محمد عبد السميع (الشارقة)
حادثة طريفة، تبدأ بها الكاتبة فاطمة العامري حوارها، تسترجع بها ذكريات طفولتها، معتبرةً أنها الحادثة الأطرف على الإطلاق، قائلةً: «كانت معلمتي تشكو استعجالي تعلم الحروف، وتقول أمي عن هذا الموقف إنها كانت علامة تنبئ بمستقبلي ككاتبة».
بدايةً رسمت طريقها وشكلت وعيها بالثقافة، لتؤمن القاصة الإماراتية بأنه لا يمكن لأي شخص أن يكون كاتباً إذا لم يكن قارئاً في المقام الأول، مشيرةً إلى أن هذا الشغف بالقراءة يجعل الحروف والكلمات والمشاعر والمواقف تحتشد داخل القارئ، ليتساءل فيما بعد لماذا لا يكتب؟
تحكي فاطمة العامري، بدايتها الشغوفة بالأدب في أسرة تهتم بالعلم، حيث كانت مكتبة والدها عاملاً أساسياً في تكوين الجانب الأدبي لديها، سبحت من خلالها في بحور الثقافة، لتنشأ قارئةً لـ«الشابي، وتشيخوف، وتشارلز ديكنز، وألكسندر دوما، ونجيب محفوظ».
ترى العامري، أن تجربتها في برنامج دبي الدولي للكتابة، هي الأجمل والأكثر إثراءً، صقلت من خلالها موهبتها بورشتي عمل القصة القصيرة، وأدب الأطفال، مشيرةً إلى أن التجربة أثمرت عن عملين هما: الوجه وهي مجموعة قصصية، ودفرنتوتة «قصة للأطفال».
وتوضح أن السؤال الأصعب دائماً هو الدافع لماذا نكتب؟ قائلةً: «نحن غالباً نكتب لأننا نشعر أن الكتابة جزءٌ من ذواتنا، حاجة ملحّة، تكاد تشبه حاجتنا للماء، ولا أظنني أبالغ إذا قلت: نحن نكتب لنحيا، ونعيش، ونطمح، ونشفى، ونُعبر، أو ببساطة لنكون أنفسنا».
تجد فاطمة العامري، أن الكتابة الواقعية السحرية أرضاً خصبة للكتابة تؤسس لتنوع الأفكار والمواضيع، لتُخرج لنا عدة أعمال أدبية هي: سر الصرة، التي فازت بجائزة دار زايد للثقافة الإسلامية، وترجمت إلى عدد من اللغات، ونقطة حمراء في الذاكرة، وهي مجموعة قصصية مشتركة مع عدد من الكتاب، بالإضافة إلى الوجه، وذاكرة للبيع، وهي قصة فازت بجائزة دار جامعة أكسفورد للطباعة والنشر، ونشرت ضمن كتاب مشترك، وأخيراً دفرنتوتة، التي تحكي قصة فتاة فضائية مختلفة عن الآخرين، وتمر بعدد من المحاولات لحل مشكلتها في كونها مختلفة، تدور الأحداث في المجمل حول قضية التسامح وتقبل الذات واختلاف الآخرين.
ترى العامري، أن الواقع الأدبي المحلي المتعلق بأدب الطفل في تطور وتقدم مستمرين، موضحةً أن الجهود بدأت تؤتي ثمارها، خاصةً مع وجود عدد من الكتاب الذين يتعاملون مع الكتابة للأطفال بجدية، الأمر الذي يجعلهم يسعون للبحث والسعي للإبداع وتطوير الأدوات.
تؤكد الكاتبة الإماراتية، على أن أدب الطفل يشكل تحدياً للكاتب، في كونه يكتب لفئة حساسة ذات خيالات وشخصية غضة يسهل تشكيلها، لافتةً النظر إلى «ثمة ميول مختلفة لكل فئة عمرية، كما أن الكتابة للأطفال هي منظومة متكاملة تشمل الكاتب، والناقد، والمحرر، والرسام، والناشر، والطفل، إذ يؤدي تغيب أي عنصر إلى خلل في إخراج كتاب ناجح.. كل هذه العوامل تجعل هذا النوع من الأدب مهم، وخطير في وقت واحد».
تختتم العامري حديثها قائلةً: «يحتاج الكاتب الشاب إلى يدٍ توجهه، وتعينه على تجاوز أخطائه، ثم إلى جهةٍ تدعم موهبته، تماماً كما تفعل مؤسسة محمد بن راشد للمعرفة، بالإضافة إلى أن يتحلى بالصبر»، مؤكدةً: «فرحة إخراج كتاب أول ستكون رائعة، لكنها ستكون أروع إذا كانت جادة خالية من أخطاء جوهرية».
الصبر مطلوب
يحتاج الكاتب الشاب إلى يدٍ توجهه، وتعينه على تجاوز أخطائه، ثم إلى جهةٍ تدعم موهبته، بالإضافة إلى أن يتحلى بالصبر، إذ أن فرحة إخراج كتاب أول ستكون رائعة، لكنها ستكون أروع إذا كانت جادة خالية من أخطاء جوهرية