر من قبل؟
؟؟ الشخصيات الشهيرة في الدراما تقدم بممثلين كثيرين· وقدمت من قبل شخصية سعد زغلول وكان قد قدمها استاذي حمدي غيث·· وحصلت عن دوري على جائزة·· وقدم أحمد زكي شخصية طه حسين في التليفزيون وقدمه محمود ياسين في السينما ولا توجد شخصية مغرية دراميا تكون حكرا على ممثل معين·· والطبيعي ان تتكرر في أعمال عديدة·· ولكي تكون المقارنة صحيحة لابد ان تعطي ممثلا اخر نفس السيناريو والمخرج وجهة الانتاج وسيبقى الاختلاف في شخصية كل ممثل·· وأحمد زكي قدم 'ناصر '56 بعظمة شديدة واعتبره أكثر أبناء جيلنا موهبة·· وفي الفيلم قدم شخصية ناصر في فترة محددة وهي عام تأميم القناة وأنا قدمت الشخصية في مسلسل من 30 حلقة دارت حول أكثر من 20 عاما وأنا مقتنع بانه لا يوجد ممثل يستطيع ان يعطي الملامح الخارجية والتأثير الطاغي والسحر والهيبة التي كانت يمتلكها عبدالناصر صاحب القامة الطويلة والحضور الذي يفوق حضور أي ممثل رأيته في حياتي سواء في مصر أو الخارج·· وقد اسقطت من حساباتي نهائيا مسألة التركيز على الملامح الخارجية أو محاولة تقليده وكان كل تركيزي على تقديم روح الشخصية وملامحها الداخلية·
؟ ما الفرق بين جيل الرواد وجيل الشباب؟
؟؟ التطور في المجتمع ينعكس على الفن·· وهناك تقدم نحو الأفضل من حيث التكنيك والتكنولوجيا ووسائل الحياة·· وتوجد وسائل فنية كثيرة وعشرات القنوات الفضائية ولكن يوجد تراجع في القيم المعنوية ومدى الاهتمام والتمسك بها·· وطغيان المادة ينسحب على الفن·· ولم تعد هناك التقاليد والقيم التي رأيناها لدى اساتذتنا والتي انتقلت الينا·
؟ من هم أبناء جيلك؟
؟؟ كان يسبقني في معهد الفنون المسرحية نور الشريف ومحمد وفيق وكانا في السنة الرابعة وكنت في السنة الأولى·· وكان معي محمد صبحي وهادي الجيار وشعبان حسين ولطفي لبيب·
؟ من كان مثلك الأعلى في بداية مشوارك؟
؟؟ استاذي سعد أردش الذي كان يخرج لنا أثناء دراستي في كلية التجارة ثم تولى دفعتنا في المعهد حتى تخرجنا· كما تعلمت من اساتذة كثيرين لم يدرسوا لي ومنهم حمدي غيث الذي تربطني به صداقة عميقة حتى الآن· وكانت هناك اسماء عالمية مثل بيتر أوتول·· وبشكل عام اعتبر الراحل محمود مرسي مثلا أعلى على المستوى الفني والشخصي·
؟ ما أقرب أعمالك إلى قلبك؟
؟؟ لم اقدم عملا بعيدا عن قلبي ولابد ان احب العمل لاقدمه·· وعندما تعرض الاعمال تكون هناك علامات لاعمالي تحقق نجاحا أكبر يجعلني أرضى عن نفسي إلى حد ما كما حدث في 'رأفت الهجان' و'غوايش' و'الزيني بركات' و'الطريق إلى إيلات'· وفي المسرح 'طقوس الاشارات والتحولات' و'الزير سالم' وتوجد اعمال تصبح محطات يقول عنها صديقي صلاح السعدني باسلوبه الساخر انها تكتب في اخر صفحة في صحيفة 'الاهرام' عندما نموت وساعتها ستجدون رصيدا لا بأس به·
كسر الإطار
؟ اعمالك قليلة مقارنة بمشوارك الفني؟
؟؟ لا يهمني الكم ولكن النوعية، وعندما استغرق في عمل احب التفرغ له ولكي اتواجد باستمرار لابد ان اقدم اعمالا كثيرة في وقت واحد وهذا لا افضله·
؟ هل حصرتك مقوماتك الشكلية في نوعية معينة من الادوار؟
؟؟ صناع الاعمال الفنية يستسهلون وقليلون يحاولون كسر الاطار التقليدي وهنا يأتي دور الفنان نفسه فعليه ان يقاوم هذا الامر وعندما نجحت في دور ' معلا قانون' في مسلسل 'غوايش' عُرضت عليّ بعدها ادوار كثيرة مشابهة لكنني اعتذرت ولم اقدم الصعيدي إلا بعد مدة طويلة وعندما نجحت في دور 'نديم قلب الاسد' في 'رأفت الهجان' عُرضت عليّ مرارا شخصية ضابط المخابرات لكنني اعتذرت· وعلى الفنان ألا يقع في فخ التكرار صحيح انهم غالبا يحصرونني في اطار الادوار الجادة أو المثقفين أو الادوار الوطنية وعليّ ان اجد مناطق الاختلاف في هذه الادوار بحيث لا تكون صورة مكررة·
؟ هل انت ممثل غير محظوظ سينمائيا؟
؟؟ أول مرة دخلت السينما في بداياتي حصلت على جائزة عن فيلم 'اغتيال مدرسة' والسينما رحبت بي وقدمت بعد ذلك 'سوبر ماركت' مع محمد خان و'الطريق الى ايلات' كما حصلت على جائزة عن دوري في فيلم 'الهروب الى القمة' مع نور الشريف واخراج عادل الاعصر· والسينما في فترة ما كانت محصورة في اسماء معينة ودائرتها قليلة ويصعب كسرها إلا بالمصادفة وانا اطبق عليها نفس المعايير التي اطبقها على أي مجال فني·· ولا افضل من اجل عيون السينما ان اقدم ادوارا سخيفة·· والادوار الجيدة نادرا ما كانت تصل ليّ لان هناك دائرة واسماء محددة يفرضها التوزيع· وبعد ان تزايدت دور العرض وبدأ الفيلم يحقق ايرادات من الداخل سادت نوعية معينة من الادوار لا اجد نفسي فيها·· وحتى نجوم السينما من ابناء جيلي اضطروا الى اللجوء للتليفزيون·
؟ هل انت راض عن مشوارك الفني؟
؟؟ ربما اكون قد حققت اقل مما استحق ولكنه بالتأكيد اكثر مما توقعت·· لانني بتركيبتي الشخصية وبالمنهج الذي وضعته لنفسي وطريقة تفكيري لم اكن اتوقع نهائيا ان احقق كل هذا·· لكن كتقييم فني يوجد من يقولون انه كان يفترض ان اقدم اكثر ولكنني كنت سابقا اتوقع ان تركيبتي ستشكل لي عائقا في الاستمرار لكنها لم تشكل واستطعت ان احتل مكانة واصبح هناك رصيد من الحب والاحترام المتبادل بيني وبين الناس وكل ما اتمناه ان لا يخونني التقدير لان عملنا قائم في معظمه على حسن التقدير واتمنى ان احافظ على رصيدي كما هو·
؟ ألم تندم على عمل قدمته؟
؟؟ يصعب ان اجامل على حساب الفن·· وهناك فيلم لحسن الحظ لم يُعرض ولا ادري عنه شيئا كتبه بشير الديك بشكل جيد عنوانه 'سيدة القاهرة' وكانت معي فيه يسرا وجميل راتب وعبدالعزيز مخيون وكان العمل على مستوى الكتابة والتمثيل جيدا ومطمئنا لكن المخرج المغربي الذي اخرج الفيلم ظهر في القاهرة فجأة واخرج العمل بطريقة سيئة وكنت اشاهد الاخطاء واضحة ولكنني قلت ربما تكون هناك اتجاهات جديدة لا نعلمها في الاخراج السينمائي وعندما عُرض الفيلم في عرض خاص شعرت بالمأساة والكارثة وتركت دار السينما وخرجت ومعي جميل راتب·
؟ ما احساسك بالزمن؟
؟؟ الزمن الى ما بعد منتصف العمر صديق للانسان وفي اواخر العمر يصبح عدوه الاول وكل الناس يشعرون بهذا وعليك ان تستمتع بكل مرحلة وتستفيد من ايجابياتها وصحيح انك تفقد اشياء ولكنك ايضا تكسب اشياء·· والفنان بعد تجاوز منتصف العمر يخشى الا يحقق كل ما يريد ونرى الان شون كونري وآل باتشينو وداستين وغيرهم لا يزالون يقدمون عطاءهم ويحصلون على بطولات يفاجئوننا بها وعندنا في السينما عندما يتقدم الفنان في العمر تتحدد اختياراته الى حد كبير·· ولكن في التليفزيون المشكلة اقل حدة وتوجد اعمال كثيرة تعطي الفنان رغم تقدمه في العمر فرصا للابداع مثل اعمال محمود مرسي·
شعر
؟ ماذا عن تجربتك مع كتابة الشعر؟
؟؟ لم اقتحم الشعر بل هو الذي اقتحمني فجأة وكان معي صلاح السعدني الذي شجعني وبدأ يلح عليّ بدرجة ارهقتني عصبيا· ومكثت عامين اكتب ثم توقفت لانه يتناقض مع فن التمثيل·· وكنت اذهب الى الاستديو بدون نوم·· واجد اثناء تأديتي المشهد انني مشغول بابيات ما·· وجمع اشعاري الصحفي الراحل عدلي فهيم وتولى اصدارها في ديوان وكان بالفصحى·· بعد ذلك كتبت اكثر من قصيدة بالعامية ثم توقفت تماما·· والشعر اجمل ما فيه تكثيف المعنى في ابيات وهو فن في منتهى السمو·· ولا استطيع ان اسمي نفسي شاعرا رغم ان هناك من قال انه شعر سليم تماما·
؟ من يعجبك من الشعراء؟
؟؟ فيما مضى كان الاقرب الينا شعراء المسرح مثل صلاح عبدالصبور وعبدالرحمن الشرقاوي ونجيب سرور واحمد عبدالمعطي حجازي وتأثرنا ايضا بأمل دنقل وصلاح جاهين وبعد ذلك عبدالرحمن الابنودي وسيد حجاب وفترة عطاء احمد فؤاد نجم في اوجها حيث كان الشباب يلتف حول اشعاره لكن سيد حجاب اكثر هؤلاء عذوبة·
؟ من اقرب اصدقائك الى قلبك؟
؟؟ باستثناء اثنين من اصدقاء الطفولة والمدرسة فان كل اصدقائي من الفنانين وهناك دائرة لصيقة وقريبة جدا الى قلبي تضم حمدي غيث وصلاح السعدني ويحيى الفخراني واسامة انور عكاشة ومحمد وفيق ولينين الرملي واشرف عبدالغفور·· واعتبر الفنانين الحقيقيين اسرتي وهذا ليس مجازا·· وكتبت مرة قصيدة قلت فيها: يوم وفاتي لا تكتبوا في النعي اسماء الاقارب بل الاصدقاء اكتبوا صديق كل من بدلا من قريب كل من·· الصداقة بالنسبة لي مهمة جدا وقد ذكرت اسماء على سبيل المثال لا الحصر ويسعدني ان اكون انا ايضا قريبا من قلوبهم·
؟ هل يهوى احد من ابنائك الفن؟
؟؟ ابني الاكبر 'خالد' تخرج في كلية التجارة وسافر الى الخارج لستة اشهر ثم عاد للعمل في مصر وفجأة اعلن انه لا ينتمي الى عالم الارقام وكانت لديه رغبة في الكتابة واراد ان يلم بالعملية الفنية فاتجه الى العمل كمساعد مخرج والاصغر 'وليد' في كلية الاعلام·
؟ لماذا انت قليل الحوارات واللقاءات الاعلامية؟
؟؟ لا اريد ان يملني الناس·· ويكفي ان يراني الجمهور في الاعمال الدرامية·
؟ ما هواياتك؟
؟؟ الكمبيوتر·· والقراءة ولكنها لم تعد كما كانت لان القنوات الفضائية بقدرتها المذهلة على نقلنا لمكان الحدث تشغل كثيرا من وقتي وسحبت مساحة من المقروء فاصبح جزء من المامي بما يحدث حولي من خلال المرئي· واعطي عشر دقائق يوميا لرياضة بسيطة·· ولم تعد هناك هوايات بالمعنى الذي كان موجودا ايام الفراغ والمسؤوليات البسيطة·
؟ ما جديدك؟
؟؟ اجري حاليا بروفات مسرحية 'ليالي القباني' من تأليف رفيق الصبان واخراج السورية رولا الفتال وتشاركني بطولتها بسمة وعدد من الفنانين وهي مسرحية استعراضية درامية غنائية تدور حول قصة حياة رائد المسرح الغنائي السوري ابي خليل القباني وتتعرض لاجزاء من حياته والجزء الرئيسي هو الصراع بين التنوير والقوى الرجعية·