أسماء الحسيني (القاهرة_الخرطوم)
أعلن محمد الفكي، الناطق الرسمي باسم المجلس السيادي السوداني، أمس، أن الإعلان عن الحكومة السودانية الجديدة سيتم خلال 24 ساعة كأقصى تقدير. وفي جوبا، أعلنت الجبهة الثورية السودانية إنجاز ما أسمته الوحدة الاندماجية، واختارت الهادي إدريس رئيساً للجبهة، والقائد مالك عقار نائباً له، والدكتور جبر إبراهيم أميناً عاماً.
وقال الفكي، الذي تمت تسميته، أمس، متحدثاً رسمياً باسم مجلس السيادة، عقب اجتماع استثنائي للمجلس، بحضور رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، إن الحضور استمعوا إلى شرح من حمدوك حول أسباب تأخير التشكيل الحكومي، والصعوبات التي تواجهه المهمة في بعض الوزارات.
وأضاف، أن حمدوك يرغب في أن تكون الحكومة أكثر تمثيلاً لولايات السودان وللأجيال التي شاركت بالثورة، بالإضافة إلى مقتضيات التوازن النوعي، مشيراً إلى أن المجلس السيادي قد تفهم أسباب التأخير ووعد بالمساعدة في إكمال أسماء الوزراء. وتابع، أن المجلس سيعقد اجتماعاً اليوم، بحضور رئيس الوزراء، في إطار التدارس والتشاور بين مجلس السيادة والجهاز التنفيذي.
وبحث اجتماع مجلس السيادة ورئيس الحكومة قضيتين أساسيتين، هما تشكيل مفوضية السلام وتأخر تشكيل الحكومة التنفيذية. وأكد الاجتماع على ضرورة الإسراع في تشكيل مفوضية السلام لارتباطها بالتفاوض مع الحركات المسلحة، ولارتباط قضية السلام بالستة شهور الأولى من الفترة الانتقالية، حسبما نصت عليه الوثيقة الدستورية.
وقال محمد حمد سعيد، الأمين السياسي لتحالف «نداء السودان» والقيادي بقوى الحرية والتغيير، لـ«الاتحاد» إن حمدوك سيعلن عن تشكيلة حكومته الجديدة خلال ساعات. وأكد أن هناك توافقاً تاماً بشأن معظم الحقائب الوزارية المختلفة، حيث تمت تسمية أسماء محمد عبدالله لوزارة الخارجية، وإبراهيم البدوي للمالية، وعمر مانيس لوزارة مجلس الوزراء، وأكرم التوم للصحة، وولاء البوشى للشباب والرياضة، وفيصل محمد صالح للإعلام والثقافة، ومحمد عبد السلام للعدل، ومحمد الأمين التوم للتربية والتعليم، وانتصار صغيرون للتعليم العالي، ولينا الشيخ للتنمية الاجتماعية، وعبدالله عيسى زايد للزراعة والموارد الطبيعية، وياسر عباس للري والموارد المائية، ونصر الدين مفرح للشئون الدينية والأوقاف، فيما تبقت وزارات الثروة الحيوانية والحكم المحلي والبني التحتية والنقل والاتصالات.
وقالت مصادر سودانية مطلعة، لـ«الاتحاد»، إن حمدوك دفع بستة مرشحين من اختياره، وشكل لجنة استشارية فنية مستقلة لمساعدته في اختيار باقي الوزراء. وأضافت المصادر، أن اختيارات حمدوك وجدت ترحيباً من معظم مكونات قوى الحرية والتغيير.
وأوضحت المصادر، أن أسماء محمد عبدالله، مرشحة حمدوك لتولي وزارة الخارجية، هي دبلوماسية محترفة، التحقت بالعمل في وزارة الخارجية السودانية في الثمانينيات، وتم فصلها مع مجيء حكم الجبهة الإسلاموية عام 1990، وكانت وقتها بدرجة وزير مفوض بسفارة السودان في موسكو، وتنقلت بعدها في العمل بعدة منظمات وهيئات إقليمية ودولية، كان آخرها العمل بمنظمة «الإيسيسكو» في العاصمة المغربية الرباط، وعرف عنها أنها صاحبة شخصية مستقلة وقوية، وملمة بتفاصيل السودان، ولا تنتمى لأي اتجاه سياسي.
يأتي ذلك في وقت، وصل وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، إلى السودان في زيارة التقى فيها الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، وحمدوك، إلى جانب شخصيات من قوى الحرية والتغيير. وتجول وزير الخارجية الألماني في شوارع الخرطوم، وزار ساحة الاعتصام أمام القيادة العام للجيش.
وأوضح الوزير الألماني، أن لقاءه مع ممثلي الثورة السودانية جاء للتعبير عن تقديره لهم. وتابع: «نود أن يكون السودان قادراً على استغلال الفرصة التاريخية، بعد سنوات من العزلة لتلقي الدعم الضروري من المجتمع الدولي».
وأكد حمدوك، في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الألماني، على ضرورة حذف اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب، متوقعاً اتخاذ تلك الخطوة قريباً.
ومن جانبها، أعلنت بريطانيا استعدادها للمساهمة في عملية بناء السودان، جاء ذلك خلال لقاء السفير البريطاني بالخرطوم، عرفان صديق، مع عضو مجلس السيادة السوداني محمد حسن التعايشي.
وقال التعايشي، لـ«الاتحاد»: إن اللقاء بحث إمكانية تعاون النظام الجديد في السودان مع المملكة المتحدة، فيما يتعلق بملفات السلام والديمقراطية والاقتصاد وحقوق الإنسان. وأعرب عن تقديره لتفهم المملكة المتحدة لطبيعة وتوجه النظام الجديد، واستعدادها للمساهمة الفعالة في عملية البناء.
وقال سياسيون وخبراء سودانيون، لـ«الاتحاد»: إن هناك تزايداً في الاهتمام الدولي بالسودان، بعد التغيير الذي أطاح بنظام الرئيس المعزول عمر البشير، وبدء المرحلة الانتقالية، لأسباب تتعلق بالأهمية الجيواستراتيجية للسودان في المنطقة العربية والقارة الأفريقية، رغم ما يواجهه السودان من تعقيدات تتعلق بأوضاعه الاقتصادية، التي عانت كثيراً من عزلة دولية في ظل النظام السابق.
وتوقعوا خروج السودان من عزلته الدولية، وحدوث تعاطى إيجابي مع هياكله الانتقالية في المرحلة المقبلة، خاصةً أن هناك نوعاً من الثقة تتولد في الاقتصاد السوداني، ساهم فيها وجود حمدوك الخبير الاقتصادي الدولي المشهود له بالكفاءة والخبرة.
وفى غضون ذلك، رحبت جهات عديدة داخل السودان وخارجه، بقرار رئيس مجلس السيادة السوداني، بإعادة بث خدمة إذاعة هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» في السودان. وذلك بعد 9 سنوات من قرار اتخذه نظام البشير بإيقاف البث. وقالت مصادر مطلعة: إن فريقاً من بي بي سي سيصل الخرطوم في غضون أيام لإكمال التباحث مع السلطات السودانية حول إعادة البث.
وعلى صعيد آخر، ارتفع عدد ضحايا الأمطار والسيول والفيضانات التي ضربت مناطق شاسعة من السودان في الأيام الماضية إلى 78 قتيلاً وأكثر من 100 مصاب، فضلاً عن الأضرار في المرافق والممتلكات.
كما تسببت الفيضانات بخسائر جسيمة في الممتلكات الخاصة والعامة، والمرافق الخدمية الأساسية من مستشفيات ومدارس في 14 ولاية سودانية، خصوصاً في الخرطوم، حيث لا تزال السلطات تحاول حصر الأضرار وعدد الضحايا المرجح للارتفاع بسبب صعوبة الوصول إلى كثير من المناطق المتضررة.