فاطمة عطفة (أبوظبي)
بإعلانها عن تأسيس جائزة «عوشة بنت خليفة السويدي» تكون وزارة الثقافة وتنمية المعرفة قد اصطادت أكثر من عصفور بالحجر نفسه، فهي من جهة تعزز حضور الشاعرة في الذاكرة الثقافية المحلية والخليجية، ومن جهة ثانية تعزز حضور القطاع الخاص في الفعل الثقافي، وتكرس نوعاً من الحضور الإبداعي الفاعل لهذا القطاع على الخريطة الثقافية، وهي من جهة ثالثة تشجع الشعراء على تجويد عطائهم، والإخلاص في ما يقدمون، فالإخلاص لا يذهب عبثاً، وما ينفع الناس يمكث في الأرض ويجد طريقه إلى البقاء، وهي أيضاً من جهة رابعة تضيف علامة نوعية جديدة الى المشهد الثقافي المحلي، وهو ما أكده كُتاب إماراتيون في تصريحات لـ«الاتحاد» تعقيباً على إطلاق الجائزة، وقالوا إنها أثلجت صدورهم، بل واستجابت لطموحات وأحلام ومطالبات لطالما نادوا بها، وتمنوا تحقيقها.
وقال الشاعر محمد البريكي مدير بيت الشعر بالشارقة، إن أهمية هذه الجائزة «تأتي من أوجه عديدة منها، القيمة الإبداعية للشاعرة الراحلة عوشة بنت خليفة السويدي التي تعد رائدة من رواد القصيدة النبطية نظير إسهاماتها في هذا المجال، وهو اعتراف صريح وواضح بما تتمتع به المرأة في الإمارات من حقوق على جميع المستويات، وكذلك يعطي دلالة واضحة على ما يحظى به الشعر في الإمارات من دعم وتقدير واهتمام من قبل الدولة وقيادتها ورجالها المخلصين الذين تربوا على الشعر وعلى الاهتمام به منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى يومنا هذا»، مضيفاً أن مثل هذه الجوائز «وسيلة من وسائل تحفيز الشعراء على تجويد نصوصهم وصقلها لتصل إلى مراتب الجمال والكمال، فالمسابقات الشعرية تدخل المتسابق في مناخ التحدي مع الذات لكتابة نصوص إبداعية تحتوي على كل ما من شأنه جعل القصيدة مكتملة في عناصرها الفنية التي تصنع الدهشة وتحوز الرضا والقبول من قبل الذائقة التي تربت على محبة هذا الإرث الذي تسعى الدولة مع المجتمع للحفاظ عليه وتقديمه في أبهى صورة».
ولفت البريكي إلى أنه اقترح في فعالية تأبينية للراحلة تسمية شارع باسمها، وهو ما تحقق بعد قراءة قصيدته بأيام، وفيها قلت:
يا الإمارات «عوشه» نبضها بالوريد
ترقص أبياتها بين السحب والمهَب
غطّت الزعفران بحرف نابض فريد
وشكّلت من شعور الوجد عقد الذهب
خلّديها لجيل وْجيلْ بعْدَهْ وليد
وخلّدي للزمن «شارع فتاة العرب»
وبصوتها الذي يحمل دائماً فرح الوطن، والفرح لكل فعل جميل قالت الشاعرة شيخة الجابري: «أعتقد أنه بهذه البشارة وهذا الخبر المنتظر قد تحقق أحد أحلامي ومطالباتي التي نشرتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول ضرورة تكريم الشاعرة الكبيرة ذات القامة العالية أم الشاعرات ومدرسة الإبداع عوشة بنت خليفة السويدي»، معتبرة أن «إطلاق هذه الجائزة في يوم المرأة الإماراتية هو تكريم لكل الشاعرات والمبدعات، فالشاعرة الراحلة تستحق أن يُحتفى بها وأن يقدّر عطاؤها، فهي مدرسة فريدة في مجالها وقد نهلنا منها أعذب القول، وتعلّمنا كيف يمكن للشاعرة أن تكون حاضرة بعاطفتها ومشاعرها، وهي في كامل أناقتها الشعرية التي تتسم بالأدب، وسمو الخطاب، وكيف تكون رفيعة الخلق واثقة الفكرة تتعامل مع قصيدتها بحب ووقار».
وأعربت الجابري عن شكرها وتقديرها لرجل الأعمال القدير خلف الحبتور الذي لا يستغرب منه هذا الموقف النبيل لما تمثله عوشة بنت خليفة له ولعائلته الكريمة من قيمة أدبية وفكرية وأسرية ثمينة، والشكر موصول لوزارة الثقافة وتنمية المعرفة التي تبنت الجائزة، ونتمنى أن تكون معاييرها وشروطها في حجم شاعرة رفيعة المستوى، فارهة الحضور وهي «فتاة العرب».
وبدورها ألمحت الروائية مريم الغفلي إلى أن عوشة بنت خليفة السويدي، أيقونة الشعر النسائي في الإمارات، وارتبطت أشعارها بمسيرة الإمارات وتغنى بها أشهر المطربين، مشددة على أنها تستحق الاحتفاء بها فهي رمز وعلم جادت وأجادت، واعتبرت أن تخصيص جائزة سنوية باسمها «حدث غير عادي لأسباب عدة: لأهمية عوشة أولًا، وثانياً لأنها شاعرة بحق وهي مدرسة شعرية لا مثيل لها. وثالثاً لتشجيع الأجيال على الدراسة والتعمق والبحث، وهذا مطلب مهم ورافد للشعر والشعراء».
وأكدت الشاعرة فطيم الحرز، التي سبق لها أن حازت جائزة باسم «فتاة العرب» أن الشاعرة عوشة «مدرسة شعرية عريقة، وأصيلة. كبرنا وتأسسنا على يديها، ونهجها هو النهج الذي يجب على كل شاعر إماراتي أن يسير عليه لأنه تراثنا وتاريخ أجدادنا وهويتنا. وأرى أن مثل هذه المسابقة تحفز وتشجع الشاعرات ليحرصن على المحافظة على الهوية، وإبرازها من خلال قصائدهن».