حوار - بسام عبدالسميع
قال المهندس محمد إبراهيم الحمادي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية: إن 53 موظفاً في شركة «نواة للطاقة» تمكنوا من الحصول على ترخيص الهيئة الاتحادية للرقابة النووية للعمل كمديري تشغيل ومشغلي مفاعلات نووية. وكان من بينهم 22 مديراً إماراتياً، ضمنهم أول مواطنتين تحصلان على هذا الترخيص. ويستعدون جميعاً لتشغيل المحطة الأولى في براكة، وفق أعلى المعايير العالمية الخاصة بالأداء التشغيلي.
وبين الحمادي، في حوار مع «الاتحاد»، أن مشروع محطات براكة للطاقة النووية السلمية بدأ في دعم النمو الاقتصادي والاجتماعي للدولة منذ تأسيسه، عبر تطوير سلسلة إمداد قوية ومنح الشركات المحلية عقوداً لتوريد منتجات وخدمات للمشروع تتجاوز قيمتها 14 مليار درهم، إلى جانب مساعدة الشركات المحلية على تطوير منتجاتها وفق معايير قطاع الطاقة النووية، ما مكنها من تصدير منتجاتها للسوق العالمي، بالإضافة إلى تطوير الكادر البشري وتوفير وظائف مجزية، والمساهمة في الحفاظ على البيئة، من خلال الحد من انبعاث نحو 21 مليون طن من الغازات الكربونية سنوياً.
وأفاد الحمادي، بأن مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، تواصل العمل بخطى مدروسة وواثقة نحو إنجاز مشروع محطات براكة للطاقة النووية السلمية في منطقة الظفرة بأبوظبي، وهو المشروع الأول والأكبر من نوعه في العالم العربي، فبعد اكتمال الأعمال الإنشائية في المحطة الأولى في مارس 2018، وصلت أحدث نسب الإنجاز الكلية في المحطات الأربع إلى أكثر من 93%، بينما تجاوزت نسبة الإنجاز في المحطة الرابعة 82%، فيما تجاوزت نسبة الإنجاز في المحطة الثالثة 91%، ووصلت نسبة الإنجاز في المحطة الثانية إلى أكثر من 95%.
توضح هذه الأرقام، أن الأعمال الإنشائية في محطات براكة تمضي قدماً بثبات وأمان، وهو ما يبرز مدى خصوصية وتميز المشروع، حيث تمكنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية من إدارة وقيادة عمليات الإنشاء والاختبار المتزامنة في المحطات الأربع، والأهم نجاح المؤسسة في تطبيق الدروس المستفادة من المحطة الأولى في الثانية والثالثة والرابعة.
مراجعة شاملة
وقال الحمادي، إن أولى محطات براكة للطاقة النووية السلمية تخضع حالياً للمراجعة الشاملة، تحضيراً لبدء مرحلة العمليات التشغيلية، والتي تجريها شركة نواة للطاقة والتي تستهدف تحميل الوقود النووي في مفاعل المحطة خلال العام المقبل.
وفي الواقع تسير العمليات في هذا الإطار وفق الجدول الموضوع لها، حيث تخضع المحطة الأولى الآن لعدد من الاختبارات استعداداً لمرحلة المراجعة التنظيمية واستلام رخصة تشغيل المحطة من قبل الهيئة الاتحادية للرقابة النووية.
وأضاف «منذ بداية المشروع، كانت توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بالاهتمام بتطوير الكفاءات الإماراتية المتخصصة، هي الأساس في اهتمام مؤسسة الإمارات للطاقة النووية باستقطاب الشباب والشابات الإماراتيين وتوفير المنح الدراسية والبرامج التدريبية التي تضمن اكتسابهم المعارف والخبرات التي تؤهلهم لقيادة البرنامج النووي السلمي الإماراتي مستقبلاً».
وفي هذا الإطار، أطلقنا قبل نحو عشر سنوات برنامج رواد الطاقة، الذي وفر منحاً دراسية لأكثر من 500 طالب وطالبة من أبناء الوطن للتخصص في مجالات الطاقة النووية، وبالفعل شهدنا في يوليو 2019 حصول 15 إماراتياً يشكلون أول مجموعة من الإماراتيين في تاريخ الدولة على ترخيص الهيئة الاتحادية للرقابة النووية كمديري تشغيل ومشغلي مفاعلات الطاقة النووية.
وضمت هذه المجموعة فتاتين إماراتيتين، هما هند النقبي التي حصلت على ترخيص الهيئة كمدير تشغيل مفاعل، وهند الزيودي التي حصلت على ترخيص الهيئة كمشغل مفاعل، وهما أول فتاتين في الدولة تصلان لمثل هذا المستوى، وتشكلان نموذجاً مميزاً للمرأة الإماراتية القادرة على الإبداع في أكثر المجالات العلمية تطوراً.
مجموعة ثانية
وإضافة لذلك، وفي مطلع أغسطس 2019، شهدنا حصول المجموعة الثانية من مديري تشغيل ومشغلي المفاعلات على ترخيص الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، وتتضمن هذه المجموعة 38 بينهم سبعة إماراتيين، حيث حصل 24 منهم على ترخيص الهيئة كمديري تشغيل المفاعل والبقية كمشغلي مفاعل.
أعضاء هذه المجموعة ينتمون إلى عدة جنسيات، إلى جانب أبنائنا من مواطني الدولة، إلى جانب الخبراء العالميين العاملين في المشروع، وهم الذين نعلق عليهم الآمال في عمليات التشغيل المستدامة لمحطات براكة.
وإذا ما علمنا أن تشغيل المحطة النووية الواحدة يحتاج لـ 32 مديراً تشغيلياً ومشغل مفاعل، فإننا نكون في المؤسسة وشركة نواة للطاقة قد حققنا نتائج تدعو للفخر، حيث بات لدينا الآن ما مجموعه 53 من مديري تشغيل ومشغلي المفاعلات النووية، يمتلكون المهارات والكفاءات القادرة على تشغيل المحطة الأولى وفق أعلى المعايير العالمية الخاصة بهذا المجال.
أضف إلى ذلك، أننا في المؤسسة نواصل جهودنا وبرامجنا الخاصة بتطوير الجيل القادم من قادة قطاع الطاقة النووية السلمية في الدولة.
وأكد الحمادي أن مشروع محطات براكة للطاقة النووية يساهم في تحقيق خطط منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي، بتوجيهات سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، الخاصة بالتطوير العمراني والحضاري للمنطقة، والتي باتت تشهد نهضة شاملة في ظل الدعم الكبير لسموه لإنجاز مشروع براكة طبقاً لأرقى المعايير العالمية.
وإذا ما نظرنا إلى محطات براكة للطاقة النووية السلمية، فإن العمر التشغيلي لها يزيد على 60 عاماً، أي أنها تنتج كميات كبيرة من الكهرباء لستة عقود، من دون انقطاع، سوى لفترات قصيرة جداً خلال استبدال بعض أعمدة الوقود، الأمر الذي يجعلها من الروافد الأساسية للنمو الاقتصادي والاجتماعي في دولة الإمارات.
التغير المناخي
وقال الحمادي، «كلما أدرك العالم خطورة ظاهرة التغير المناخي، وضرورة التصدي لها من دون تأجيل، زادت أهمية الطاقة النووية السلمية الخاصة بإنتاج كميات وفيرة من الكهرباء من دون انبعاثات كربونية».
وكانت دولة الإمارات سباقة في هذا المجال، من خلال توقيعها على اتفاقية باريس للحد من ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، وكذلك من خلال إطلاق استراتيجية الدولة للطاقة 2050، التي تسعى إلى الحد من البصمة الكربونية الناتجة عن إنتاج الطاقة الكهربائية بنسبة 70% على مدى الأعوام الـ 30 المقبلة. وفي هذا الإطار، ستسهم محطات براكة للطاقة النووية فور تشغيلها في الحد من الانبعاثات الكربونية، بواقع 21 مليون طن سنوياً، كما أنه ومنذ بداية الأعمال الإنشائية لمحطات براكة التزمت المؤسسة بالعمل بموجب لوائح هيئة البيئة – أبوظبي، التي تنسق معها مؤسسة الإمارات للطاقة النووية عن كثب، لضمان سير عمليات الإنشاء وعمليات التشغيل في محطات براكة للطاقة النووية بطريقة مستدامة بيئياً. وبين أن مشروع محطات براكة للطاقة النووية السلمية، يتسم بكونه الأول من نوعه في العالم العربي، حيث يضم أربع محطات متطابقة للطاقة النووية، يجري إنشاؤها في آن واحد، وهو بذلك يعد من أكبر المواقع الإنشائية في العالم. ولتوضيح مدى ضخامة مشروع محطات براكة، يكفي أن نعلم أنه تم استخدام أكثر من 2.5 مليون متر مكعب من الإسمنت، ونحو 279 ألف طن من حديد التسليح خلال العمليات الإنشائية لمحطات براكة الأربع.
وأشار الحمادي إلى أنه منذ الخطوة الأولى في مشروع محطات براكة للطاقة النووية السلمية، تم وضع السلامة على رأس أولوياتنا في المؤسسة وفي جميع مستويات العمل بلا استثناء، حيث تكمن مهمتنا الأساسية في ضمان سلامة المجتمع والموظفين والبيئة والمحطات النووية. وتمكنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، وبفضل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والرابطة العالمية للمشغلين النوويين، من تحقيق العديد من الإنجازات النوعية في مشروع محطات براكة للطاقة النووية، وذلك في إطار التزام المؤسسة بتطوير المشروع، وفق أعلى المعايير العالمية الخاصة بالسلامة والأمان والجودة.
120 مهندساً إماراتياً يشاركون في الإنجاز
أثبت الشباب والشابات الإماراتيون جدارتهم خلال مراحل تطوير مشروع محطات براكة للطاقة النووية السلمية، إذ شارك 120 مهندساً إماراتياً في جميع مراحل إنجاز المحطة الأولى، إلى جانب مساهمتهم في عمليات إنشاء المحطات النووية الثلاث الأخرى.
ويواصل عدد مهم من الكفاءات الإماراتية، برنامجهم التدريبي الخاص بمشغلي المفاعلات النووية، حيث يمتد هذا البرنامج لثلاث سنوات، ويتضمن التدريب في اثنين من أكثر أجهزة المحاكاة تطوراً في العالم تم إنشاؤهما في موقع براكة، والذي يمكّن المتدربين من تطوير مهاراتهم وخبراتهم في إدارة وتشغيل غرف التحكم بالمفاعلات.
وتصل نسبة الإماراتيين الموظفين في المؤسسة والشركات التابعة لها إلى 60%، ويشغلون مختلف الوظائف التقنية والإدارية.