أحمد النجار (دبي)
لم تتلق الفنانة الإماراتية القديرة موزة المزروعي أي عروض فنية منذ عامين، ورفضت رائدة المسرح والدراما المحلية التي قدمت الكثير من الأعمال منذ فترة السبعينيات، أي أدوار تمثيلية متواضعة لا تحترم قيمتها كفنانة قديرة، ولا تنصفها من حيث القيمة والحقوق.
وأكدت في حوارها لـ«الاتحاد» أن الدراما المحلية لا بد أن تعود إلى سابق عهدها، وتكون كلمة الفصل للجان فنية متخصصة تجيز نصوصها وتشرف على إنتاجها تحت إدارة التلفزيون، لحمايتها من مزاجية المنتجين وانزلاقها إلى الربحية على حساب المحتوى المجتمعي وجودة الكادر المؤهل إلى جانب عناصر الإبداع الإخراجي.
أدوار المرأة
وأرجعت سبب بعدها عن الشاشة، إلى عدم تقدير أمهات الدراما لاسيما أنها من أوائل الفنانات اللواتي لعبن أدواراً تمثيلية في فترة السبعينيات والثمانينيات، عندما كانت الساحة الفنية آنذاك تفتقر إلى وجود العنصر النسائي، وكان يبذل الممثل جهداً بتغيير ملامحه بالرتوش والأزياء لأداء أدوار المرأة بشكل مقنع.
المزروعي التي تعد أول عنصر نسائي اعتلى خشبة المسرح عام 1973، عبرت عن أسفها لحال الدراما المحلية في العشر سنوات الأخيرة، ما دفعها إلى قرار الاعتزال المؤقت حتى إشعار آخر، وقالت: «اخترت حقل التطوع بمعزل عن الفن، وانضممت إلى الهلال الأحمر الإماراتي، وعضوة فاعلة في نادي «ذخر» التابع لهيئة تنمية المجتمع بدبي، وأسعى دائماً لتقديم خدمات تطوعية لدعم المبدعين والمواهب الفنية الشابة من طلاب الجامعات، وذلك يتجلى من خلال إسهاماتي في عديد من الأدوار التمثيلية بدون أجر مع مخرجين إماراتيين شباب أمثال نائلة الخاجة في فيلمها «الجارة»، والمخرج عبدالرحمن المدني في فيلم «بشكارة»، معتبرة تلك المشاركات أثمن بكثير مما تلقته من عروض في الآونة الأخيرة، بكونها أدوار تحترم مشوارها الفني الكبير، بينما عروض المنتجين لم تعطها حقها من الاهتمام والتقدير بصفتها من جيل المؤسسين سواء في مستوى حجم الدور أو المردود المستحق.
فنانات الرعيل الأول
وأوضحت موزة المزروعي أن اعتزالها المؤقت جاء نتيجة تهميش بعض المنتجين الذين كانوا «زملاء مهنة»، ثم أصبحوا يديرون شركات إنتاج، يتعاملون مع الفن من ناحية ربحية، ويساومون النجوم الكبار على أدوار متواضعة ومشاهد هامشية بأجور زهيدة، لا تتناسب مع سيرتهم الفنية الطويلة أو مكانتهم في وجدان جمهورهم، ما أدى إلى اعتزال واختفاء الكثير من الفنانات القديرات من فنانات الرعيل الأول، أمثال سميرة أحمد ورزيقة طارش وغيرهما، عوضاً عن استثمار تلك الوجوه في إغناء المشهد الدرامي المحلي.
تهميش للرائدات
وأضافت: كنا نملأ الفراغ التمثيلي على خريطة المسرح والدراما في ظل افتقار الساحة المحلية للعنصر النسائي في فترة السبعينيات والثمانينيات، وقدمنا العديد من الأدوار المهمة التي لا تزال بصماتها عالقة حتى اليوم في الذاكرة الفنية، لكننا لم نحصد اليوم من ثمار ما زرعنا، سوى التجاهل والتهميش وعدم إنصافنا بالحضور المشرف والأدوار الجيدة والحقوق التي تليق بنا كرائدات.
عودة مشروطة
وآخر تجربة درامية خاضتها قبل نحو 5 أعوام في مسلسل «وش رجعك» رفقة الفنان العماني إبراهيم الزجالي والفنانة بدرية أحمد وجمعة علي والكويتية شهد الياسين وأبرار سبت، أدت من خلاله دوراً مختلفاً، لكنها لم تتحصل على أجرها على حسب قولها.. وقالت: قطعت عهداً على نفسي ألا أعود إلى الدراما والتمثيل إلا بشروطي الخاصة التي تضمن لي الحقوق والتقدير وتحترم مكانتي وعمري الفني.
تشويه اللهجة
وذكرت المزروعي أن شروطها للعودة لا بد أن يرافقها أيضاً عمل درامي جيد بنص ناضج ودور هادف يليق بـ «أم المسرح» ويقدرها معنوياً، لافتة إلى أن الدراما المحلية تعاني أزمة عدم وجود كاتب سيناريو جيد وغياب اللهجة المحلية بأصالتها وتقاليدها حيث لا توجد رقابة فعلية عليها، كما تفتقر إلى الوجوه النسائية المحلية، وتستعين بوجوه عربية غير مؤهلة ترتكز على مقومات المظهر والشكل على حساب جوهر الأداء، فضلاً عن أنها لا تؤدي دور المرأة الإماراتية بكامل عفويتها وهويتها، خاصة في أعمال الكوميديا التي شوهت بحسبها قيم المجتمع الإماراتي بنماذج تمثيلية لا تجيد اللهجة، وتقدم الشخصية الإماراتية بشكل ساخر وبأداء ركيك ومضمون لا يرقى إلى المأمول، تماماً كما هو الحال في مسلسل «الطواش».
إجازة النصوص
وأكدت الفنانة موزة المزروعي على ضرورة إعادة مراجعة المحتوى الدرامي الذي يتم ضخه سنوياً في المواسم للمشاهد المحلي المتعطش لأعمال هادفة تمثل قيمه وتلامس همومه وتعالج قضاياه، مشددة على أهمية دعم إجازة النصوص الدرامية، ورفض أي عمل رديء لا يخضع للمعايير والتصنيف لضمان الارتقاء بجودة المضمون الراقي، مع إفساح المجال أمام الممثل المحلي، خاصة المواهب الشابة واحترام الرواد الأوائل، واستيعابهم في الأعمال كلها، بصفتهم الرهان الرابح في الخبرة والحضور والقيمة.