دينا محمود (لندن)
أكد موقع «فرونت بيدج ماجازين» الإلكتروني الأميركي أن ما يمارسه النظام القطري من «استرقاق» بحق العمالة الأجنبية لا يُقارن سوى بما كان سائداً من ممارسات عبودية في العصور الغابرة، مندداً بتعمد وسائل إعلام مرموقة في الولايات المتحدة، التغاضي عن الجرائم التي تُرتكب بحق هذه الفئة من العمال، على يد الشركات والمؤسسات العاملة في قطر.
وشدد الموقع في تقرير، على أن صحفاً أميركية تُعرف بعلاقاتها المشبوهة مع الدوحة، تحرص على ألا تحرك ساكناً حيال الأرقام الصادمة المتعلقة بعدد الضحايا من العمال المهاجرين في قطر، ولا تكترث بما تقوله منظمات حقوقية إقليمية ودولية، من أن أولئك البؤساء يعملون ويعيشون في أوضاع لا تليق حتى بالحيوانات.
وأشار إلى أنه في الوقت الذي تزعم فيه صحيفة مثل «نيويورك تايمز»، أنها معنية بمواجهة مظاهر العبودية قديماً وحديثاً، فإنها لا تتطرق لما يقوم به «نظام حكم متطرف كذاك الموجود في قطر على هذا الصعيد»، مؤكداً أن ما يحدث على يد «نظام الحمدين» يمثل صورة أسوأ مما كان عليه الحال في القرن السابع عشر، في البقعة التي أصبحت بعد ذلك تشكل الولايات المتحدة بشكلها الحالي.
وقال إنه بينما تحاول هذه الصحيفة إلصاق تهمة استرقاق البشر بالحضارات الغربية وحدها، فإنها تتغافل عن أن هذه الممارسة الشائنة، وُجِدَت منذ عصور ما قبل التاريخ «ولا تزال قائمة حتى الآن، في ظلال الأبراج الموجودة في قطر»، في مظهر براق تستهدف الدوحة من ورائه إضفاء طابع عصري على الحياة فيها، وإخفاء ما تعج به من ممارسات عنصرية وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.
وأشار إلى ما أكدته منظمات حقوقية من أن المظهر الخارجي للعاصمة القطرية يجعلها تبدو «وكأنها مدينة سويسرية»، مع أن المعطيات على الأرض تشير إلى أن قطر كلها ليست سوى «بيت من ورق» قابل للانهيار في أي وقت، في ظل التناقضات الحادة والصارخة القائمة فيها، على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، وحتى على مستوى التركيبة السكانية.
وأفادت تقديرات موثوق بها بأن العمال النيباليين الموجودين في قطر مثلاً «يلقون حتفهم بواقع عامل واحد يومياً، خلال مشاركتهم في تشييد المرافق اللازمة لاستضافة النسخة المقبلة من بطولة كأس العالم لكرة القدم المقررة عام 2022، والتي حصلت الدوحة على حق تنظيمها بفعل دفعها رِشا لمسؤولي الاتحاد الدولي (الفيفا)». وأكدت هذه المنظمات أن النظام القطري سعى لحل مشكلة افتقاره لأي بنية تحتية ضرورية لإقامة المونديال، من خلال إلقاء مسؤولية ذلك الأمر على كاهل ملايين من العمال الآسيويين الفقراء، الذين يعملون 18 ساعة يومياً مقابل ستة دولارات لا أكثر تحت الشمس المُحرقة.
وأبرز التقرير الذي حمل عنوان «لماذا تكذب وسائل الإعلام بشأن حقيقة العبودية؟»، تجاهل «نيويورك تايمز» للمواقف الصارمة التي اتخذتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على مدار العامين الماضيين حيال نظام تميم بن حمد، والتي حرمت هذا النظام المتخم باحتياطيات الغاز الطبيعي والمتورط في ممارسات العبودية والاسترقاق، من أن «يراكم مزيداً من الثروات». وأشار إلى أنه كان من المستغرب ألا تلقى مواقف مثل هذه -تُضْعِفْ من قوة أنظمة قمعية مثل «نظام الحمدين»- تشجيعاً من جانب الصحيفة، بدلاً من معارضتها المستمرة، دون مبرر لسياسات إدارة ترامب، خاصة تلك التي تُتَخَذ حيال الشرق الأوسط.
ولفت التقرير الانتباه في هذا الصدد إلى «التعامي الصارخ» من جانب «نيويورك تايمز» عما يحدث في قطر، التي وصفها بأنها «تلك الدولة التي يوجد فيها ملايين من العبيد (في إشارة إلى العمال الأجانب)، ممن يشكلون 90% من السكان، ويكدحون تحت إمرة أرباب عملهم في ظل درجات حرارة مميتة، وهو ما يُعرّض حياتهم للخطر، ليموتوا بالآلاف، بل وتتعرض النسوة منهم لانتهاكات جنسية». واستغرب ألا تخصص «نيويورك تايمز»، أو غيرها من وسائل الإعلام الأميركية المنحازة بشكل مفضوح لصالح «نظام الحمدين»، جانباً من تغطياتها لفضح ما يجري بداخل الدوحة من انتهاكات وجرائم، قائلاً إنه بدلاً من ذلك تحرص الصحيفة على إرسال موفدين عنها وصحفيين يعملون لحسابها إلى الدوحة في رحلات، لا يجرؤون خلالها على إماطة اللثام عن حقيقة ما يصفه كثير من الحقوقيين المرموقين بـ«إمارة السخرة» القائمة في قطر.
وحذر محللون من أن تفاقم الانتهاكات المُمارسة ضد العمال الأجانب في الأراضي القطرية قد يدفعهم إلى الانفجار، مُشيرين في هذا الصدد إلى الإضراب الفريد من نوعه، الذي شارك فيه آلاف منهم قبل أسابيع، وذلك في تحرك كشف زيف ما أعلنه النظام الحاكم في الدوحة، من إجراء تعديلات على النظم والقوانين التي تحكم التعامل مع هذه الفئة من العمالة، بما يكفل وضع حد للانتهاكات الشائنة التي تُرتكب بحقها! وقد اعتبرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن إقدام هؤلاء العمال على الإضراب رغم حظره من جانب «نظام الحمدين»، يشكل دليلاً على أن لا شيء تغير تقريبا على صعيد المعاملة اللا إنسانية، التي تلقاها العمالة المهاجرة في قطر، والتي يربو عددها على مليونيْ عامل.