سعيد ياسين (القاهرة)
يحيى شاهين.. من أبرز نجوم السينما العربية، جسد مختلف الشخصيات، وأجاد تقمص شخصية الرجل الورع، والبرجوازي النبيل، والمتدين، والأب الطاغية، وساعده في ذلك بنيانه الجسمي القوي، وصوته المميز، وثقافته العالية. تميز الفنان القدير في شخصية «سي السيد» التي تعد واحدة من أجمل الشخصيات السينمائية العربية، التي أبدعها الأديب العالمي نجيب محفوظ في ثلاثيته الشهيرة، وجسدها شاهين في أفلام «بين القصرين» و«قصر الشوق» و«السكرية».
شخصية «السيد أحمد عبدالجواد» كانت - بحسب مقربين ومعاصرين لشاهين - بعيدة كل البعد عن شخصيته الحقيقية، حيث إنه لم يكن عنيداً أو متسلطاً يسعى لفرض سيطرته على المرأة، ولذلك لم يتردد في الزواج من سيدة أجنبية تكبره بسنوات في العام 1959 مجرية الجنسية، وكانت مطلقة ولديها طفلان.
بعدما أنجب شاهين من زوجته المجرية ابنتين قرر الانفصال بعد ست سنوات لاختلاف طباعه وزوجته، وأخذت طليقته الطفلتين وسافرت إلى المجر، وأصيب بإحباط شديد لمدة عامين، ثم طلب من أقاربه البحث عن عروس تناسبه وتتفهم ظروف عمله، ووقع الاختيار على سيدة تدعى مشيرة عبدالمنعم، تزوجها وانجب ابنة وحيدة هي داليا. وأكدت زوجته في حوار صحفي بعد وفاته بفترة، أنه كان زوجاً حنوناً عطوفاً، وصديقاً لابنته التي علمها الكثير من معاني الحرية والأمل والحياة. ولد يحيى شاهين في حي ميت عقبة بالجيزة في 28 يوليو 1917، وظهرت ميوله الفنية مبكراً، ورغم حصوله على بكالوريوس هندسة النسيج، إلا أنه انضم لجمعية هواة التمثيل.
تقدم شاهين إلى الفنانة فاطمة رشدي عندما علم أنها تكوّن فرقة مسرحية لتسافر إلى العراق، وأعجبت بموهبته واختارته للفرقة التي قضت بالعراق أربعة أشهر قدم فيها أدواراً كبيرة لممثلين مشهورين، منهم حسين رياض وأحمد علام، في مسرحيات «يوسف وزليخة» و«مجنون ليلى» و«مصرع كليوباترا» وغيرها. وبعد عودته تم ترشيحه لدور البطولة مع أم كلثوم في فيلم «سلامة» 1945، وتوالت بعده أفلامه، وفي 1951 شارك في بطولة أول أفلام يوسف شاهين «ابن النيل»، وجسد فيه شخصية الشيخ إبراهيم. وفي 1953 جسد شخصية بلال بن رباح في فيلم «بلال مؤذن الرسول».
في منتصف الستينيات، اتجه شاهين للعب دور الأب الطيب الحنون، كما في أفلام «روعة الحب»، و«شيء من الخوف»، و«الأرض»، و«فجر الإسلام»، و«الأخوة الأعداء»، و«إسكندرية ليه». وفي الثمانينيات قدم مسلسلات ناجحة، منها «الطاحونة»، و«شارع المواردي»، و«الأيام» عن قصة حياة الدكتور طه حسين. وكان آخر أعمال شاهين التلفزيونية مسلسل «ما زال النيل يجري»، مع المخرج محمد فاضل الذي كانت تربطه به علاقة صداقة قوية، وقال فاضل لـ «الاتحاد»: إن شاهين كان يؤمن بأن على الفنان التزاماً بأن يعطي لآخر نفس في حياته، طالما لديه القدرة، وهذه أكبر ثروة يجمعها الفنان.